الشيخ أحمد الطيب الحساني.. والعيش في جلباب الجد 

الشيخ أحمد الطيب الحسانى
الشيخ أحمد الطيب الحسانى

كتب : محمد شماع

في فبراير من العام 2021 نشرت بعض المواقع الإلكترونية صورة لفضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ويجلس بجواره أخيه الأكبر الشيخ محمد الطيب، شيخ الطريقة الحسانية الخلواتية، في عزاء الشيخ فتحي أبو المجد مستفتح المجلس العام لساحة الشيخ الطيب الحسّاني، بعد أن شيعه الآلاف من أبناء الطريقة الخلواتية بمحافظتي الأقصر وقنا.


الصورة، وغيرها من الصور التي تم التقاطها للشيخ الطيب في ساحة آل الطيب بالأقصر، بيّنت مدى ارتباط فضيلة الإمام بأصله وعائلته الضاربة في جذور التصوف ولعل الشخص الأهم في حياة الطريقة وبيت الطيب هو الجد، الشيخ أحمد الطيب الحساني، الذي ينتمي إلى الحساسنة.
والحساسنة ينتشرون في الأقصر وقنا وكفرالشيخ ودمياط والمنوفية، ولهم فرع في السودان، ومقر قيادة العائلة الحسانية فى مركز ومدينة القرنة بالأقصر، وهو بيت الطيب، ومنهم الشيخ أحمد الطيب المؤسس الأول لآل الطيب بالقرنة، وتبدو شواهد عراقة آل الطيب الدينية فى معقلهم، ساحة واسعة ومسجد كبير بمئذنة عالية بلون أخضر، ولوحة تشير إلى ساحة الطيب. يتردد على الساحة شيوخ وشباب ونساء وفتيات طوال اليوم، من محافظات مصر المختلفة ومن العالم العربى أيضاً- مسلمون ومسيحيون- حتى السياح والسائحات الأجانب يأتون إليها لقضاء حوائجهم.
ويُقال إن الجد الأكبر أو (جد الجد) «حساني» أو «حسان»، كان رجلاً متصوفاً، و«سطوحيا» أى كان يسكن فوق السطح، جاء ضمن مجموعة مكونة من 40 فرداً مع السيد البدوى، استقر هو فى قلين، بينما استقر الآخرون فى مدن ومراكز ومحافظات مصر.
الشيخ أحمد الطيب (الجد)، وهو كبير عائلة الطيب، يُقال إنه ولد في المراشدة في دشنا سنة 1845، وكانت له ساحة قديمة غير هذه ساحة الطيب الحالية، وقصة تسميته بالطيب أن هناك رجلاً فى روض العديسات بالأقصر كان معاصرًا للشيخ أبوسلطان يسمى أحمد الطيب، وهذا الرجل حارب الفرنسيين واستطاع إجبارهم على الخروج من مدينة الأقصر حتى نهاية محافظة قنا إلى قرية تسمى «الكسارنة»، واستطاع أن يكوّن مجموعة من العائلات التى جاهدت معه، وعُرف عنه أنه كان مستجاب الدعوة، فمن تخلف عن تلبية دعوته فى محاربة الفرنسيين دعا عليه خاصة «الكسارنة»، فخربت بيوتهم. 
وعندما ولد الجد سمى باسم هذا الرجل، وعند قدومه إلى «القرنة» كان الناس يعرفون قصة أحمد الطيب المجاهد- فقالوا إن أحمد الطيب الذى خرّب «الكسارنة» جاء ليخرب «القرنة»!
ذهب الشيخ إلى الأزهر، أيام كان طلاب الأزهر يجلسون تحت العواميد يدرسون العلم مكث هناك حوالي 16 سنة، ولما عاد إلى الصعيد، قصد الأقصر وتحديداً «البعيرات» لزيارة أقاربه، فتزوج منهم وأنجب، واستقر في القرنة، وكان رجلاً مؤثراً فى الناس يحبونه ويوقرونه وكان همه الشاغل التقريب بين القبائل، والقضاء على القبلية والتعصب، وكان متصوفاً يقيم حلقات «ذكر».
معظم أفراد الطريقة الخلواتية يؤمنون بأن الكرامة هى التى تؤثر فى الناس، فشيخهم أحمد الطيب، كان يحكم بالشريعة، وأكبر كرامة تركها لهم الشيخ الطيب الكبير هى فكرة إنشاء الساحات، فالساحة عندهم مكان لحل مشكلات الناس وقضاء حوائجهم، وليست تجمعا للدراويش فقط، حيث إنه مع ذكر الله يجب أن ينشغل أيضاً الناس بهموم الدنيا وحل المشكلات المختلفة.
أنجب الشيخ أحمد الكبير ابنه محمد، وهو والد الشيخ محمد محمد أحمد الطيب شيخ الطريقة الخلواتية، والدكتور أحمد محمد الطيب، شيخ الأزهر الحالي، الذي أحيا في الأزهر عصر «الأعمدة» التي تربى وتعلم من خلالها الجد الذي توفي في سنة 1955، ومعنى وفاته في هذا الوقت، أنه ربما يكون قد عاش أكثر من 100 سنة، وبالتحديد 110 سنوات، إلا لو كان تاريخ الميلاد غير صحيح.
الأب محمد، أخذ على عاتقه حل مشاكل الناس ونشر الحب والتسامح، إذ يرجع له الفضل فى القضاء على الثأر بعد إقناع الناس بوجوب الرجوع للدين الحقيقى، وقد عاش 80 سنة وتوفى فى عام 1965، أي أنه ولد في 1885 تقريباً.
مفهوم التصوف لدى «آل الطيب» لا يخرج عن إطار الكتاب والسنة. هم يرون أن كل ما هو خارج عن هذا الإطار، دجل وتكسب، فهم يسيرون على درب الجد الطيب الكبير، الذي كان يحكم بالشريعة ولا يؤمن بـ«الهرطقات». ترك الأب علماً وقوة لأبنائه الشيخين (محمد وأحمد)، كما ترك لهما أيضاً أربعين فداناً مزروعة قصباً ينفقان منها على الساحة. ترك الأب إرثاً صوفياً عقلانياً كبيراً لأبنائه، ولكل آل الطيب الذين لا يحتفلون إلا بالمولد النبوى الشريف (في 72 يوماً)، وبمولدي الحسين والسيدة زينت، ولا يؤمنون بفكرة إقامة الموالد لأولياء الله الصالحين. من جلباب الجد خرج الأب، ومن ثم خرج الشيخان مرتديين نفس الجلباب، جلباب التقوى والورع والتصوف، والإسلام السمح.