عين على الحدث

لماذا غرقت الهند فى «جحيم كورونا»؟

آمال المغربى
آمال المغربى

اصبحت الهند الآن بؤرة الوباء العالمى وموضع القلق الدولى الأكبر بعد تفشّى وباء كورونا بشكل مريع بها، بعدما سجّلت فى الأيام القليلة الماضية أرقامًا قياسية جديدة للإصابة والوفاة بالعدوى، رغم ان الخبراء يجمعون على أن الأرقام الحقيقية أكبر مما يعلن بكثير
ففى فبراير الماضى كانت الأمور معاكسة تمامًا حيث تراجعت أعداد الاصابات، واعتقد البعض ان الهند تنعم بضربة حظّ مفاجئة حيرت العاملين فى مجال الرعاية الصحية وعلماء الأوبئة هناك، وقتها اكد علماء الأوبئة أن انتشار المناعة هو التفسير الوحيد المحتمل لتلك الظاهرة، الا ان الأحداث بدأت تأخذ منحى مختلفًا الشهر الماضى بعد تزايد الاصابات وأصبح إيجاد سرير فى مستشفى للمرضى وأكسجين أمرًا فى غاية الصعوبة.
اسباب عديدة دفعت الهند إلى هذا الوضع الكارثى منها تراخى بعض الولايات فى تطبيق الإجراءات الوقائية فى الشتاء ورفع القيود مما سمح للناس بالتخلى عن اجراءت التباعد وعودة التجمعات الضخمة والاختلاط بالآخرين والسفر وإقامة حفلات الزفاف الكبيرة كما سمحت الحكومة الهندية بالتجمعات الجماهيرية الكبيرة مثل التجمعات السياسية، فضلًا عن المهرجان الدينى الذى جمع مؤخرا عشرات الآلاف من الهندوس من جميع أنحاء البلاد والذى اوقع عددا كبيرا من الاصابات. لذلك تعرض رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى لانتقادات كبيرة لرفعه جميع القيود تقريبًا رغم اعلان وزارة الصحة الهندية أن السلالات المتحورة من كورونا التى وجدت لأول مرة بالبرازيل وجنوب أفريقيا عُثر عليها فى الهند. ومما ساهم فى ارتفاع اعداد الموتى نتيجة الوباء ان النسخة الهندية من فيروس كورونا أكثر عدوى بنسبة تتراوح بين 40% إلى 70% مقارنة بالسلالات السابقة للفيروس وأكثر فتكًا.
كما فاقم من زيادة الوفيات نقص الأكسجين فى مستشفيات الهند نتيجة لبعد المسافة بين مصانع الإنتاج والمستشفيات، وسوء التخطيط حيث أعلنت وزارة الصحة الهندية عن خطة لبناء المزيد من محطات الأكسجين، ولكنها لم تنشئ سوى 33 محطة من أصل 162 أعلن عنها. كما ان الهند، وهى أحد أكبر منتجى اللقاحات فى العالم، لا تملك مخزونا كافيا لتطعيم نحو 600 مليون مؤهلين لتلقى اللقاح.
ما حدث بالهند يمكن ان تتعرض له الكثير من دول العالم الثالث، فى وقت تمتلك فيه الولايات المتحدة ودول اوربية اخرى مليارات الجرعات التى يمكنها إنقاذ أرواح كثيرة لكنهم يكدسونها نتيجة التزامهم بسياسات تحد من تصدير اللقاحات والمواد الخام. كما ترفض شركات الأدوية مشاركة التقنيات والمعرفة مع الشركات المصنعة فى جميع أنحاء العالم او ما يطلق عليه بتحرير الملكية الفكرية للقاح.. رغم ان نسخة كوفيد-19 المتحورة الهندية رُصِدت فى 17 دولة اخرى على الأقل كما أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل أيام!!