خواطر

جلال دويدار يكتب: انفلات أسعار حديد التسليح وتكرار أحداث أزمة قديمة

جلال دويدار
جلال دويدار

من المؤكد أن يؤدى تصاعد أسعار حديد التسليح عندنا.. إلى أزمة فى صناعة البناء ؟ بالطبع فإن هذا السؤال لابد وأن يتبادر إلى الأذهان علي ضوء الارتفاعات القياسية فى أسعار هذه المادة الاستراتيجية. وفقا للأسعار المعلنة فقد وصل سعر الطن من حديد التسليح صعودا حاليا إلى حاجز ال١٤ ألف جنيه خلال الأيام الستة الماضية. لا يمكن أن يكون خافيا أنه قد يكون وراء ذلك.. عملية استغلالية لقرارات فرض رسوم على الحديد المستورد. المفروض أن هذه الرسوم تستهدف حماية المنتج المحلى وليس التصريح بممارسة الاستغلال والاحتكار الذى يكون ضحيته المستهلك المصرى المغلوب على أمره.

من ناحية أخرى قد تكون من أسباب هذه الزيادات ارتفاع أسعار الحديد الخام والبليت عالميا وهو أمر يجب أن يخضع للمراقبة والمتابعة من جانب الأجهزة المعنية بالدولة. هذه الأجهزة يجب أن يتسم أداؤها بالشفافية والأمانة باعتبارها تعمل لصالح توفير عدالة الأسعار للمستهلك والمنتج على السواء.

ارتباطا فإنه لابد وأن يوضع فى الحسبان انعكاسات هذه التطورات اجتماعيا واقتصاديا متمثلة فى زيادة تكلفة البناء. إن حدوث ذلك سيؤدى إلى ارتفاع معدلات الكساد فى هذه الصناعة عما هو سائد ويعانى منه السوق العقارى حاليا.

أخشى ما أخشاه أن يكون وراء هذه التوفعات شبهة استغلال انتهازية لقرار المبادرة الرئاسية بخفض الفائدة على تملك الوحدات السكنية بهدف القضاء على مشكلة الإسكان. إن ما يجب أن يكون مفهوما أن الارتفاع فى تكلفة الوحدات عن قدرة المحتاجين سوف يترتب عليه الإحجام عن الشراء.

ارتباطا فإنه لا يخفى أهمية صناعة المعمار وكثافة الأيدى العاملة بها وأثر ذلك على مواجهة البطالة. من هذا المنطلق فإن ما قد تتعرض له هذه الصناعة من كساد.. ستكون له تداعيات اجتماعية. من هنا فإنه لابد ان يؤخذ فى الحسبان.. خطورة ما يحدث فيما يتعلق بانفلات أسعار حديد التسليح وانعكاساته على أسعار باقى مواد البناء الأخرى. 

إن استمرار منحنى أسعار حديد التسليح نحو الارتفاع بهذه الصورة لا يمثل عبئاً ثقيلاً على المحتاجين للسكن.. وإنما يزيد من أعباء الدولة المالية فيما يتعلق بجميع المشروعات التى تضطلع بإقامتها. على هذا الأساس فإن عدم الجدية فى التصدى لأسبابها غير المبررة.. يلحق أبلغ الأضرار بالدولة وخططها التنموية والاجتماعية.

يبدو أننا على أبواب تكرار نفس الأزمة التى شهدناها منذ حوالى عقدين من الزمن وتصدت لها (الأخبار) بكل الأمانة والنجاح.. ربنا يستر.