عاجل

"آخرساعة" تحتفل معهم بعيدهم فى العاصمة الإدارية

عمال مصر.. بناة المستقبل

أحد العمال المشاركين فى عملية حفر خوازيق     مســـار القطار الكهربائى ويشير بعلامة النصر
أحد العمال المشاركين فى عملية حفر خوازيق مســـار القطار الكهربائى ويشير بعلامة النصر

 كتب :محمد التلاوى        تصوير: عبدالمنعم ممدوح

عمَّال مصر هم جنودها الذين يبنون المستقبل ويقدرون على فعل المستحيل بعزيمتهم وإصرارهم وبسواعدهم المخلصة، فهم قوة مصر الدافعة لعجلة التنمية وازدهارها فى كل القطاعات. على صفحات "آخرساعة" نشاركهم فرحتهم ونحتفل معهم بعيدهم من خلال تواجدنا بينهم فى أماكن عملهم ليدور بيننا حديث شائق يخرج من القلب ببساطة وعفوية، وفى السطور التالية نتعرف على أحلامهم وطموحاتهم وشعورهم بمشاركتهم فى بناء وطنهم من خلال تحدٍ كبير اختاروا أن يخوضوه مع قيادتهم لتحقيق الحلم الكبير وهو أن تكون مصر أفضل. 

أحد العاملين يقوم باللحام

محمد ناصر أبوالعزائم (22 عاماً)، عامل من محافظة المنيا، ترتسم على وجه ابتسامة رغم عمله الشاق وحرارة الجو الحارقة، يقول: أفتخر بكونى أحد العاملين فى العاصمة الإدارية، حيث أتيت من المنيا باحثاً عن لقمة العيش ووجدتها هنا. ويتابع حديثه وهو ينجز عمله ويقول لي: إننى أتواجد فى الموقع هنا منذ أكثر من خمس سنوات، وأشعر بسعادة بالغة عندما يشاهدنا العالم كله ونحن ننجز المستحيل على أرض مصر فالعمل هنا لا يتوقف، فنحن نبنى للحاضر والمستقبل.

ويشير إلى أن الشركة التى يعمل لصالحها توفر له ولزملائه السكن والوجبات الغذائية الجيدة ووسيلة نقل من الموقع إلى السكن والعكس، وقال: "هذا ينعكس على أدائنا فى العمل، فنحن لا نشعر بأى تعب أثناء الصيام".

 


أثناء العمل فى صرف مياه الأمطار
يلتقط زميله، هشام يحيى، طرف الحديث، ويقول: "سعادتنا لا توصف بالعمل هنا،  فأنا أعمل فى مشروع صرف الأمطار فى العاصمة الإدارية منذ فترة طويلة، وسعيد بأن الدولة مهتمة بالعامل البسيط وتوفير مصدر رزق له ولأسرته"، مضيفاً: "بلدنا جميلة وسنبنيها ولن نتخلى عنها، وطموحاتى الشخصية ليست كبيرة ولكننى أتمنى أن أرى ويرى العالم كله هذا الإنجاز الكبير فى العاصمة الإدارية.

أما عم سيد الباشا، فقد قابلنا بابتسامة، وأكد أنه يشعر بالسعادة والفخر للعمل فى هذا المشروع القومى الكبير الذى تسبب فى فتح بيوت ملايين من العاملين البسطاء، وقال: "نعمل فى أجواء مريحة، فالشركة تعمل جاهدة على توفير الراحة للعامل من مسكن ووسائل نقل ومواصلات ووجبات غذائية كما تهتم بسلامتنا المهنية وتوفر لنا الكحول والكمامات".

وتابع: "الاحتفال بعيد العمَّال والاهتمام به من جانب الدولة يشعرنى أن لى قيمة كبيرة، ولمست اهتمام الدولة بالعامل خلال السنوات القليلة الماضية، ونعمل حاليا فى إنشاء خط صرف مياه الأمطار من الكاتدرائية إلى فندق الماسة، هذا بالإضافة إلى خط الرى والصرف الصحي"، ويؤكد: "رغم صعوبة عملنا وشعورنا بالتعب بسبب المجهود الكبير الذى نبذله فإن كل ذلك يزول بمجرد رؤيتنا ثمرة إنتاجنا والحصول على رواتبنا كاملة فى نهاية الشهر".

