قراءة سريعة لتوابع أزمة العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة

 استهداف إسرائيلى مباشر للمناطق الفلسطينية  /  عشرات الشهداء والمصابين ازدحمت بهم مستشفيات قطاع غزة
استهداف إسرائيلى مباشر للمناطق الفلسطينية / عشرات الشهداء والمصابين ازدحمت بهم مستشفيات قطاع غزة

إشراف :أسامة عجاج

من المبكر تصور نهاية أزمة القدس والمسجد الأقصى والتى بدأت فى أوائل شهر رمضان الماضى وأعقبها التصعيد العسكرى غير المسبوق خاصة مع تصريحات القادة الاسرائيليين بأنهم أمام معركة مفتوحة لحين تنفيذ أهدافها وردود قادة المقاومة بقدرتهم على الصمود لشهور طويلة وعلى نفس المستوى فمن الضرورى انتظار بعض الوقت للتعرف عن كثب إلى توابع كل ما حدث والتعامل مع نتائجها ولكن ذلك لم يمنع من التوقف عند بعض التداعيات الأولى لما يحدث ونتوقف عند بعضها.

1- سقوط القناع الأمريكى.. موقف متخبط ومتردد ومنحاز وبطىء
2- عودة الحياة إلى قضية القدس.. بعد إلغاء الانتخابات فى المدينة

3- إجهاض مشروع التقسيم المكانى والزمانى للمسجد الأقصى.. بعد نجاحه فى الخليل

4- توحيد فصائل المقاومة الفلسطينية فى مواجهة الغارات الجوية

سقوط القناع الأمريكى.. موقف متخبط ومتردد ومنحاز وبطىء

حالة التخبط فى الموقف الأمريكى الذى فيما يبدو فرضت عليه الأحداث وتداعياتها تغيير فى أولوياته على الأقل فى تلك المرحلة حيث كان الشغل الشاغل لإدارة بايدن هو اعتبار الملف النووى الإيرانى كأولوية قصوى حشد لها كل جهوده وسعى إلى استئناف المفاوضات الخاصة بها فى جنيف على خلفية قناعة لدى دوائر صنع القرار فى واشنطن بأن التركيز فى المرحلة الحالية تستدعى التركيز على التهديدات التى تواجه الأمن القومى الأمريكى مباشرة وفى مقدمتها الملف النووى ووصل الأمر إلى شبه أزمة بين واشنطن وتل أبيب لوقفها دور الأخيرة فى التصعيد ضد إيران حتى لا يتسبب ذلك فى عرقلة مباحثات فيينا
صحيح أن إدارة بايدن اتخذت بعض الإجراءات فى الملف الفلسطينى مثل استئناف الاتصالات مع السلطة أو التراجع عن بعض قرارات إدارة ترامب وإعادة المساعدات للسلطة ولكنها لم تشهد منها أى تحركات حاسمة أو حتى رغبة فى الانخراط الحقيقى فى التعامل الجدى مع الملف سوى فى الأيام الأخيرة بعد المواجهات بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية التى شهدت اتصالا قصيرا بين بايدن ونتنياهو وهو الأول منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض كما قام بإرسال رسالة خطية إلى محمود عباس كما جرت اتصالات على مستوى أعلى بين مسئولين فى البلدين خاصة مستشارى الأمن القومى جيك سوليفان ومئير بن شبات وكذلك إرسال موفد أمريكى والذى سيحمل ملف الشئون الفلسطينية الإسرائيلية إلى المنطقة وهو هادى عمر الذى انخرط فى مشاورات مع دول مهمة ومؤثرة فى المنطقة للسعى إلى وقف التصعيد والتوصل إلى اتفاق للتهدئة. وعلى ضوء كل ماسبق فقد كشفت الأسابيع الماضية مدى التخبط الأمريكى فى العديد من المواقف الذى لا يجعلها تختلف كثيرا عن الإدارة السابقة على سبيل المثال حالة البرود الشديد الذى أبدته الإدارة الأمريكية تجاه بداية الأحداث من الجانب الاسرائيلى التى تمثلت فى التهجير القسرى لسكان حى الشيخ جراح أو منع والاعتداء على المصلين فى المسجد الأقصى والتى استمرت أسابيع منذ بداية رمضان الماضى وهى كلها تتعلق بملف حقوق الإنسان الذى يتفاخر بأن أولوياته هى ملف حقوق الإنسان فى المنطقة
دون ممارسة أى ضغوط على نتنياهو سوى فى تصريحات خجولة رغم مواقف بعض أعضاء الكونجرس ومنهم نواب مقربون من بايدن حيث وصفوا موقف إدارته بأنه كان ضيئلا للغاية ومتأخرا وهادئا وملتبسا بالنسبة لأزمة كانت تختمر منذ أسابيع وتلقت الإدارة بالفعل تحذيرا كبيرا منها كما ان إدارة بايدن ساهمت فى عدم إصدار بيان من مجلس الأمن أعدته تونس والصين والنرويج حول التصعيد حيث طلبت المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة بالتريث كما لم تفرق إدارة بايدن بين الجانى والمجنى عليه حيث أبدت تأييدا واضحا لحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ضد صواريخ المقاومة متناسية أنها رد فعل لعمليات طرد وتهجير قسرى واعتداء على مصلين عزل ومنعهم من أداء صلاتهم فى المسجد الأقصى.

