الفسيخ والكشرى والترمس.. «كسبوا» الكعك!

الفسيخ والكشرى والترمس.. «كسبوا» الكعك!
الفسيخ والكشرى والترمس.. «كسبوا» الكعك!

 كتبت :ياسمين عبدالحميد

علاقة غريبة تربط بين الأكل وجميع المناسبات عند المصريين سواء سعيدة أو حزينة، لكل عيد أكلته المُفضلة.. الكحك والبسكويت لعيد الفطر، والفيسخ والرنجة لشم النسيم، واللحوم لعيد الأضحى، والقلقاس والقصب لعيد الغطاس، وحتى فى عيد الميلاد نتناول التورتة، وأيضًا فى أحزاننا ومع إقامة المآتم للمتوفين ورغم حالة الحزن، فإن الأسر المصرية اعتادت إعداد المأكولات، وأبرزها الفتة لتقديمها للمُعزين خلال الثلاثة أيام الأولى بعد الوفاة.

وفى ليلة عيد الفطر المبارك، يتسابق المصريون فى الذهاب إلى محلات بيع الأسماك المملحة «الفسيخ والرنجة» لشرائها وتناولها فى أيام العيد الثلاثة، وهى عادة توارثناها عن قدماء المصريين منذ آلاف السنين حيث كانوا يخصصون بداية كل موسم ليكون عيدًا فتوزعت السنة على ثلاثة أعياد: «عيد آخد» وهو أول يوم فى موسم الفيضان، و«عيد بيرت» وهو أول يوم فى موسم الشتاء، ثم عيد «شيمو» وهو أول يوم فى موسم الربيع، والحصاد الذى أصبح فيما بعد «شم النسيم» وفى كل عيد من هذه الأعياد كان القدماء يتناولون فى طعامهم الفسيخ والأسماك المملحة.

 

وأبدع المصرى القديم فى صناعة الأسماك المملحة فقد كانت وجبة الفسيخ موجودة على مائدة الفراعنة دائمًا، كما أنها متواجدة بالعديد من المعابد الفرعونية التى تحمل رسوماً ونقوشاً توضح عشق الفراعنة لصيد الأسماك، وأنهم كانوا يستعملون الشباك وأقفاص البوص للصيد فى سنوات ما قبل الميلاد، ولكثرة الأسماك التى كان يحملها الفيضان لجنوب مصر توصل القدماء إلى طريقة للحفاظ عليها عن طريق تمليحه فكان «الفسيخ» منذ القدم فضلًا عن قيام الفراعنة بتحنيط بعض الأسماك مثل «قشر البياض» الموجودة الآن بالمتاحف.

ويحرص الكثير من المصريين على تناول الفسيخ والرنجة فى عيد الفطر حتى أن البعض فى قرى الريف والصعيد يُطلق عليه «عيد السمك».

وعن سبب إقبال المصريين على شراء الفسيخ والرنجة فى عيد الفطر، يقول محمد الفسخانى، أحد أشهر بائعى الفسيخ والرنجة بمنطقة الجمالية، إن المصريين لا يتناولون الأسماك طوال شهر رمضان إلا نادراً، لأن السمك يجعلهم يشعرون بالعطش أثناء الصيام، كما أن وجبات الأسمك تحتاج بجوارها إلى البصل الذى يتنافى مع الصلاة فى شهر الصوم، لأنه يجعل رائحة الفم غير مقبولة بين المصلين، وربما هذه هى الأسباب التى تجعل المصريين يقبلون على تناول الأسماك بعد انتهاء شهر الصوم مُباشرة.

أما الأكلة الشعبية الأولى فى مصر «الكشرى»، فتأتى فى مُقدمة الأطباق الأساسية التى تميز العيد، واعتاد المصريون تناولها فى ليلة عيد الفطر، وربما يتناولها كثيرون كوجبة إفطار فى اليوم الأخير للشهر الكريم، إذ تعج مطاعم الكشرى بالزائرين المُتلهفين لتناوله بعد انتهاء شهر الصيام، وتفتح محلات الكشرى أبوابها بعد إغلاق طويل دام طوال شهر رمضان، لتُقدم للزائرين الوجبة الأكثر تناسبًا مع أجواء الحدائق والمتنزهات.

 

وعن بيع الكشرى فى العيد، يقول محمد رسلان صاحب محل كشرى فى المعادى: “عيد الفطر يعنى كشرى عند المصريين.. أول ما العيد يهل ومن يوم الوقفة بيخرج الملايين من كل الطبقات على المحلات لتناول الكشرى، الموسم يبدأ من مغرب الوقفة حتى سادس أيام العيد، وتبلغ ذروة العمل من الواحدة ظهرًا وحتى الثانية صباحًا”، مُضيفًا: “العيد بالنسبة لنا إجازة ملغاة وشغل من 12 لـ16 ساعة يوميًا وممكن يوصل لـ20 ساعة، صحيح أسرتى بيتضايقوا جدًا فى البيت لكن نعمل إيه لقمة عيشنا”، مُشيرًا إلى أن التعويض المعنوى بالنسبة له أفضل من التعويض المالى، ويتحقق ذلك من خلال رضاء الزبائن عن خدمة العمال والمطعم وتعبيرات وجوههم التى توحى بمدى رضائهم عن الطعام.

التسلية الأهم فى ليالى العيد هى “الترمس” أحد المأكولات التى يحرص كثير من أمهات البيوت على تواجدها فى المنازل خلال أيام عيد الفطر، ويُعتبر أحد مظاهر الاحتفال بالعيد منذ القدم، ويعتبره البعض وجبة تسلية تقدم بجوار الوجبة الأساسية، الكحك والبسكويت، خلال أيام العيد.

أميرة المهدى، ربة منزل، تقول: «فى العيد بنكون زهقنا من أكل اللحوم والفراخ طول رمضان، عشان كده بناكل الرنجة والفسيخ أول يوم العيد والكشرى يوم الوقفة، وبنحلى ونتسلى بالترمس البيتى مع اللب والسودانى وطبعًا الكعك والبسكويت، وكلها أكلات بنكون مستنينها 30 يوم رمضان».