نبض السطور

الرمال الطاهرة

خـالد مـيرى
خـالد مـيرى

قبل 39 عاماً رفرف العلم المصرى عالياً فوق رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، لتعلن مصر عودة سيناء كاملة إلى أحضان الوطن بعد نصر كاسح عسكرىاً وسياسىاً على عدو كان يظن أنه لا يقهر، وكل ظنه إثم.
مصر دفعت ضريبتى الدم والنصر لتقف مرفوعة الهامة يوم 25 أبريل 1982 وهى تسترد كامل أرض سيناء رغم أنف إسرائيل ومن والاها، وفى هذه الأيام الطاهرة من عمر الوطن أثار العدو أزمة طابا وأصرت مصر على تطبيق معاهدة السلام واللجوء للتحكيم الدولى، لتحقق القاهرة نصراً قانونياً كاسحاً جديداً وتسترد طابا يوم 15 مارس 1989 حين ارتفع علم مصر فوقها ليلامس السحاب والسماء.
عيد تحرير سيناء هو رمز الكرامة المصرية الشامخة، لا تفريط فى حبة رمل واحدة من تراب الوطن، فأبى ضحى هنا وأبى قال لنا مزقوا أعداءنا، نعم ضحت مصر بأغلى وكل ما تملك لكنها لم تترك حبة رمل يدنسها الاحتلال.
عام 56 كان العدوان الثلاثى وداست الأقدام النجسة فوق أرض سيناء الطاهرة لتكشف عن مطامعها، وعام 67 كانت النكسة لتحتل إسرائيل سيناء، وينزف شعبنا دما بدلا من الدموع، لكن الإرادة لم تنكسر، والعزيمة لم تمس.. نهض الشعب وكان الجيش فى صدارة المشهد وبطله، وفى ٦ سنوات فقط حققت مصر ما ظنه العالم بأكمله مستحيلا، عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس وهزمت العدو الصهيونى، وفى ٦ ساعات لقنتهم درسا فى فنون الحرب وعزيمة القتال وإرادة الشهادة أو النصر.
الله أكبر فوق كيد المعتدى، زلزلت كيان العدو وقوته فتحقق النصر المبين للجيش الصائم يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ والذى وافق العاشر من شهر رمضان المعظم، وبعد ١٦ يوما من القتال بدأت الهدنة لينطلق الصراع السياسى والديبلوماسى، وكان الزعيم الراحل أنور السادات بطلاً للحرب والسلام، وحققت مصر نصراً ديبلوماسياً عزيزاً بعد النصر العسكرى المبين ليتم توقيع معاهدة السلام فى ٢٦ مارس ١٩٧٩، وليبدأ الانسحاب الإسرائيلى فى ٢٦ مايو من نفس العام من العريش، وتم الانسحاب واكتمل النصر يوم ٢٥ أبريل ١٩٨٢.
هى أيام مجد وعزة وكرامة، ارفع رأسك فوق.. أنت مصرى لا تعرف المستحيل.
ومنذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم بعد ثورة يونيو العظيمة، كان تعمير سيناء وتطهيرها من دنس الإرهاب أولوية، فدارت عجلة العمل ولم تتوقف.
يد تدفن الإرهاب تحت الرمال الحارقة، ويد تبنى وتعمر.. مدن جديدة تخرج للنور.. طرق وأنفاق تربط سيناء بالوطن الكبير، ترعة السلام تروى الرمال لتتحول إلى جنة خضراء، مشروع لاستصلاح نصف مليون فدان بعد إعادة تدوير المياه وتنقيتها، مصانع تنتشر ومستشفيات تعالج، ومشروعات سياحية وثقافية وتنموية فى كل المجالات.
هذه أرضى أنا.. سيناء أرض الجدود والحدود، فوقها تجلى رب البشر، وتحدث رب العالمين.. لم يحدث هذا فى مكة المكرمة أو المدينة المنورة، لكن إلهنا تجلى فى سيناء.
سيناء بوابة آسيا وأفريقيا وأوروبا، حاضنة الحضارة وقائدة الطريق نحو النصر والتنمية.
فوق رمالها الطاهرة كتبنا التاريخ بالنار والدم والحب والتضحية والفداء.. وفوق رمالها الطاهرة نستكمل مسيرة البناء بالحب والعرق والكفاح.
عاشت مصر حرة..
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وزعيمها.