أغرب مكالمة في الستينيات.. طالب لوزير التعليم العالي: «أنا هوريك»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الأبناء هم أول ضحايا التفكك الأسري ويظهر ذلك عليهم من خلال نوبات غضب شديدة واضطراب السلوك ولكن يد واحدة حنونة قادرة على استعادة السلوك السوى لهؤلاء الأبناء.

وكان الدكتور عبد العزيز السيد وزير التعليم العالي عام 1963 هو الشخص الحنون الذي جعله الله سبحانه وتعالى السبب في تغير حياة طالب من مأساة سببها تفكك أسرته إلى حياة عادية.

والقصة كما تم نشرها في جريدة "أخبار اليوم" بتاريخ 2 فبراير عام 1963، تبدأ عندما دق جرس التليفون في منزل الوزير الدكتور عبدالعزيز، ومد الوزير يده فالتقط سماعة التليفون ليسمع صوتًا يتساءل: سيادة الوزير موجود؟

اقرأ أيضا| كنوز | الصمت المفعم بالشعور

فأجاب الوزير: أنا اللي بتكلم.. الصوت: أنا طالب بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة وعايز أقابل سيادتك.. الوزير: بخصوص أيه؟

الطالب: أنا حاليًا مقيم بفندق في القاهرة ومش قادر أغطي مصاريفي وعايز ألتحق بالمدينة الجامعية علشان أقدر أواصل دراستي لأن أهلي موجودين في الإسكندرية.

الوزير: طيب يا ابني فوت علي بكرة في المكتب أشوف موضوعك.. الطالب: لا أنا لازم أشوفك النهاردة ولازم أجيلك البيت

الوزير: يا ابني النهاردة الجمعة عطلة رسمية ومفيش حد من الموظفين في مكاتبهم تعال بكرة وأنا أعمل لك اللي أنت عايزة

وفوجيء الوزير بالطالب يصرخ بحدة قائلا: كده طيب أنا هوريك وهعرف إزاي اتصرف معاك

اندهش الوزير ولم يملك إلا أن يضع سماعة التليفون وينهي المكالمة

وجلس الوزير يفكر في أمر هذا الطالب وتذكر أن هذا الصوت ليس غريبًا عنه، فقبل أسبوع اتصل به من الإسكندرية وقال إنه يريد أن ينتقل من كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية ويلتحق بجامعة القاهرة، فأجاب الوزير بأنه لا يملك مساعدته إلا إذا وافقت الجامعتان على إجراء النقل.

وشك الوزير في أن هناك مشكلة تتعلق بأمر هذا الطالب وإلا لما تهور عليه في الحديث التليفوني، وفكر وزير التعليم العالي ثم طلب وزير الداخلية وسرد له ما حدث وقال له إنه يخشى ألا يتصل به الطالب بعد هذا الحديث وأن تتفاقم مشكلته وطلب من زميله وزير الداخلية أن يساعده في الوصول إلى هذا الطالب.

وفي اليوم التالي كان الطالب يجلس في مكتب الدكتور عبد العزيز ليروي له مشكلته، وقال الطالب: إنه ضحية أسرة مفككة فقد انفصل أبوه عن أمه وتزوج كل منهما، وأصبح الطالب لا يجد مأوى عند زوج أمه أو زوجة أبيه، وصبر كثيرًا حتى يكمل دراسته.

ولكنه لم يعد يحتمل البقاء في الإسكندرية حيث توجد أسرته الممزقة، فلجأ إلى الكثيرين حتى تمكن من النقل إلى كلية الصيدلة بالقاهرة، وجاء إلى القاهرة واضطر إلى النزول في أحد الفنادق ولكنه عجز عن دفع تكاليف الفندق وأصبح مهددًا في دراسته.

وشعر الوزير بالعطف على الطالب ونسى في لحظات تصرفه الهجومي الشاذ عليه في اليوم السابق وأصدر أمرًا بإلحاقه بالمدينة الجامعية على الفور وبصرف مبلغ لتسديد التزاماته حتى يستطيع أن يبدأ حياته الجامعية من جديد وأيضًا صرف إعانة شهرية له.

ويعلق الدكتور عبد العزيز السيد على هذا الحادث قائلًا: لقد قست الحياة على هذا الشاب المسكين وولدت الحقد في قلبه ومن حسن الحظ أنه صب غضبه علي أنا ولم يرتكب حماقة تدمر مستقبله.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم