من «شم سم» إلى «شم النسيم» وأسرار الحدائق المرسومة على مقابر الفراعنة 

مقبرة نب آمون
مقبرة نب آمون

كلمة مصرية قديمة خالصة مرت بتطور عبر الزمن وكتبت في مصر القديمة «شم – سم» ثم نطقت في القبطية «شوم سيم» حتى وصلت إلى «شم النسيم» وذلك طبقًا لدراسة أثرية للباحث عماد مهدي مكتشف مجمع البحرين بسيناء.


 أكد خبير الآثار دير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار د.عبد الرحيم ريحان، أن الدراسة اعتمدت على تفسير حرف "ش" في اللغة المصرية القديمة والتي تكتب بشكل مستطيل يرمز إلى بركة المياه التي تتوسط الحدائق وكلمة "شم" تعنى أخرج أو أنزل أو تحرك وتم ربط مخصص أسفله لقدم إنسان، مما يفيد الخروج إلى البركة وكلمة "سم" تعني نباتات أو بستان ورسم المخصص للكلمة حزمة من النباتات.


ويتوافق هذا مع اهتمام المصري القديم بالحدائق والزهور وتصويرها على جدران المقابر مثل مقبرة الكاتب نب أمون من تصوير أزهار اللوتس طافية على سطح الماء لبحيرة تتوسط حديقة بها أسماك ويحيط بالبحيرة شجر الجميز والدوم والتين الشوكي والنخيل.


وأشار الدكتور ريحان إلى أن مقبرة نب آمون تقع في جبانة طيبة "الأقصر" على الضفة الغربية لنهر النيل وكانت مصدرًا لعدد من أشهر مشاهد المقابر المصرية المنقوشة والتي عاشت حوالي عام 1350 قبل الميلاد وكان كاتبًا لإحصاء الحبوب في مجمع المعابد بطيبة واكتشفت مقبرته عام 1820 بواسطة اليوناني جيوفاني أثاناسي الذي كان يعمل وكيلا لهنري سولت، القنصل البريطاني العام في مصر وقتها.


وكانت جدران المقبرة مزينة وغنية بالحياة وقام مكتشفها بنزع المناظر الموجودة على الجدران وباعها إلى المتحف البريطاني في عام 1821 وتضم لوحات المقبرة مناظر صيد الطيور في المستنقعات، ورقص الفتيات في مأدبة كبيرة، وبركة في حديقة مورفة الظلال على جوانبها أشجار مختلفة الأنواع وفي عام 2009 عرضها المتحف البريطاني واصفًا إياها بأنها أعظم اللوحات الباقية من مصر القديمة على الإطلاق وأنها واحدة من أعظم كنوز المتحف.


وأوضح د.ريحان أن رسومات هذه المقبرة كانت ملهمة للعديد من الفنانيين التشكيليين، حيث أدرجها الرسام البريطاني-الهولندي لورينس، تديما مشهدًا من رعي الإوز كزينة جدارية في لوحته «يوسف المشرف على مخزن غلال الفرعون» المرسومة عام 1874 واستخدم الرسام الفرنسي بول غوغان جزءًا من مشهد المأدبة كنموذج للتركيبة في لوحاته .


وتابع الدكتور ريحان بأن المقبرة الثانية هي مقبرة "مين نخت" وكان كاتبًا للمخازن في عهد الملك "تحتمس الرابع" من الأسرة الثامنة عشرة وكان المسئول عن صناعة النبيذ و العنب و من ألقابه منجم آمون والكاتب ومتخصص في علم الفلك و المنشد المقرب للاله رع.


وتعد من أشهر مقابر الأشراف وعلى جدرانها صور بديعة لا تزال محتفظة بجمالها ومعظم هذه الصور تُمثل الحياة الزراعية في مصر القديمة من حرث الأرض وبذر القمح وحصاده، وكذلك مناظر قطف العنب وعصره، وصناعة النبيذ. كما توجد مناظر للصيد في البر والبحر، ومناظر لمجالس الموسيقى والرقص.