جلال عارف يكتب: ليس «ضبط النفس».. بل الشرعية الدولية

جلال عارف
جلال عارف

ما‭ ‬يجرى‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬العربية‭ ‬ليس‭ ‬مشكلة‭ ‬بضعة‭ ‬منازل‭ ‬تريد‭ ‬إسرائيل‭ ‬الاستيلاء‭ ‬عليها‭ ‬وطرد‭ ‬سكانها‭ ‬العرب‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طردت‭ ‬آباءهم‭ ‬فى‭ ‬نكبة‭ ‬‮١٩٤٨‬‭.. ‬بل‭ ‬هى‭ ‬قضية‭ ‬القدس‭ ‬الاسير‭ ‬التى‭ ‬يريد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬استكمال‭ ‬تهديدها،‭ ‬وقضية‭ ‬فلسطين‭ ‬التى‭ ‬تصور‭ ‬اليمين‭ ‬الصهيونى‭ ‬أن‭ ‬لحظة‭ ‬تصفيتها‭ ‬قد‭ ‬حانت‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭ ‬وصفقته‭ ‬المشبوهة،‭ ‬ومع‭ ‬التطبيع‭ ‬المجانى‭ ‬الذى‭ ‬تصورت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنه‭ ‬سيساعدها‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬دون‭ ‬مقاومة‭!!‬

المقاومة‭ ‬البطولية‭ ‬من‭ ‬أهلنا‭ ‬فى‭ ‬القدس‭ ‬كشفت‭ ‬الوجه‭ ‬العنصرى‭ ‬للاحتلال‭ ‬الصهيونى،‭ ‬وأجبرت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬تأجيل‭ ‬الحكم‭ ‬فى‭ ‬قضايا‭ ‬طرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬حتى‭ ‬تتفادى‭ ‬العاصفة‭.. ‬لكنها‭ -‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭- ‬تقوم‭ ‬بالتصعيد‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتعاود‭ ‬اقتحام‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬واحتلال‭ ‬باحاته،‭ ‬وتدفع‭ ‬بالمستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬العربية،‭ ‬بينما‭ ‬نتنياهو‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الاستيطان‭ ‬مستمر‭ ‬وأن‭ ‬أحدا‭ ‬لن‭ ‬يمنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬فى‭ ‬عاصمتها‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬قوانينها‭ ‬‮«‬العنصرية‮»‬‭ ‬فيها‭!!‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬الذى‭ ‬لن‭ ‬ينتهى‭ ‬إلا‭ ‬بإحقاق‭ ‬الحق‭ ‬وتطبيق‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬التى‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬هى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬استيطان‭ ‬واخلاء‭ ‬قسرى‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وهدم‭ ‬للمنازل‭ ‬هى‭ ‬جرائم‭ ‬قد‭ ‬ترقى‭ ‬لمستوى‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التى‭ ‬ينبغى‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يوقفها‭ ‬ويحاكم‭ ‬مرتكبيها‭.‬

لقد‭ ‬طلبت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مجددا‭ ‬الحماية‭ ‬الدولية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطينى‭ ‬فى‭ ‬القدس‭ ‬العربية‭ ‬والاراضى‭ ‬المحتلة‭.. ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬قرار‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬متاحا‭ ‬الآن،‭ ‬لكن‭ ‬السلطة‭ ‬تضع‭ ‬القضية‭ ‬أمام‭ ‬الضمير‭ ‬العالمى‭ ‬وتحمل‭ ‬الدول‭ ‬صاحبة‭ ‬القرار‭ ‬مسئولياتها‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنا‭ ‬الحديث‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجلاد‭ ‬والضحية‮»‬‭!!‬‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬تجاهل‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬من‭ ‬انفجار‭ ‬الأوضاع‭ ‬فى‭ ‬القدس‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬لمليارات‭ ‬المسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

ليس‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭ ‬وحده‭ ‬هو‭ ‬المطلوب،‭ ‬وإنما‭ ‬فرض‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬بإيقاف‭ ‬عمليات‭ ‬الاخلاء‭ ‬للسكان‭ ‬العرب‭ ‬والنشاط‭ ‬الاستيطانى‭ ‬وهدم‭ ‬المنازل‭ ‬والعدوان‭ ‬على‭ ‬الأقصى‭ ‬وتهديد‭ ‬كل‭ ‬المقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمسيحية،‭ ‬والمطلوب‭ ‬أيضا‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬كقوة‭ ‬احتلال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬يرقى‭ ‬لمستوى‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭.‬

ليس‭ ‬‮«‬ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭.. ‬وإنما‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬آخر‭ ‬استعمار‭ ‬استيطانى‭ ‬عنصرى‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭.‬