تجديد الدعوة| «الأزهر» منارة الوسطية والمرجعية الأساسية لصحيح الإسلام

د.جاد الرب أمين
د.جاد الرب أمين

حذر الإسلام من ظاهرة الغلو فى الدين؛ لأنه دين اليسر والتيسير؛ حيث تمتاز شريعته بالوسطية فى الاعتقاد والعمل، ودور علماء الأمة هو إظهار نصوص الشرع، وبيان حكمة الله دون تدخل المغالين من البشر أو اعتراض من المفرطين فى الدين، فتنأى الأمة عن مظاهر الغلو من إرهاب وقتل وتطرف فكرى. الدكتور جاد الرب أمين، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة يوضح مخاطر الغلو ودور ومكانة الأزهر العالمية فى هذا الحوار.

<........................؟
 الإسلام قد نبذ ظاهرة الغلو، وحذر من سلك مسالكه الهالكة، مصداقا لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [سورة المائدة : الآية 77]، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم قد حذر من الغلو والتنطع؛ حيث قال: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون»، محذرا أيضا من الغلو، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ»، وبمثل هذه الأمثلة من النصوص الشرعية نؤكد على أن نبينا محمدا قد بُعث بدين الرحمة واليسر، الذى يرفض الغلو والتطرف.
<........................؟
 هناك من المتطرفين والمغالين فى الدين من يجلبون بجهلهم وتطاولهم على كتاب الله وسنة رسوله مفاهيم خاطئة ودخيلة على الدين الإسلامى الحنيف، مما تسبب فى شيوع بعض الأفكار الخاطئة لدى كثير من عوام الناس وأسباب الغلو متداخلة، منها: الجهل بأحكام الشريعة، والاعتماد على مصادر غير شرعية؛ للاحتكام إليها وحدها دون الاستعانة بأهل العلم المتخصصين، وعدم التفقه فى الدين، والانشغال بظاهر النصوص، وعدم الإلمام بمقاصدها، والتركيز على المسائل الخلافية، فضلا عن الأبعاد النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مؤكدا أن أهم سبل المقاومة هو الفهم الصحيح لنصوص الدين والاستزادة من العلم الشرعى، وتكاتف جهود المجتمعات، سواء على النطاق الاجتماعى والتعليمى والاقتصادى، والتوعية الدينية، والاهتمام بالنشء.
<........................؟
 التجديد خاصة مميزة لهذا الدين لدينا نصوص شرعية ممثلة فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هذه لا مساس بها فهى خط أحمر وإنما التجديد الذى يتعلق بها هو دقة فهمها وكيفية تأويلها وكيفية إسقاطها على أرض الواقع.
<........................؟
 قد يغيب عن ذاكرة بعض الحداثيين نسيانًا أو تناسيًا أن الأزهر الشريف منذ إنشائه هو المؤسسة العالمية التى تُعنى بأحوال المسلمين، وتحمل مسئولية الدعوة الإسلامية، ونشر الإسلام الصحيح والدفاع عنه، مع محاربة التشدد والتطرف الفكرى الذى يُنسب إلى الإسلام فى كل العالم. والناظر فى شيوخ الأزهر الذين حازوا لقب «الإمام الأكبر» منذ إنشائه يجد أنه ليس شرطًا أن يكون من المصريين، بل منهم من هو من خارج القطر المصرى، فلم يقتصر لقب «الإمام الأكبر» على المصريين فحسب، بل هو لقب عالمى شَرُف به غير المصريين. والناظر فى أروقة الأزهر وتسمية كل رواق باسم قطر من الأقطار الإسلامية ليتبين له بوضوح عالمية الأزهر. والناظر إلى طلاب العلم فى الأزهر الشريف الذين يفدون من أكثر من مائة ليتبين عالميته. والناظر فى دستور مصر ليجد فيه أن الأزهر الشريف هو المؤسسة المنوط بها نشر الدعوة الإسلامية فى العالم كله. والناظر إلى قبول الأزهر واحترامه فى كل دول العالم وتقدير علمائه واعتبارهم المرجعية الرئيسة لصحيح الإسلام ليتبين أنه مؤسسة عالمية. وإن الناظر بعين الاعتبار والإنصاف إلى مكانة مصر الريادية والقيادية بين دول العالم فيما يخص الإسلام والمسلمين يدرك أن أساسه الأزهر الشريف لما يملكه من مكانة علمية فى كل أنحاء العالم بفكره الوسطى المستنير.
........................؟
 أقول لمن يتحدثون عن الأزهر وشيخه الجليل وكأنه مؤسسة محلية يمكن أن يعبث بها بعض «الرويبضة» الذين لا ترى أبصارهم ولا بصائرهم أكثر مما يتقاضونه من أموال تشبع نهمهم، حتى وإن كان على حساب الطعن فى الإسلام لتنفيذ أجندات أعداء الإسلام الذين يستخدمونهم شرارة لإيقاد نار الفتن، وزعزعة الاستقرار، وتهديد الأمن الوطنى المصرى، كفوا ألسنتكم وأيديَكم الشريرة المأجورة عن الأزهر الشريف المؤسسة العالمية التى يتأذى من المساس بها العالمُ كله، حتى تحافظوا على صمام الأمن والأمان فى مصر والعالم كله، وحتى تواجهوا التطرف والإرهاب مواجهة حقيقية؛ لأن الفكر المتطرف لا يواجه إلا بفكر وسطى معتدل، وبالحوار والمناقشة والإقناع.