ما يجرى في القدس العربية ليس مشكلة بضعة منازل تريد إسرائيل الاستيلاء عليها وطرد سكانها العرب مرة ثانية بعد أن طردت آباءهم فى نكبة ١٩٤٨.. بل هى قضية القدس الاسير التى يريد الكيان الصهيونى استكمال تهديدها، وقضية فلسطين التى تصور اليمين الصهيونى أن لحظة تصفيتها قد حانت مع مواقف الرئيس الأمريكى السابق ترامب وصفقته المشبوهة، ومع التطبيع المجانى الذى تصورت إسرائيل أنه سيساعدها فى تحقيق أهدافها دون مقاومة!!
المقاومة البطولية من أهلنا فى القدس كشفت الوجه العنصرى للاحتلال الصهيونى، وأجبرت الحكومة الإسرائيلية على طلب تأجيل الحكم فى قضايا طرد الفلسطينيين من بيوتهم حتى تتفادى العاصفة.. لكنها -فى نفس الوقت- تقوم بالتصعيد ضد الفلسطينيين وتعاود اقتحام المسجد الأقصى واحتلال باحاته، وتدفع بالمستوطنين إلى القدس العربية، بينما نتنياهو يؤكد أن الاستيطان مستمر وأن أحدا لن يمنع إسرائيل من البناء فى عاصمتها ولا من تطبيق قوانينها «العنصرية» فيها!!
هذا هو جوهر الصراع الذى لن ينتهى إلا بإحقاق الحق وتطبيق الشرعية الدولية التى تؤكد أن القدس الشرقية هى جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن كل ما تقوم به إسرائيل من استيطان واخلاء قسرى للفلسطينيين وهدم للمنازل هى جرائم قد ترقى لمستوى جرائم الحرب التى ينبغى على العالم أن يوقفها ويحاكم مرتكبيها.
لقد طلبت السلطة الفلسطينية مجددا الحماية الدولية للشعب الفلسطينى فى القدس العربية والاراضى المحتلة.. لن يكون قرار بهذا الشأن متاحا الآن، لكن السلطة تضع القضية أمام الضمير العالمى وتحمل الدول صاحبة القرار مسئولياتها. لم يعد ممكنا الحديث فقط عن «ضبط النفس» ولا المساواة بين الجلاد والضحية»!!» ولا تجاهل المخاطر على المنطقة والعالم من انفجار الأوضاع فى القدس بكل ما تمثله لمليارات المسلمين والمسيحيين فى العالم كله.
ليس «ضبط النفس» وحده هو المطلوب، وإنما فرض الشرعية الدولية بإيقاف عمليات الاخلاء للسكان العرب والنشاط الاستيطانى وهدم المنازل والعدوان على الأقصى وتهديد كل المقدسات الإسلامية والمسيحية، والمطلوب أيضا محاسبة إسرائيل كقوة احتلال على ما وصفته الأمم المتحدة بأنه قد يرقى لمستوى جرائم الحرب.
ليس «ضبط النفس» هو المطلوب.. وإنما إعادة الاعتبار للشرعية الدولية فى مواجهة آخر استعمار استيطانى عنصرى على وجه الأرض.