فيما يقول عامل آخر يُدعى رزق عطية: "عملى فى أى مشروع قومى وسام على صدرى ومهمة وطنية، فكلنا جنود مصر الأوفياء، كل منا فى مكانه، فالتعمير الذى نقوم به بسواعدنا واجب علينا وسعادتى وزملائى لا توصف بالعمل فى العاصمة الإدارية فنحن نقضى معظم وقتنا من اليوم فى العمل ونشعر أن الوقت ينتهى سريعاً، بسبب الجو الأسرى الذى نعمل به".

تحركنا بالسيارة لمواصلة جولتنا، يتملكنا الإبهار والإحساس بالفخر بما يتم تشييده بالسواعد المصرية القوية، فهناك خلايا نحل تعمل باستمرار، ومظاهر الجدية واضحة على كل العاملين، وكأن لسان حالهم يقول "لدينا تحدٍ وإصرار كبير ونريد أن ننتصر على الوقت لإنجازه". وأمام إحدى معدات الحفر الضخمة فى محيط فندق الماسة توقفنا واتجهنا صوب أحد العاملين على هذا الحفَّار، يدعى سيد سعيد، كان يبدو على ملامحه الإرهاق من الصيام، وقال: "وظيفتى عامل مساعد على الحفَّار الذى نقوم من خلاله بصنع (الخوازيق) لخط القطار الكهربائى (المونوريل).. مهمتى شاقة، لكننى لا أشعر بتعب لأننى أعرف جيدا قيمة ما أفعله، وأتمنى أن أرى هذا القطار يعمل وكل من أقابله أقول له أننى أحد السواعد التى شاركت فى صنع خط سير هذا القطار".

تركناه وذهبنا إلى ياسر محروس، من أبناء محافظة بنى سويف، ويعمل سائق معدة الحفر، حيث قال لنا: "مهمتنا الحفر فى خط اتجاه حى الوزراء مع محطاته، وكونى أعمل فى العاصمة فى مشروع هام مثل القطار الكهربائى فهذا شرف ينسب لي، وعندما أنفذ عملى على أكمل وجه أشعر بالنجاح"، موضحاً: "نعمل فى رمضان من السادسة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً، وهناك عمل إضافى ساعتين أخريين". سألناه عن طموحاته، فقال: "طموحاتى أن تكون هناك لوحة شرف كبيرة ويكتب فيها اسمى وكل من شارك فى بناء العاصمة الإدارية الجديدة لتخليد أسمائنا فى التاريخ".

اقتربنا من أحد العاملين الذين يقومون باللحام وكان منهمكا فى عمله ويتصبب عرقاً، وسألناه عن اسمه وطبيعة عمله، وقال مختار ممدوح: "لى أكثر من عشر سنوات وأنا أعمل فى مهنة اللحام، وأحب مهنتى وسعيد بها جداً، وأشعر بالفخر لتواجدى فى هذا المشروع القومى الكبير والذى نبنيه وزملائى بعرقنا وحبنا لبلدنا، حيث يعد هذا المشروع تحدياً كبيراً بالنسبة لنا، فنحن نبنى مصر جديدة، ويشير بيديه، ويقول: انظر من حولك ماذا صنعنا فى فترة قصيرة، فهذا إنجاز حقيقى بمعنى الكلمة، فكل نقطة عرق تسقط أو مجهود يبذل يهون، طالما أن بلدنا ستكون أجمل وأفضل وعندما أشاهد الدقة فى التنسيق بين المنشآت وروعة التصميم أشعر أننا فى أوروبا، باختصار أنا عاشق لتراب هذا الوطن مصر الغالية، ولا بد أن يرى كل العالم ما سيتحقق، وهو أشبه بمعجزة، وما يقوم به العامل المصرى والدولة المصرية والشركات التى تسهم فى هذا البناء الضخم.

