حكايات| تعويذة «كفكفية» للثعابين.. أسرار صائد الأفاعي لإنقاذ البيوت

محمد أسعد
محمد أسعد

كتب: حمد الترهوني


بصوته هادئ لا يخلو من الكلمات الصوفية والاستعانة بأولياء الله الصالحين، يركب الرجل الأربعيني محمد أسعد بساط قدميه ليطير بين شوارع المنيا باحثا عن الثعابين بين جدرانها.

 

"مدد يا سيدى يا أبو العلمين يا رفاعي".. كلمات لا يتوقف محمد عن ترديدها بعد أن ذاع صيته كـ"حاوي" أو "رفاعي" متخصص في صيد الثعابين داخل المنازل حتى بات أحد أشهر الحواة الموجودين في المنيا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أما هذه المهنة الغامضة والمليئة بالأسرار فتمثل عهد حملها آل الرفاعي ومن خلالهم يتم إخراج الثعابين من منازل الأهالي وحظائر الماشية والمزارع.

 

وبالقسم أو تعويذة يطلقون عليها كفكفية ؛حيث يقولون بعض التعزيمات ويتلون قسمًا معينًا على نهج هذه الطريقة لإخراج الثعابين من جحورها، وينتشر اسم الحاوي أو صائد الثعابين أو صاحب المدد في القرى بالمنيا.

 

أسعد أطلق العنان ليده تتلاعب مع ثعبان يمسك به ثم بدأ في الحديث قائلا: "عمري 45 سنة ولدي 6 من الأبناء منهم في المدارس وبعضهم لم يذهب للتعليم من الأساس.. قصة صيد الثعابين هذه توارثتها عن والدي".

 

 

بدأ تعلم صيد الأفاعي حين كان طفلًا يبلغ من العمر 8 سنوات ليمتد مشوار عمله فيها أكثر من 30 عاما، حيث يرى سعادته في نزع الرعب والخوف من قلوب الأهالي ولا يطلب أجر نظير استخراجه.

 

لكن للحاوي أسرار لا يعرفها إلا أبناء المهنة أولها قسم وعهد سيدي أبو العلمين أحمد الرفاعي، والتعرف على أماكن الموجود بها الثعابين يكون عن طريق شم الثعبان لمادة اسمها الكرفة.

 

وهذه المادة حين يشمها الثعبان يصرخ بعدها فيعلم صائد الثعابين أو الحاوي أنه يوجد في هذا المكان ثعبان فهي مثل الترياق الذي يشبه رائحة الوليفة عندما يشمه الثعبان يخرج ويظهر نفسه ثم يقوم بصيده ولكن لا يجوز لأحد أن يستخدم هذا القسم من غير أن يكون مؤهلًا أو لديه عهد وإلا سوف يعرض نفسه للأذى.

 

يفتخر أسعد بما لديه من إمكانيات على صيد جميع أنواع الثعابين، وكل نوع له طريقة مختلفة في الصيد والإمساك به، لاختلاف سلوك بعضها البعض، وتعد أخطرها الكوبرا والطريشة والحية الغريبة، وغالبا يسكنون الصحراء.

 

أما المنازل التي يهاجمها الثعابين ويتعرض الأهالي لخطر اللدغ، ويقوم بهذا العمل مقابل تقاضي قدرا صغيرا من القمح فقط من أجل حماية الأهالي من هجوم الثعابين.


 

 

 

يتمتم أسعد بكلماته خلال عمله لإخراج الثعابين من جحورها مسالمة مستسلمة، فيعطيها الأمان ولا يؤذيها، وكلما استجابت لندائه الذي يسميه "قسم الرفاعي" أو "العزيمة".

 

أما أخطر المواقف التي تعرض لها أثناء استخراج الثعابين فكان في سن 12 عاما؛ حيث حضر إلى منزل أحد الأشخاص وكان يصرخ ويستغيث من وجود ثعبان داخل حظيرة المواشي الخاص به وعندما دخل وأقسم القسم خرجت كبرى من جحرها مسالمة فيعطيها الأمان وفجأة قامت بالقفز علي ولدغته في إصبعه ولكن في النهاية تمكن من الإمساك به.

 

ورغم المشوار السابق رفض محمد أسعد مهنة الحاوي لأي من أبنائه خوفا عليهم منها لأن عالم الثعابين واسع، ومن الممكن أن يتعرض بعضهم إلى الخطر في أي لحظة.