«العقاد» يهنئ الأمة فى حديث العيد من إذاعة «الشرق الأدنى»

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

فى نهاية شهر رمضان الكريم ذهب ميكرفون إذاعة " الشرق الأدنى " إلى بيت المفكر الكبير عباس محمود العقاد لتسجيل كلمة موجزة يهنئ فيها الأمة بعيد الفطر المبارك، وهذه الإذاعة كانت تبث برامجها من " يافا " بفلسطين وقد توقفت بعد العدوان الثلاثى على مصر، وتلك هى الكلمة التى سجلها العقاد بعنوان " حديث العيد " :
- " كل عام وأنتم بخير.. بهذه العبارة الجميلة نتبادل التهانئ بالأعياد فى بلادنا العربية، أو فى البلاد التى يجمعها اسم "الشرق الأدنى"، ويسرنى أن ألقاكم من هذه المحطة التى تسمى باسمه، لأنها من جهة تهنئة بلادنا التى اصطلحنا عليها، ولأنها من جهة أخرى أجمل تهنئة عرفناها بين تهانئ الأمم بالأعياد، فأكثر الأمم تتبادل التهنئة فى أعيادها بتمنى السعادة للمهنئين.
يوم سعيد، أو عام سعيد، أو عيد سعيد - هو الاصطلاح الذى يتبادله معظم الغربيين فى أمثال هذه المناسبات - وهى أمنية جميلة ومحبوبة، لكن أمنيتنا نحن الشرقيين أجمل منها وأحب إلينا، لأن الخير أعظم من السعادة، وهو يشملها ويحتويها، ولكنها لا تشمله ولا تحتويه، وقد يكون الإنسان سعيدًا وهو مخدوع فى سعادته، كأولئك الذين يحيط بهم الشقاء وهم يجهلونه ويجهلون أنفسهم ويحسبون أنهم سعداء، وقد يكون الإنسان سعيدًا بما لا يشرفه ولا يجلب السعادة إلى غيره، كأولئك الأشرار الذين يسعدون بما يُشقى الآخرين، ويرتفعون فى أعين الدهماء وهم حقيقون بالضعة والإسفاف، وقد يكون الإنسان سعيدًا لأنه فارغ من المتاعب لا يشغل نفسه بواجب ولا مروءة، ولا يتطلع إلى مجد ولا فضيلة، فالسعادة جميلة محبوبة، ولكنها معدن قابل للتزييف والخداع، أما الخير فهو المعدن الذى لا يقبل تزييفًا ولا خداعًا، ولا يكون خيرًا إلا وهو شيء يختاره الإنسان الفاضل على كل حال، فمن كان فى خير فهو فى صحة ورضا وراحة ضمير، وهو سعيد والناس به سعداء، وهو بعيد عن الشر أو الشر منه بعيد، وهذه هى الأمنية المثلى التى نبحث عن أمنية نتمناها لأحبائنا حين نتبادل التمنيات الحسان فى الأعياد، فلا نهتدى إلى أمنية أكرم منها ولا أعز وأغلى، وكل عام إذن وأنتم بخير. وإن شئتم مرادفًا لها، تجرى به الألسنة فى بلادنا كذلك.. فكل عام وأنتم طيبون.
عباس محمود العقاد
من تسجيل لإذاعة « الشرق الإدنى »