«إيلتمش».. المؤسس الحقيقى لدولة المماليك فى الهند

 مدفن السلطان شمس الدين «إيلتمش» فى دلهى بالهند
مدفن السلطان شمس الدين «إيلتمش» فى دلهى بالهند

السلطان شمس الدين «إيلتمش»، هو الملك الثالث لسلطنة دلهى وخليفة السلطان «قطب الدين أيبك»، بعد أن كان مملوكا له قبل أن يعتقه ويزوجه ابنته، يقول عنه الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر الشريف: يعد «شمس الدين ايلتمش» المؤسس الحقيقى لدولة المماليك بـالهند.

فقد مكنته مواهبه من تولى المناصب الكبيرة وحظى بثقة سيده، فولاه رئاسة حرسه، ثم عهد إليه بإدارة بعض الولايات الهندية. .وما إن أمسك «إيلتمش» بمقاليد الأمور فى البلاد بعد وفاة «ايبك» عام 607 هـ، كشف عن كفاءة نادرة وقدرة على الإدارة، ورغبة فى إقامة العدل وإنصاف المظلومين، فكان عادلا صالحا فاضلا، ويُؤثَر عنه أنه أمر أن يلبس كل مظلوم ثوبا مصبوغا، وكان أهل الهند يلبسون الأبيض، فإذا قعد للناس ورأى أحدا يرتدى ثوبا مصبوغا؛ نظر فى قضيته وأنصفه ممن ظلمه، وجعل على باب قصره أسدين من الرخام فى عنقيهما سلسلتان من الحديد معلق فيهما جرس كبير يحركه المظلوم فيسمعه السلطان فيجلس معه وينظر فى أمره وينصفه.

يقول باشا: تعرض «إيلتمش» لمشاكل داخلية كثيرة إثر توليه السلطة ولكنه استطاع التغلب عليها، وبلغ الفوز مداه بأن اعترفت الخلافة العباسية بولايته وسلطانه على الهند، وبعث له الخليفة «المستنصر بالله» العباسى بالتقليد والخلع والألوية فى سنة 626هـ، 1229م فأصبح أول سلطان فى الهند يتسلم مثل هذا التقليد، فخرج للقضاء على خصومه بالهند الذين انتهزوا فرصة انشغاله بمشاكله الداخلية فاستقلوا ببلدانهم، فانتصر عليهم وأعاد ما سلبوه، وضرب أول نقود فضية نُقش عليها اسمه بجوار اسم الخليفة العباسى.. عاصر «إيلتمش» اجتياح المغول المدمّر لما حولهم من البلاد بقيادة زعيمهم «جنكيز خان»، إلا أنهم انسحبوا سريعا من الهند، واتجهت أبصارهم نحو الغرب؛ فنجت بلاد «إيلتمش» من الخراب والدمار، فى حين تكفّل هذا الإعصار المغولى بالقضاء على أعداء دولته فى الشمال؛ الأمر الذى مكّنه من استعادة جميع ممتلكات سيده «قطب الدين أيبك» فى شمال الهند.
توفى «إيلتمش» عام 1236م، بعد أن وطَّد نفوذه وسلطانه فى الهند، وأرسى مبادئ العدالة. وأنفق أموالاً ضخمة فى كتابة نسخ كثيرة من القرآن الكريم، وجعل عاصمته مركزًا مهمًا للعلوم والآداب وفن العمارة، فأتم بناء مسجد «قطب الدين أيبك» فى دلهى، وشيد مسجدًا آخر فى أجمير.