إنها مصر

كرم جبر يكتب: التاريخ حكايات تتكرر !

كرم جبر
كرم جبر

الأحداث التاريخية الصاخبة التى مرت بها مصر، تؤكد أن «الكمون» هو السياسة الثابتة التى يتبعها الإخوان، فإذا اشتدت قبضة الدولة اختفوا تحت الأرض، وإذا تهاونت ظهروا واستعرضوا قوتهم.

فعلوا ذلك مع الرئيس جمال عبد الناصر فأيدوا ثورة 23 يوليو ولم يختلفوا مع برنامجها واقتصرت مطالبهم فقط على تعيين بعض الوزراء الإخوان فى حكومة الثورة.

ولكن سرعان ما انتهى شهر العسل وتحول الود إلى غضب، وكانت الضربة الكبرى التى لن ينساها الإخوان فى عام 1965، وظلت ثأرا تاريخيا لم ينسه الإخوان أبدا، وقال عنه محمد مرسى "الستينيات وما أدراك ما الستينيات "

خرج سيد قطب من السجن سنة 1965 وكان يقضى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 عاماً، ولكن لم تمض سوى أسابيع قليلة حتى أعاده عبدالناصر للمعتقل مرة ثانية، وكانت التهمة هى التخطيط لقلب نظام الحكم وتخريب البلاد والقيام بسلسلة من الاغتيالات ونسف القناطر الخيرية وإغراق الدلتا والتسلل إلى القوات المسلحة بتجنيد الشباب من ضباط الاحتياط،وتم ضبط شحنة من الأسلحة للتنظيم السرى للإخوان الذى أعيد تشكيله لتنفيذ الانقلاب.

وانتهت المواجهة بالزج بكل قادة الإخوان فى السجون والمعتقلات، مصطفى مشهور وكمال السنانيرى وعمر التلمسانى وأحمد حسين وعبدالعزيز عطية ومأمون الهضيبى وشكرى أحمد مصطفى وغيرهم،أما سيد قطب فكان مصيره الإعدام شنقاً.

وكانت السجون مثل الصوبة التى نما داخلها العنف وتكفير المجتمع، وأفرزت عقول المعتقلين أفكاراً اكثر سواداً من ظلمة الزنازين.

فتح لهم الرئيس السادات صفحة جديدة وأخرجهم من السجون وقرر الإفراج عنهم، وربما أراد أن يبدأ حكمه بالتصالح مع كل القوى السياسيةً بعد ان اشتد صراعه مع الشيوعيين والناصريين ومراكز القوى، وأياً كان السبب فقد انفتح الباب على مصراعيه لتيارات العنف وانتهت المأساة بقتل السادات نفسه فى المنصة سنة 1981.

كانت غلطة الرئيس السادات أنه ترك نجوم الإخوان يحكمون السيطرة على عقول الشباب.. وتسللوا إلى الجامعات واحتلوا وسائل الإعلام، وكان أخطرهم على الإطلاق عمر التلمسانى الذى تحول فى البلاد من أدناها إلى أقصاها، واستغل صداقته بكبار المسئولين فى الذهاب إلى المؤتمرات التى تعقدها الجماعات الإسلامية، وكان يتمادى فى الهجوم على الدولة بينما يتظاهر برفض العنف، ونفذ بدقة الخطة التى أقرتها الهيئة التأسيسية للإخوان التى انعقدت فى موسم الحج لعام 1975.

نفذ التلمسانى خطة إعادة إحياء تعليمات حسن البنا فى شكل جديد، والسير بالدعوة فى عدة اتجاهات سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية، وظهرت فى أعقاب ذلك المشروعات الاقتصادية الإخوانية وشركات توظيف الأموال التى امتصت دماء المصريين، وتغلغلوا فى الأحزاب السياسية وحصلوا على فرصة ذهبية للعودة إلى الحياة، لكنهم اهدروها وكافأوا السادات بقتله فى المنصة.