2- عودة الحياة إلى قضية القدس.. بعد إلغاء الانتخابات فى المدينة

نجحت إسرائيل بمنع التصويت فى مدينة القدس فى إجهاض إجراء الانتخابات الفلسطينية البرلمانية فى نهاية هذا الشهر ويعقبها الرئاسية حيث أعلن الرئيس محمود عباس فى ٢٩ ابريل الماضى قرار التأجيل بعد انتهاء مهلة ثلاثة أيام طلبها الاتحاد الأوربى لممارسة ضغوط على إسرائيل للسماح بإجرائها رغم انها كانت مطلبا دوليا من دول مهمة فى دول صناعة القرار الدولى ودول فى الإقليم ولكنها فشلت فى ممارسة ضغوط على تل أبيب لتنفيذ بعض الأفكار التى طرحتها ومنها مسالة فتح مراكز اقتراح فى قنصليات تلك الدول فى القدس واعتمدت إسرائيل على أغرب حجة خارج المنطق والعقل بادعاء انه ليس هناك حكومة فى إسرائيل يمكن اتخاذ هكذا قرار وهو تبرير مفضوح فها هو نتنياهو يدير ولمصالحه الخاصة واحدة من أخطر الأزمات فى إسرائيل ويتخذ قرار التصعيد وغيرها فجاءت انتفاضة القدس لتحقق هدفين الأول إعادة الحياة والاعتبار إلى المدينة باعتبارها أحد اهم أوجه الصراع والمطلوب لأى تسوية قادمة حسم وضعها بعيدا عن الموقف الإسرائيلى الذى يتعامل معها كعاصمة موحدة لدولة الاحتلال كما أنها أنهت الخلافات الفلسطينية حول السلطة وبعض الفصائل الفلسطينية خاصة حماس حول قرار التأجيل باعتبار أن الأهم الآن هو رد العدوان الإسرائيلى.

3- إجهاض مشروع التقسيم المكانى والزمانى للمسجد الأقصى.. بعد نجاحه فى الخليل

لعل انتفاضة القدس قد أكدت للعالم ان هناك صعوبة فى تنفيذ المخطط الإسرائيلى فى التقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الأقصى والتى بدأت منذ احتلال إسرائيل للمدينة فى ١٩٦٧ وفقًا لخطوات محددة ومدروسة ونجحت فى تمريرها فى المسجد الإبراهيمى فى مدينة الخليل منذ ٢٤ عامًا ونجحت فى اقتطاع نصف المسجد وتخصيصه للمستوطنين مع إغلاقه أمام أداء الصلاة للمسلمين فى الأعياد اليهودية وتسعى إسرائيل لاستنساخ التجربة فى القدس باقتسام المسجد لبناء معابد يهودية فى الساحات الخارجية للمسجد وطرق كمسار للمستوطنين إما التقسيم الزمنى فهو تخصيص أوقات فى النهار لصلاة اليهود وزيارتهم للهيكل المزعوم كما يتم تخصيص المسجد للمستوطنين خلال أعيادهم التى تصل إلى ١٠٠ يوم مع إضافة أيام السبت من كل أسبوع ليصل العدد إلى ١٥٠ يوما مع منع الأذان فى المسجد خلال تلك الأيام وقد أثبتت انتفاضة الأقصى أن هناك استحالة فى تمرير هكذا مشروع من خلال ذلك الإجماع من سكان المدينة للدفاع عن المسجد.

4- توحيد فصائل المقاومة الفلسطينية فى مواجهة الغارات الجوية

 شهدت الآونة الأخيرة وحدة بين الفصائل الفلسطينية المقاومة فى مواجهة الاحتلال وهى التى تمثل الأجنحة العسكرية لتلك الفصائل صحيح أن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس هى من تتصدر المشهد فى المواجهة ولكن هذا لا يمنع من مشاركة فعالة لقوى أخرى مقاومة كأنواع دور بارز فى الكفاح المسلح ضد العدو الاسرائيلى وكان من اللافت على هذا الصعيد تلك المناورة المشتركة الأولى من نوعها وبالذخيرة الحية والتى جمعت عناصر ١٤ فصيلا فلسطينيا فى ٢٩ ديسمبر من الشهر الماضى تزامنا مع العدوان الإسرائيلى على القطاع عام ٢٠٠٨ كما ان كتائب عز الدين القسام كانت دعت يوم الجمعة قبل الماضى كافة الفصائل المقاومة إلى إعلان النفير العام لمواجهة اعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى ومحاولة طرد سكان حى الشيخ جراح حيث تم تنشيط غرفة العمليات المشتركة منذ أيام لمزيد من التنسيق على الأرض ويشارك فى عمليات إطلاق الصواريخ كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس والتى تأسست عام ١٩٩١ وسرايا القدس الجناح العسكرى لحركة الجهاد وتأسست عام ٢٠٠٠ وكذلك ألوية الناصر صلاح الدين وهى تابعة للجان المقاومة الشعبية وتأسست عام ٢٠٠١ وتمثل القوة الثلاثة وتملك عناصر مدربة بالآلاف كما يشارك أيضا كتائب أبو على مصطفى التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكتائب المقاومة الوطنية التابعة للجبهة الديمقراطية بالإضافة إلى فصائل أخرى ومازال هناك حالة من الغموض حول دور كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح وإن كان بعض عناصرها ظهرت مؤخرا فى مدن الضفة الغربية تنسيق كامل وعلى مدار الساعة للاستعداد إلى أى عملية اقتحام برى للقطاع من خلال الغرفة المشتركة للأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية.