أحمد الرفاعى.. أكثر من مجرد «صاحب طريقة»

ارشيفية
ارشيفية

كتب : محمد الشماع
يذهب الآلاف من مريدي الشيخ أحمد الرفاعي إلى المسجد المسمى باسمه في منطقة القلعة بالقاهرة القديمة. الكثيرون منهم يتبركون بالمقام الموجود في المسجد، لكن أغلبهم لا يعرفون أن المقام لا يوجد تحته السيد أحمد الرفاعي كما يظنون، بل مريد اسمه أحمد أبوشباك.
«مدد يا رفاعى يا طب الأفاعى»، هي المقولة التي يرددها المريدون في كل عام، بل يرددها سكان الحي كذلك، لأن مريدي وشيوخ الطريقة الرفاعية مشهورون بالتعامل مع الثعابين، سواءً بالبحث عنهم في جحور البيوت القديمة والحديثة، أو استخدام سمها في معالجة الأمراض المستعصية.
هذه هي الصورة الذهنية عن الرفاعية، وبالتالي عن صاحب الطريقة، لكن ما خفي كان أعظم، فالرفاعي هو فقيه شافعي أشعري صوفي، لقب بـ«أبوالعلمين» و«شيخ الطرائق» و«الشيخ الكبير» و«أستاذ الجماعة».
ينتهي نسبة إلى علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، فهو من فرع الأئمة الإثنى عشرية الشيعة، ولد في العراق في قرية حسن بالبطائح، وفي السابعة من عمره توفي أبوه فكفله خاله الشيخ الزاهد منصور البطائحي.
درس القرآن وترتيله على الشيخ عبدالسميع الحربوني، ولازم دروس العلم ومجالس العلماء، وأجيز وهو في سن العشرين إجازة عامة بكل علوم الشريعة والطريقة.
كان الشيخ أحمد الرفاعى شافعي المذهب أشعري العقيدة، وصل إلى درجة الاجتهاد المُطلق، كان فقيهاً محدّثاً مُفسّرا وكان أعلم أهل زمانه، وكان يُضرب به المثل في التواضع والانكسار ولين الجانب ورحمة الناس وشفقته عليهم. كان كذلك متمكناً في الدين، حسن الخلق، حلو الكلام، لطيف المعاشرة، لا يملّه جليسه ولا ينصرف عن مجالسه إلا لعبادة، حمولاً للأذى، وفياً إذا عاهد، صبوراً على المكاره، بحسب وصف العلماء من بعده.
وروي عنه أنه كان يذهب إلى المرضى المصابين بالجذام، يبحث عنهم فيقعد معهم يُطعمهم ويأكل معهم ويتعهدهم بالدواء والطعام ثم يأخذ ثيابهم فيغسلها لهم من قوة يقينه.
الطريقة الرفاعية تقوم على العمل بمقتضى ظاهر الكتاب والسنة، ثم أخذ النفس بالمجاهدة والمكابدة، والإكثار من الذكر، وقراءة الورد، وذلك وفق إرشادات الشيخ وتوجيهاته، مع ضرورة التسليم والانقياد له والانصياع لأوامره، وعلى المريد أن يتمسك بالكتاب والسنة ثم تعاليم الشيخ ويعمل بما قاله من الالتزام بالسنة، وموافقة السلف الصالح على حالهم، ولباس ثوب التعرية من الدنيا والنفس، وتحمل البلاء. 
واشتهر عن بعض أتباع سيدي أحمد الرفاعي حديثاً القيام بأفعال عجيبة كاللعب بالثعابين، وركوب الأُسود، والدخول في النيران المشتعلة دون أن تحرقهم أو تؤثر فيهم، وغيرها، فهذه مما لم تكن معروفة عند الشيخ الرفاعى، لكنها استُحدثت بعد وفاته، وإن كان الشيخ قد عُرف بحنانه الشديد على الإنسان والحيوان، وكان أشد ما يكون حدبًا ورعاية للحيوانات الضالة والمريضة.
عندما بلغ الإمام أحمد 66 من عمره مرض بداء البطن وبقي مريضاً أكثر من شهر، وكان مع خطورة مرضه يتحمل الآلام الشديدة دون تأوه أو شكوى، مستمراً وثابتاً على تأدية الطاعات والعبادات التى اعتاد عليها بقدر استطاعته إلى أن وافته المنية، ودفن في قبة جده لأمه الشيخ يحيى البخاري.
لم يترك الشيخ أحمد الرفاعي أثراً تأليفياً عظيماً، إلا أن كتاب «البرهان المؤيد»، وهو رواية تلميذه شرف الدين بن عبدالسميع الهاشمى الواسطى أشهرها.
له كذلك كتب «حالة أهل الحقيقة مع الله»، و«الصراط المستقيم»، و«كتاب الحكم شرح التنبيه (فقه شافعى)»، و«معاني بسم الله الرحمن الرحيم»، و«تفسير سورة القدر»، و«البهجة»، و«النظام الخاص لأهل الاختصاص»، و«المجالس الأحمدية»، و«الطريق إلى الله»، و«التحفة الرفاعية».
كتب عنه كثير من الكتب، لكن أهمها وأشملها هو كتاب «قلادة الجواهر» وهو من أروع ما ذكر فى تاريخه ومناقبه وسيرة حياته وأوراده.
اقرأ أيضا| شيخ الأزهر: نبوَّةَ محمد خاتمة وعامةٌ للخلق جميعًا