غنيم وقانون الجامعات 

حازم نصر
حازم نصر

 توجهت إليه بعد صلاة الجمعة اليوم في محرابه الفريد لأقدم له التهنئة بالعيد .. الرجل لم  يتخلف يوما عن الذهاب إليه ..اعتاد أن يتابع من خلاله أحدث ما وصل إليه العلم في شتى مناحيه وأن يستقبل طالبي العلم من الأساتذة الكبار والشباب على حد سواء مقدما لهم ما يساعدهم على إنجاز مهامهم العلمية بأدق وأعمق أهدافها .
عالم مصر الكبير الدكتور محمد غنيم مؤسس مركز الكلي والمسالك البولية بجامعة المنصورة ورائد زراعة الكلى بالشرق الأوسط وعضو المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية .
لست هنا في مجال الحديث عما قدمه الرجل لجامعته ووطنه وللإنسانية فهذا مالا يتسع المجال لذكره إذ يكفى الإشارة إلى أنه نقل الطب المصري من المحلية للعالمية بعد أن أسس وأدار أهم مركز طبي في الشرق الأوسط وأهم مركز طبي في العالم في تخصص الكلى وجراحة المسالك البولية  وصاحب المدرسة الأهم عالميا في مجاله .
الدكتور غنيم  صاحب تجربة فريدة نذر حياته لها ..فالمركز لم يكن الأفضل عالميا في علاج المرضى فحسب بل الأفضل أيضا  في إجراء أحدث الأبحاث العلمية التي قدمت حلولا لمشاكل طبية مستعصية  ..كما أصبح المركز أفضل مكان في العالم لتدريب الكوادر الطبية التي أصبحت تفد إليه من أقطار العالم المتقدم لتنال حظا من التدريب في المدرسة التي لازال يرعاها الدكتور غنيم .
ولن أنسي علامات البهجة التي ارتسمت على وجه الدكتور فيليب الطبيب الانجليزي عندما حضر للمنصورة منذ قرابة العشرين عاما للحاق بأول دورة تدريبية بالمركز عندما التقى بالدكتور غنيم داخل المركز .. وكان أن اتصل بي أحد أقاربي من كبار الأطباء المصريين المقيمين بانجلترا طالبا مني الالتقاء به واصطحابه في جولة بمعالم المنصورة والقاهرة  ظل الطبيب الانجليزي طوال الجولة يحدثني عن الدكتور غنيم  وقال لي حرفيا :
" نعتبر د غنيم  في انجلترا الأب الذهبي لأطباء المسالك بالعالم " 
 لازالت لدى عالمنا الاستثنائي القناعة الراسخة بأن التعليم والبحث العلمي هما الطريق الوحيد لتقدم هذا الوطن حيث يمنحانه  القوة الناعمة على الدوام  والقوة الخشنة إذا لزم الأمر .
عاتبني عالم مصر الكبير على عدم إعطاء الاهتمام الكافي من قبل الإعلام لكثير من القضايا الجادة في هذا المجال ومن بينها قضية تعديل قانون تنظيم الجامعات التي شكلت الوزارة لها لجنة برئاسة الدكتور محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس 
الدكتور غنيم لديه رؤية متكاملة وعصرية  يرى حتمية تغيير القانون ليأتي متسقا مع النهوض بالتعليم الجامعي الحكومي وإخراجه من كبوته ودعم البحث العلمي الجاد  .
جامعات مصر الحكومية هي التي  خرج  منها قامات مصر وأعلامها وفي مقدمتهم  أحمد زويل ومجدي يعقوب ومحمد غنيم وفاروق الباز وعطية عاشور ولطفية النادي وغيرهم الكثير ممن سنظل نفخر بهم علي مر الزمان وبات إصلاح أحوالها جنبا لجنب مع إصلاح جذري وجاد للتعليم  قبل الجامعي ضرورة حتمية .
غادرت محراب د غنيم بصحبة الصديق الدكتور يسري فكري أستاذ العيون الشهير وألسنتنا تلهج بالدعاء للمولى عز وجل أن يمتعه الله بالصحة والعافية ليواصل عطاءه المتجرد للوطن وأداء رسالته الإنسانية النبيلة بعد أن ضن علينا الزمان  بمن هم في قامته