 

..وآخر يقوم بتقطيع الرخاح

تحركنا وذهبنا إلى أحد المواقع الأخرى، ليلفت انتباهنا أربعة من الشباب العاملين يستعدون لحمل بعض الجالونات فوق أكتافهم، وكان من بينهم عامل يرتدى قناعاً ذا وجه زجاجى مستطيل لافتا للانتباه، ويتدلى منه خرطوم يتصل بأنبوبة أكسجين صغيرة. وقال: "اسمى شعبان مختار من بنى سويف، عمرى 26 سنة، وأعمل هنا منذ أربع سنوات، وهذا القناع توفره لنا الشركة للمحافظة على صحة العامل والاهتمام بسلامته المهنية، نظراً لأن طبيعة العمل يكون بها استخدام لمواد كيميائية (الدهانات) ممكن تتسبب لنا فى ضرر، ووظيفتى هى ترميل ودهان مواسير الإطفاء الخاصة بالمنشآت". وعن شعوره بمشاركته بالعمل فى العاصمة، قال: "أشعر بالفخر أنا وزملائى ونحكى لأصدقائنا ومعارفنا وأهلنا عمَّا يتم إنجازه وشكل وجمال العاصمة الإدارية.

وهنا يقول رئيسه فى العمل، المهندس محمد فرحات: "نوفر له ولزملائه كل وسائل الراحة والأمان من وسائل مواصلات وسكن للمغتربين فى أماكن مختلفة مثل مدينة العاشر من رمضان ومدينة بدر، وبالنسبة إلى الأمن والسلامة لا بد أن يرتدى العامل مهمات الأمان كاملة مثل الخوذة والجوانتى والأفرول و(السيفتى شوز)، وإذا واجهته أى مشكلة مالية أو إدارية نحلها فوراً حتى يتمكن من أداء عمله وهو فى راحة تامة.

انتقلنا لموقع آخر، لنتعرف إلى أصحاب مهن أخرى من العمّال، فقابلنا أيمن عثمان، يعمل فى مجال البناء، جاء من بنى سويف بحثاً عن الرزق، ووجد ضالته فى العاصمة الإدارية الذى يقول إنها أفضل مكان عمل به على مدار عمله فى مهنته خلال سنوات طويلة. وتابع: "أنا متزوج ولديّ ابن وابنة (أحمد ومنى)، وأتمنى أن أشاهد افتتاح العاصمة بعد الانتهاء من بنائها، لأشعر بالفخر أمام أبنائى بأننى أحد الذين شاركوا فى هذا العمل العظيم".

 

عامل يستعد لدهان المواسير 

هانى فرنسيس (35 عاماً) من محافظة المنيا، يعمل فى أحد المشروعات بالعاصمة، ويقول: "أشعر بالفخر لعملى هنا، وأعتبر نفسى محظوظاً، حيث إننى سبق أن شاركت فى مشروع بناء الأنفاق فى بورسعيد، وأتمنى أن أرى مصر أفضل بلد فى الدنيا".

المهندس ريمون وديع، مدير أحد المشروعات، يقول: "العامل هو الأساس فى هذه المهنة، لذلك الاهتمام به مستمر منذ بداية المشروع، حيث نوفر له كل وسائل الراحة والأمان، بالإضافة إلى شنطة الإجراءات الاحترازية التى تحتوى على كحول وكمامة وغيرها من المستلزمات.

وانتقلنا إلى حى الوزراء، الذى يشهد وضع اللمسات الأخيرة للاستعداد لاستقبال الوزراء فى مقرهم الجديد، وفى المقابل وأمام مقر مجلس الوزراء وأمام مجلس النواب كان هناك بعض العاملين ينفذون التشطيبات الأخيرة للصق بلاط الرخام على الأرض، وكأنهم يرسمون لوحة فنية. أحدهم يُدعى عبدالعال أحمد من سوهاج، قال لنا: "أعمل فى هذه المهنة منذ خمس سنوات، وأشعر بسعادة كبيرة لأننى أعمل فى العاصمة الإدارية، وأتمنى أن أراها بعد الانتهاء من إنشائها وهى مثل اللؤلؤة".