مجرد فكرة

ذئاب تعوى ولا تعض

محمود سالم
محمود سالم

الحكمة تقول إن الذئاب التى تعوى لا تعض.. يعنى أن كثير الكلام لا يفعل شيئا وأن الذى يقول لا يفعل والذى يفعل لا يقول.. تلك الحكمة تترجم مواقف البعض من أحداث فلسطين، وهى الأحداث التى أسفرت عن تغيير شكل المعادلة فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى منذ بدايته حتى الآن، فلأول مرة يتم ضرب إسرائيل فى قلب تل أبيب وعسقلان وأسدود وغيرها  لدرجة أن الإسرائيليين ظلوا داخل الملاجئ بالأمر المباشر رعبا من الصواريخ التى تنهال عليهم. لكن البعض ترك كل ذلك وتفرغ بطريقة قذرة للطعن فى الجيش المصرى متناسيا ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية على مدى سنوات طويلة من آلاف الشهداء والمليارات من قوت الشعب وما قررته  مؤخرا من تخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، والمدهش عدم اقترابهم من قريب أو بعيد من الدولة التى تؤيهم وهى ثالث دولة فى العالم تعترف بإسرائيل بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى عام 1948.. لقد اكتفى خليفة المسلمين بالتنديد والشجب والكلمات المعسولة فقط ولم يفعل مثلما فعل مع أذربيجان ودعمها بالسلاح ضد أرمينيا.. هؤلاء يطالبون الجيش المصرى بالتدخل.. مش هو ده جيش الطواغيت ولا إيه!.. لقد تفرغوا للهتافات الجوفاء وتركوا الفلسطينيين يتجرعون القتل بدم بارد فى أحياء غزة والقدس واللد وأريحا وبيت لحم والبيرة والشيخ جراح وغيرها من المدن!
إننى أسأل منذ بداية الأحداث ولا أجد ردا: أين إيران وأين داعش وأين جبهة النصرة وأين ذهب الانتحاريون وأصحاب السيارات المفخخة وأين اختفى المتاجرون بالدين!.. ياترى انت فين يا قرداتى.. هم أشاوس ضد المصريين.. والحقيقة أننى ظلمت البعض من هؤلاء فقد شمرت إحدى الفصائل المعارضة لبشار الأسد منذ أيام قليلة عن سواعدها وأطلقت قذائفها التى اتجهت نحو 3 من العسكريين السوريين فقتلتهم فورا.. قمة الدقة والسفالة والبلاهة! 
مرة أخرى أقول إن الأحداث غيرت شكل المعادلة فلأول مرة يقولها الرئيس الأمريكى بايدن إن القدس كانت ومازالت مطروحة للتفاوض ولأول مرة يتحدث برقة شديدة عن الحرص على المدنيين فى غزة وإسرائيل بعدما كان الأهطل قد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فى تحد سافر لكل المواثيق الدولية!.. وأقول إن القدس والمسجد الأقصى والدولة الفلسطينية لن تعود إلا على أكتاف كل فلسطينى بعيدا عن الشعارات الواهية والفارغة.. وتبقى مصر هى مصر التى أوقفت نزيف الدم فى غزة.
وبعد.. لقد نسيت التذكير بأن المثل إياه يقول إن الكلاب ــ وليس الذئاب ــ  التى تعوى لا تعض!