فى الصميم

وللفلسطينيين أيضاً حق الدفاع عن النفس

جلال عارف
جلال عارف

قبل أيام، ومع التوسع فى العدوان الإسرائيلي على كل الأراضى الفلسطينية، كان الناطق باسم الخارجية الأمريكية يتحدث للصحفيين عن موقف بلاده، حين فاجأه سؤال صحفى يقول: أنت تكرر الحديث عن حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها.. ألا ينطبق الأمر أيضا على الفلسطينيين؟ أليس من حقهم أيضا أن يدافعوا عن أنفسهم؟.
بدا المتحدث الرسمى وكأنه بوغت بالسؤال الذى أربكه. حاول التهرب ولم ينجح. اضطر فى النهاية إلى القول بأنه غير مخول بالحديث عن هذه القضايا القانونية.. والتى تحدث عنها بالفعل قبل لحظات عندما كان الأمر يتعلق بـ«حق إسرائيل» فى الدفاع عن نفسها!!
هذا المنطق (أو اللامنطق) هو الذى يشل الإدارة الدولية عن فرض الشرعية الدولية على إسرائيل، ويجعلها تتصرف وكأنها فوق القانون، ويمنع مجلس الأمن من التصرف لوقف فورى لإطلاق النار لأن نتنياهو يحتاج للمزيد من الوقت، والمزيد من نشر الدمار وقتل الأطفال الفلسطينيين!!
لكن الهروب من الحقائق لن يفيد، ولن يستمر. انتفاضة القدس كانت ردا مشروعا وضروريا من الشعب الفلسطيني على جريمة «الإخلاء القسري» فى حى الشيخ جراح ثم اقتحام الأقصى الشريف واستباحة القدس العربية من قطعان المستوطنين. وامتداد الانتفاضة إلى الأرض الفلسطينية كلها بما فيها أرض فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ كانت إعلانا بأن الكيل قد طفح من جرائم الاحتلال وعنصريته وإنكاره لكل الحقوق ورفضه لكل محاولات إقرار السلام العادل وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
دخول الفصائل الفلسطينية على الخط (بما له وما عليه) كان تاليا لتحرك شعب فلسطين وتوحد إرادته دفاعا عن القدس وطلبا للحرية والعدالة وتحريرا للوطن من آخر احتلال استيطانى على وجه الأرض.
ومحاولة تبرير العدوان الهمجى على شعب فلسطين بأنه «دفاع عن النفس» هى إنكار للواقع وتشجيع للعدوان وتهرب من المسئولية التى تستوجب ردع العدوان والمحاسبة على كل جرائم الحرب التى ترتكب وإقرار الحق الشرعى لشعب فلسطين (كما كل شعوب العالم) فى العيش بسلام وأمان فى دولته المستقلة وفى قدسه العربية.
لا ينبغى أن تقيد تركة «ترامب» الثقيلة وقراراته الكارثية بحق القدس وفلسطين أن تقيد حركة إرادة الرئيس «بايدن»، ولا ينبغى أن تظل الشرعية معطلة فى كل ما يتعلق بإسرائيل.. إيقاف العدوان الإسرائيلى مهمة عاجلة.وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى هو المهمة الأساسية التى ينبغى أن يحتشد العالم لها، بعد أن ثبت أن تصفيتها هى المستحيل.. لا بالصفقات المشبوهة ولا بالتطبيع المجانى، ولا بحروب الإبادة التى يتعرض لها الفلسطينيون. الحل العادل هو الذى يجلب السلام، وإنهاء الاحتلال هو الطريق الذى لا بديل عنه مهما كانت التضحيات.