إحسان الظن بولى الأمر

 د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر
د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث فى جامعة الأزهر

هل إحسان الظن بولى الأمر، والدعاء له بأن يوفقه الله، ويجرى الخير على يديه؛ يعد تطبيلا ونفاقا له؟!
قال إمام الزهاد، سيدنا الفضيل بن عياض رضى الله عنه: «لو أن لى دعوة مستجابة؛ ما جعلتها إلا فى السلطان».وقال إمام أهل السنة، والصابر لله عز وجل عند المحنة، سيدنا الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه: «لو لى دعوة مستجابة؛ لصرفتها للإمام؛ لأن بصلاحه تصلح الرعية».يقول هذا مع ما جرى له من ولى الأمر بالحبس والضرب فى محنة خلق القرآن.
وقال إمام الصوفية، سيدنا سهل بن عبد الله التسترى رضى الله عنه: «لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم».
وقال الإمام البربهارى رحمه الله: «إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم انه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح والتوفيق؛ فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله».
هذا هو فقه السلف، وفقه العلماء الربانيين فى التعامل مع ولى الأمر - وعلى هذا أدركنا شيوخنا - لا منهج المفسدين، والمخربين، والمتشائمين، وأصحاب الثأرات والمطامع.
ولم يقل أحد عن هؤلاء العلماء الربانيين والسلف الصالحين: إنهم علماء سلطة، أو مطبلون، أو منافقون، كما يشاع عن نظرائهم اليوم من أصحاب المطامع السياسية، بل لا أشك فى أن من رمى أمثال هؤلاء العلماء بهذه التهمة - وهم برآء منها - أنه يبتلى بمثلها حقيقة، كما شاهدناه واقعا، فمن عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله.
إن اختلافنا مع ولى الأمر ليس مبررا للدعاء عليه، ولا تبغيض الناس فيه، ليس له منا إلا النصيحة، والدعاء له.وماذا يجدى بغض ولى الأمر، أو الدعاء عليه، وتبغيض الناس فيه؛ سوى فساد الدين والدنيا، ثم لن يكون إلا ما كتب الله؟! قل: إن الأمر كله لله.فاعقلوا يا قوم، وكفى حماسة فارغة.