كذبة الاقتحام البرى للقطاع تكشف ضعف منظومة دفاع الاحتلال

 قصف صاروخى إسرائيلى على غزة يوم الخميس الماضى
قصف صاروخى إسرائيلى على غزة يوم الخميس الماضى

رغم وحشية القصف الصاروخى الإسرائيلى المنهمر على غزة والضفة، والتهديدات باجتياح برى مدمر لغزة، بل ومع بث أخبار مضللة بوقوع الاجتياح البرى يوم الخميس الماضي، فإن قوات الاحتلال وقفت بالفعل حتي كتابة هذه السطور عند أعتاب الحدود البرية لكلتا المنطقتين الفلسطينيتين ولم تتجاوزها. وسائل الإعلام الدولية اكتشفت الكذبة وبعد أسئلة دقيقة ومحرجة من المراسلين الأجانب اضطر المتحدث باسم قوات الاحتلال للاعتذار لوسائل الإعلام الدولية وخرج على قناة «كان» التليفزيونية العبرية مبررًا الكذبة بأنها تعود إلى خطأ فى اللغة الإنجليزية. إلا ان متابعة صفحة «من قلب إسرائيل» للقناة ذاتها بينت أن الإعلان عن دخول جيش الاحتلال إلى غزة كان باللغة العبرية، وأن البث اللحظى المباشر الذى لم يخل من التشويق والإثارة من المراسل الميداني، لم يتجاوز بث لقطات لتجميع سكان سديروت ونهاريا فى ملاجئ الاختباء مع لقطات للصواريخ الإسرائيلية المنهمرة على غزة.


قبل هذه الكذبة الإعلامية الفاضحة بساعات روجت الصحف العبرية لتقديرات رئيس الوزراء الإسرائيلى ورغبته فى إجراء اقتحام برى للقطاع تهذيبًا لحركة حماس، لكن جاء رد متحدث باسم حماس محبطًا لهذه الحرب النفسية حين قال: «ان الحرب البرية تشكل فرصة لمزيد من عمليات اختطاف جنود الاحتلال داخل القطاع»، فيما فسره المراقبون بأنه ردع مضاد من حركة حماس.. على الأرض ووفقًا للحسابات العسكرية الإسرائيلية ذاتها، بدا قدر من الاعتراف الخجول بضعف قدرة الردع الإسرائيلية فى مواجهة تعاظم قوة الصواريخ الفلسطينية وقدرتها على الوصول إلى قلب إسرائيل وإصابة الأماكن الحيوية كمطار بن جوريون رغم ضآلة الخسائر الإسرائيلية مقارنة بنظيرتها الفلسطينية. فى هذا السياق جاء اعتراف رئيس الوزراء نتانياهو بأن الأمن سيعود لكن الأمر سيستغرق وقتًا. وقال أڤى يسسخروڤ، معلق الشئون العربية بموقع (والا) الإخباري: «لست متفائلا جدا بشأن إنهاء هذه الحملة، لا أحد يريد أن يتوقف، سواء حماس او إسرائيل. لقد ظهرت صورة انتصار حماس فى إطلاق النار على القدس والوسط (العربي) لم نكن نعرفها من قبل، ولا يوجد فى الوقت الحالى أى إنجاز إسرائيلى فى قطاع غزة».
كذلك جاءت تقديرات جيش الاحتلال التى نشرتها صحيفة هاآرتس لتؤكد صعوبة دخول قوات الاحتلال فى حرب على جبهتين فى نفس الوقت؛ جبهة غزة، وجبهة انتفاضة فلسطينيى 1948 المشتعلة فى المدن المختلطة كاللد والرملة وعسقلان وحيفا وعكا. وأن هذه الأوضاع تشكل تهديدًا أكبر للمجتمع الإسرائيلى من القتال فى غزة، وعزز جهاز الأمن تقييمه بأن القتال لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة على خلفية الوضع. لذلك يسعى الجيش الإسرائيلى إلى زيادة معدل الهجمات المستهدفة التى حددها فى بداية الجولة من أجل إضعاف حماس وإلحاق ضرر كبير بقدراتها، بحيث يستغرق وقتًا أطول لإعادة بنائها. فى نفس الوقت، تدرك المؤسسة الأمنية أن هذه مخاطرة محسوبة، لأن زيادة معدل الهجمات قد تؤدى فى الواقع إلى التصعيد وخلق كرة ثلج يصعب إيقافها.
إضافة إلى ذلك، يحاول جيش الاحتلال الآن إيجاد التوازن بين إلحاق الأذى بحماس بما يؤدى إلى ردعها وإضعافها، وبين ضربة قاتلة لها قد تؤدى إلى الإطاحة بحكمها فى غزة. إدراكًا منه بأن المستوى السياسى يخشى مثل هذا الوضع الأخير، فى ظل غياب منظمة أو عوامل أخرى يمكن أن تعيد النظام إلى قطاع غزة بعد انتهاء القتال.