التلوين.. لإحياء تراث الفن المصرى «مدرسة المشاغبين» أول المسرحيات

مسرحية «مدرسة المشاغبين»
مسرحية «مدرسة المشاغبين»

مرفت عمر 

شاهد عدد من جمهور العيد مسرحية «مدرسة المشاغبين»، بعد تلوينها للمرة الأولى منذ أن عرضت عام 1973 للمخرج جلال الشرقاوي، وبطولة عادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلي وأحمد زكي ويونس شلبي وعبد الله فرغلي، وجاءت التعليقات حولها متباينة منهم مستمتع وآخر رافض أو لم يشعر بفرق يذكر، فعلق البعض أنه لم يشعر بفرق عما شاهده من قبل، بينما رأى البعض الآخر أن العمل على وضعه الأول ارتبط بذهنه وأصبح غير قابل للتغيير، إلا أن نسبة أخرى من المشاهدين  لا يستهان بها ترى أن الألوان والتقنيات الحديثة هي المستقبل ومواكبته تتطلب هذا التجديد، خاصة أن العمل الأصلي لا زال متاحا للمشاهدة كما هو، أيضا عبر عدد من كبار النقاد والسينمائيين عن عدم ترحيبهم بتلك الخطوة، رافضين التغيير في أعمال جاهزة. 

اقرأ أيضا| عمرو أديب يعلن تقديم «مدرسة المشاغبين» بالألوان | فيديو

والتلوين سبق تنفيذه في مصر منذ سنوات طويلة على أعمال فنية كثيرة منها أغنيات وأفلام، وخلاف نسخ الأعمال الفنية وصور الأفلام القديمة المرمّمة من هيئات ومؤسسات رسمية، انتشرت بعض المبادرات الفردية التي أنتجت مئات المواد الفنية التي تلوّن باستخدام برامج حديثة، لتكون نسختها الجديدة أقرب إلى الألوان الأصلية، وهو أمر بدا أكثر سهولة بتقنيات ذكية، ومواقع لعرض مواد فنية هائلة بالأبيض والأسود بعد تلوينها، تتنوع بين المسرحيات والأفلام والمسلسلات والأغنيات واللقاءات البرامجية أيضاً، والأمر في البداية كان يستغرق شهوراً طويلة، وتلوين الفيلم الواحد ما بين أسبوعين إلى ثلاثة، فالهدف ليس تفريغ الأعمال من قيمتها وسحرها، إنما محاولة لإحياء أعمال قديمة بعد تقدم علوم الكمبيوتر بشكل كبير في آخر عشر سنوات وقدرتها على معالجات البيانات بالذكاء الصناعي، محاولة لجلب اهتمام المشاهد مرة أخرى بشكل جديد، وإعادة رونق التراث القديم بكسوته بثوب جديد للجمهور، وهناك كثير منها، نشاهدها عشرات المرات، ولا نمل، بل تكاد تكون محفوظة عن ظهر قلب»، والمؤكد أن الأفلام والمسرحيات القديمة ستظل دائماً ساحرة وعتيقة بما تحمله من ذكريات لجميع الأجيال، وهي الحقبة الأرقى في تاريخ السينما العربية».  والسينما منذ انطلاقها عام 1895 شهدت قفزات كبيرة ومتتابعة في تقنيات الإخراج و المونتاج علي يد رواد السينما الأوائل و بالرغم مِن المحاولات الكثيرة والمتعبة لتلوين الأفلام يدوياً بالفرشاة للنسخ السالبة الأصلية إلا أن النتائج لم تكن مرضية علي الإطلاق حيث لم يتم الحصول علي تلوين في باديء الأمر إلا علي يد المصور الضوئي الإنجليزي ج.أ سميث بإختراعه الذي جعل السينما تتخذ منعطفا أكثر مِن رائع و الذي هو اختراع تقنية ثنائية الألوان والتي اخترعها سنة 1907، أما عن سينما الألوان التى اقتحمت السينما المصرية فى مطلع الأربعينيات، فيمكن اعتبار محاولات تلوين أغنية «يوم الاثنين» من فيلم لست ملاكاً للمطرب محمد عبد الوهاب، بداية ظهورها فى مصر عام 1946، أعقبها فيلم «بابا عريس» عام 1950 وهو أول فيلم مصرى كامل بالألوان الطبيعية، وتدور أحداثه حول رب أسرة يترك زوجته وابنتيه لكى يتزوج من امرأة لعوب، فتقرر الفتاتان أن تعيدا الأب إلى أحضان الأسرة، بطولة نعيمة عاكف، شكري سرحان، كمال الشناوي، كاميليا، نوال بغدادى، فؤاد شفيق، ماري منيب، تأليف وإخراج حسين فوزي. 
جاءت محاولة أخرى لإنتاج الأفلام الملونة فى مصر التى قام بها محمد فوزى الذى حاول تلوين فيلمين له، وهما «الحب فى خطر»، و»نهاية قصة» وهى المحاولة التى باءت بالفشل بعد أن احترقت الشرائط قبل وصولها من باريس، وبقيت النسخة الأبيض وأسود لدى التليفزيون المصرى وهو ما كبد «فوزى» مبالغ طائلة، كانت من إحدى أسباب إفلاسه، أما الانطلاقة الحقيقية لسينما الألوان فى مصر فحاز عليها عن جدارة فيلم «دليلة» الذى تم إنتاجه عام 1956 بنظام «سكوب»، وتدور أحداثه حول شاب فقير يعمل كهربائيًّا ويهوى الموسيقى والتلحين، تسكن معه في نفس المنزل فتاة يتيمة تحبه ويبادلها الحب، يتجه في تلحينه نحو التجديد، يكتشف أن حبيبته مريضة بالسل وأن علاجها يحتاج إلى مبلغ كبير لذلك فهو يوافق أن يغني بأسلوب لا يرضى عنه،وتقرر الفتاة أن تضحي بنفسها فتنتحر لتحرره من هذا الوضع، وكان بداية انبهار الجماهير بسينما الألوان، خاصة بعد انتشار أفيش الفيلم الذى بقى خالداً للتاريخ، بعد أن دون الأفيش عبارة «أول فيلم ملون بنظام سكوب فى مصر» تحتها كلمة «بالألوان الطبيعية» بجوار صورة عبد الحليم حافظ وشادية، وجاءت ألوانه نقية بشكل كبير، قام ببطولته عبدالحليم حافظ، شادية، عبدالوارث عسر، فردوس محمد، زوزو ماضي، أحمد الحداد، تأليف علي أمين، إخراج أحمد السبعاوي، وانطلقت من بعده ثورة الألوان على استحياء فى الخمسينيات والستينيات، حتى أصبحت هى العلامة السائدة فى صناعة السينما فى السبعينيات، خاصة فى حقبة أفلام حرب أكتوبر.