مع احترامى

وثيقة الطيب

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

أعتبر أحاديث الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف طوال شهر رمضان المبارك بما حسمته من قضايا جدلية تحدث فيها القاصى والدانى والعالم والجاهل خلال الفترة الأخيرة «وثيقة مهمة» يجب الاعتماد عليها أو بالأدق وضعها فى الاعتبار عند مناقشتنا لملفين خطيرين أولهما القانون الجديد للأحوال الشخصية الذى يناقشه البرلمان فى دورته الحالية وملف تجديد الخطاب الدينى الذى أصبح ملحا لمسايرة قضايا المجتمع.
قضايا جدلية عديدة حسمها شيخ الأزهر فى أحاديثه أولها: أن للمرأة تولى جميع الوظائف التى تناسبها بما فيها رئاسة الدولة والقضاء والإفتاء بما يعد ردا عمليا على اعتداد ديننا الحنيف بالمرأة التى هى الأم والابنة والأخت والزوجة وزميلة العمل وبما يدحض مزاعم الغرب التى لا تنتهى حول وضع المرأة فى عالمنا الإسلامى.
أيضا أوضح الإمام أن للمرأة أن تسافر دون محرم، متى كان سفرها آمنا، بصحبة ترافقها، أو وسيلة من وسائل النقل، تمنع تعرضها لما تكره.. بما يوضح لدعاة تحرر المرأة أن القيود التى يضعها الإسلام على المرأة إنما تستهدف تكريمها ووضعها فى مكانة عالية والحرص على حمايتها.
ولعل أخطر القضايا التى تناولها الإمام فى ظل تزايد حالات الطلاق بما يضرب أساس الأسرة المصرية ويضر بالأطفال نتاج الطلاق فى المقام الأول قوله إن «الطلاق التعسفى بغير سبب حرام شرعا وجريمة أخلاقية، سواء كان ذلك برغبة من الزوج أو الزوجة، وذلك للضرر الذى يلحق أسرة كل منهما وخاصة الأطفال».
ولعل اللجنة التشريعية فى مجلس النواب والتى تناقش القانون الجديد للأحوال الشخصية حاليا تراعى ذلك فكثير من حالات الطلاق خاصة من باب الخلع كانت من باب الغش والخداع والكثير منها وقعت دون علم الطرف الآخر بما يعنى أن هناك خللا فى إجراءات الخلع يجب تداركه فى القانون الجديد لسلامة الأسرة التى هى لبنة المجتمع.
الأمر المهم أيضا الذى تناوله شيخ الأزهر أنه لا وجود لبيت الطاعة فى الإسلام باعتباره إذلالا للمرأة وسوء معاملة لا يرتضيها ديننا الحنيف وكم أثار هذا الأمر من ظلم كبير للنساء يجب مراعاته أيضا فى قانون الأحوال الشخصية الجديد.. أيضا قال الإمام أن للزوجة أن تخرج من المنزل فى الأحوال التى يجوز فيها الخروج شرعا أو عرفا، من غير تعسف منها فى استعمال هذا الحق.. وهذا فى اعتقادى تفسير مهم لعدم التعسف فى مسألة خروج المرأة من المنزل وفى الوقت نفسه ضمان عدم تعسف المرأة فى استخدام هذا الحق بما يسيء إليها ويسيء للرجل بالتبعية وينقص من قوامته.
وحسم شيخ الأزهر وهو العالم المنهاجى قضية الذمة المالية للمرأة والتى اختلف حولها الكثيرون بقوله: إذا كانت الزوجة سببا فى تنمية ثروة زوجها، فلها أن تحدد لنفسها نصيبا تحتجزه من ثروة زوجها وهو حى، بمقدار ما شاركت فيه أو تستوفيه بعد الوفاة من تركته قبل تقسيمها.. وقد كان التفسير الخاطئ لذلك الأمر سببا فى وقوع ظلم فادح على كثير من النساء.
وحول ما يثار فى المجتمع منذ فترة ليست قصيرة من انتقادات للتراث الفقهى والمطالبة بتجديد الخطاب الدينى دعا شيخ الأزهر لعدم ‏تقديس التراث الفقهى، أو مساواته بالشريعة باعتبار ذلك يقود لجمود الفقه الإسلامى المعاصر، نتيجة تمسك البعض بالتقيد حرفيا بما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة كانت تمثل تجديدا ومواكبة لقضاياها فى عصرها.. فى اعتقادى المتواضع أن ما أثارته أحاديث الشيخ الطيب من قضايا وعن رأى الشرع وأصول الدين حولها يضع أساسا مهما لعلاج الخلل الاجتماعى الذى نعانيه حاليا ويضع الأساس الصحيح لمفهوم تجديد الخطاب الدينى بما يراعى التغيرات التى يشهدها المجتمع فما التراث الفكرى سوى نتاج ظرف ومكان وحال الناس وقت إصدار الرأى الفقهى وما الفقه سوى ابن للظروف والأحوال لصالح العباد.