ما حكم أداء صلاة العيد في البيت؟.. «الإفتاء» تُجيب 

مفتي الديار المصرية د.شوقي علام
مفتي الديار المصرية د.شوقي علام

في ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ فهل تصح صلاة العيد في البيت سواء بعذرٍ أو بغير عذرٍ، وهل تشترط الخُطْبَة بعدها، وما هي كيفية أداء صلاة العيد في البيت؟

اقرأ أيضاً| وزير الأوقاف: يجـوز صلاة العيد في البيت بكامل الأجر.. وهذه كيفيتها

 أجاب  الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية بقوله إن الله تعالي شَرَع صلاة العيدين الفِطْر والأضحى؛ إظهارًا للسُّرور بما تَمَّ قَبلَهُما مِن عِبادَتَي الصوم والحج، وجَمْعًا للمسلمين في هذين اليومين على الفَرَح بِهاتَين العِبادَتَين؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: قَدِم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر». رواه أحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك"، وصَحَّحه.
فالعيد يومٌ للسرور، كما أنَّه يوم الشكر؛ قال تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَﱠ﴾ [البقرة: 185].

وأجمع الفقهاء على أنَّ صلاة العيد مشروعة؛ قال إمام الحرمين في "نهاية المطلب" (2/ 611، ط. دار المنهاج): [الأصل فيها الكتاب، والسُّنة، والإجماع.. ونقلُ صلاةِ العيد متواترٌ، والإجماعُ من الكافة منعقدٌ] اهـ.
وقال ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 272، ط. مكتبة ا لقاهرة): [الأصلُ في صلاة العيد الكتاب والسُّنَّة والإجماع.. وأجمَع المسلمون على صلاة العيدين] اهـ.

ومع كون صلاة العيد مشروعة، إلا أَنَّ الفقهاء اختلفوا في حكمها، والمختار من أقوال الفقهاء: أَنَّ صلاة العيد سُنَّة مُؤَكَّدَة؛ أي: يستحب فعلها لمداومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، ويُكْرَه تركها.

وكون صلاة العيد سُنَّة مُؤَكَّدة هو مذهب المالكية، والشافعية، وقول عند الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد.
يقول العلامة الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 98، ط. دار الفكر): [(ص) سُنِّ لعيد ركعتان لمأمور الجمعة من حل النافلة للزوال (ش) يعني: أنَّه اختلف في حكم صلاة العيد، فالمشهور كما قال أنها سنة عين. وقيل: كفاية. ويؤمر بها من تلزمه الجمعة] اهـ.

وقال الإمام النووي في بداية كتاب صلاة العيدين من "الروضة" (3/ 70، ط. المكتب الإسلامي): [هي سنة على الصحيح المنصوص] اهـ.

وقال الإمام السرخسي في "المبسوط": (2/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [واشتبه المذهب في صلاة العيد أنها واجبة أم سنة، فالمذكور في الجامع الصغير: إنها سنة؛ لأنه قال في العيدين: يجتمعان في يوم واحد فالأُوْلَى منهما سنة، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى: أنَّه تجب صلاة العيد على مَنْ تجب عليه صلاة الجمعة] اهـ.

وأوضح علام، انه اختلف الفقهاء أيضًا في أفضلية أيضًا مكان أداء صلاة العيد: فيرى الجمهور أَنَّه يُفَضَّل أداء صلاة العيد في الخلاء والمُصلَّى خارج المسجد؛ وهذا هو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وهو وجه عند الشافعية.

واستدلوا على ذلك: بظاهر فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاته في الخلاء؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَخرُجُ يومَ الفِطرِ والأضحى إلى المصلَّى" متفق عليه.


ومِن الفقهاء مَنْ رأى المسجد أفضل في صلاة العيد إذا اتَّسَـع للمُصَلِّين، وهذا هو مذهب الشافعية، واستدلوا على ذلك: بأَنَّ المسجد أَفْضَل لشرفه. ينظر: "المجموع" للنووي (5/ 26 ط. دار الفكر).


وأوضح مفتي الجمهورية انه بناء على ذلك: فصلاة العيد سُنَّة مُؤكَّدة، ويستحب أن تكون في جماعةٍ مع الإمام سواء في المسجد أو الخلاء، فإذا وُجِد مانعٌ من اجتماع الناس كما هو الحال الآن من انتشار الوباء القاتل والذي يتعذَّر معه إقامة الجماعات؛ فإنه يجوز أن يُصلِّي المسلم العيد في البيت منفردًا أو مع أهل بيته، ويمكن إقامة تكبيرات العيد بصورة عادية كما لو كانت صلاة العيد في المساجد.

وتكون صلاةُ العيد في البيت -بنفس صفة صلاة العيد المعتادة-، فيُصَلِّي المسلم ركعتين بسبع تكبييرات بعد الإحرام في الأولى قبل القراءة، وخمس تكبيرات في الثانية قبل القراءة، ثم يجلس للتشهد ويُسَلِّم، ولا تُسَنُّ الخُطْبَة بعد أداء الصلاة.

وعلى المسلم أن لا يَحْزَن ويخاف مِن ضياع الأجر فيما اعتاد فعله من العبادات لكن مَنَعه العذر؛ وذلك لأنَّ الأجر حاصلٌ وثابتٌ حال العُذْر، بل إنَّ التَعبُّدَ في البيت في هذا الوقت الذي نعاني فيه من تَفَشِّي الوباء يوازي في الأجر التَعبُّد في المسجد.