مأساة «رزق».. حين بكت نعيمة عاكف

نعيمة عاكف
نعيمة عاكف

كان أبيض اللون، له رداء خاص به، مرصع بالجلاجل الذهبية، وفوق رأسه ريشة حمراء جميلة، يحلو له أن يلعب معها الاستغماية، كما يجد سعادة عندما تصعد فوق ظهره ويذهب بها عند والدها أينما كان مجلسه.. إنه الحصان رزق، بطل من أبطال الاستعراض في فرقة سيرك نعيمة عاكف، والذي بكت من أجله، بعد أن تخلو عنه، لكنه أصر وعاد إلى السيرك في مشهد أبكى عائلة عاكف.

اقرأ أيضاً|نعيمة عاكف.. 3 مواقف محرجة لـ«تمر حنة»

كان رزق قد تدرب على تقديم نمرة مستقلة، وأصبح يؤديها دون توجيه لمدة 15 عاما، حيث كان يقف وراء المسرح طوال العرض، وعندما يسمع الموسيقى الخاصة "بنمرته" يصعد من تلقاء نفسه على خشبة المسرح، ويقدم عدة رقصات على وقع الموسيقى، وفي نهاية العرض يجني رأسه لجمهور المصفقين ثم يعود أدراج لكي يتناول وجبته، ويستريح في حظيرته.

 

وكانت فقرته من أنجح الفقرات التي يقدمها سيرك عاكف، ولكن جاء اليوم الذي رأى فيه والد نعيمة عاكف أن الحصان "رزق" أصابته الشيخوخة، ولابد من استبداله بحصان آخر يكون أكثر شبابا، وبالفعل عثر على حصان آخر عند أحد تجار الخضراوات، والذي أخذ الحصان رزق، وقام باعطائه حصان شاب واسماه "فرج".

 

 ورحلت عائلة عاكف من طنطا تجوب مدن الوجه البحري، وتقدم عروضها كل مساء، وبعد أن مر عام كامل تدرب "فرج" على دوره، وأصبح يؤديها بمهارة فائقة، بحسب ما نشرته مجلة المصور في 18 ديسمبر 1959.

 

وحان موعد الاحتفال بمولد السيد البدوي، وعادت فرقة سيرك عاكف، وفي الصباح طافت موسيقى السيرك شوارع طنطا تعلن للناس عن مكان إقامة السيرك، ووقعت المفاجأة على رؤوس الجميع كالصاعقة، حيث أثناء عزف الفرقة الموسيقى، فوجئوا الحصان أبيض يقذف محتويات عربة الخضار التي يجرها، ثم هرول مسرعا، وهو يصهل، صهيلا عاليا، وكأنما يتحدث إليهم، وعرفه رجال فرقة الموسيقى، واقبلوا عليه يقبلونه، ويربتون على ظهره ورقبته، وكأنه صديق آدمي طال غيابه.

 

 وأتم رزق دورته مع الفرقة الموسيقية، وعاد معهم إلى السيرك، وهو يصهل فرحا، وما إن رأى نعيمة عاكف، هرول مسرعا إليها، قوله بجوارها، وأخذ يشمشم فيها، ويشير إليها برأسه على ظهره، فابتسمت وفهمت بأنه يطلب منها أن تصعد فوق ظهره كما كانت تفعل.

 

وحملها إلى والدها الذي بكى أيضا عندما رآه، وذهب إلى تاجر الخضراوات، ودفع له مبلغا من المال، وقرر أن يبقيه معه في السيرك، لكن بلا عمل.

 

وفي المساء، وبعدما أغلق باب الحظيرة عليه، عزفت الفرقة الموسيقية اللحن المميز، وما إن سمعه رزق أخذ يصهل وينطح ويرفس الباب لكي يخرج، ولكن الباب كان مغلقا، وبالطبع أدى "فرج" عمرها كالمعتاد، ومرت الأيام وكلما عزفت الموسيقى لحن نمرة "رزق" يأخذ في الصهيل، ومحاولة الخروج، لكنه عزف عن الطعام، وأخذ يذبل شيئا فشيئا حتى مات.

 

يومها بكى الجميع.. وتم دفنه كأنه واحد من عائلة سيرك عاكف، وتحديدا باسمه أطلق والد نعيمة عاكف اسم رزق على حصان آخر، بينما كانت نعيمة عاكف أكثر الجميع حزنا عليه، فقد كان صديقها، كما كان يصر على حملها فوق ظهره كل يوم حتى في الأيام الأخيرة التي وهنت فيها صحته.

مركز معلومات أخبار اليوم