الأزهر يجيب عن السؤال الصعب

الهجوم على الإمام البخاري.. تجديد للدين أم هدم لتراث الأمة؟

الأزهر
الأزهر

د. أحمد عمر هاشم: أصح كتاب بعد كتاب الله ولم يخالف القرآن

دار الإفتاء: الطعن فى البخارى شذوذ عن المنهج الإسلامى

كتب: إيمان عبد الرحمن


«البخاري يحظى بقبول الأمة الاسلامية على مدى 1000 عام والتشكيك في كتابه ينسحب على ثوابت دينية أخرى بهدف التشكيك في الإسلام والقرآن ونزع الثقة منه».

اقرا ايضا|أوقاف الفيوم تحقق المائة صك الأولى
البخاري جمع أحاديث النبي، على معيار دقيق، ولن يأتي بشر بمنهجية تضارع منهجية الإمام البخاري في جمع الأحاديث..
هذه هى آراء وكلمات علماء الأزهر الشريف دفاعا عن الإمام البخارى الذى كان فى مرمى نيران الهجوم على التراث الإسلامى خلال العقد الأخير.. حتى إن بعض العاملين فى مجال الكتابة الإسلامية طالبوا بتنقية صحيحه متهمين إياه بتغييب عقول المسلمين وجمع احاديث تخالف القرآن الكريم والسنة المشرفة والمنطق والعقل. 


فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف دافع عن التراث وقال.. إن بعضا ممن يتحدثون بلغتنا، اختلطت فى أذهانهم أوراق «الحداثة» فى نسختها العربية، بأوراق دعوة التجديد أو دعوة إصلاح الفكر الدينى، ونتج من هذا الخلط المتعمد أو غير المتعمد استباحة الحديث عن الإسلام من غرباء على علومه النقلية والعقلية، بل استباحة التطاول أحيانا على أئمة المسلمين وأعلامهم الأفذاذ وأضاف فضيلته أنه ليس لهذا الاضطراب الذى أوشك أن يكون «تيها يتربص بالأمة كلها» إلا مخرج واحد هو «إحياء التراث»، ودراسته وتدريسه فى المعاهد والجامعات المختصة، وانتقاء ما يساعدنا منه على تحقيق نهضة حديثة تجمع بين قيم التراث والتطور الفكرى.


يحفظه رب العالمين


الدكتور أحمد عمر هاشم يرى صحيح الإمام البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله، وجمهور أهل العلم اصطلحوا على ذلك وصحيح البخارى حفظ كما حُفظ القرآن، مذكراً بقول الله عن القرآن: “إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ”، حيث قيض الله للسنة رجالاً أمناء حفظوها في صدورهم وفي سطورهم وفي كتبهم التي أخذوها بسلسلة الإسناد، وهذا من خصوصيات الأمة الإسلامية: الإسناد الصحيح المتصل الى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم” وقال إن الذي حفظ صحيح البخاري هو رب العزة الذي حفظ القرآن وتأتى كلمات الدكتور عمر هاشم بعد عمر طويل من البحث العلمى شرح فيه صحيح الإمام البخاري في ستة عشر مجلدا كل مجلد ستمائة صفحة، ويقول.. وما وجدت فيه شيئا يخالف القرآن مطلقا”وينصح هاشم من يلتبس عليه معنى أحاديث البخاري  أن يلجأ إلى شروح العلماء ليتبين الأمر، وفي مقدمتهم شرح ابن حجر العسقلاني.


شهادة مطولة


دار الافتاء ساندت البخارى بشهادة مطولة قالت فيها الامام البخارى .. محمد بن إسماعيل البخارى، إمامٌ مجتهد،
من أكابر أئمة المسلمين المجتهدين في الحديث والفقه، الذابِّين للكذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، علَمٌ من كبار علماء الحديث روايةً ودرايةً، أميرُ أُمَراء صَنْعَة الحَدِيث، وسيدُ المحدثين، إمامُ زمانه، لم يُرَ فيه مثله في علم الحديث والأهلية والفهم فيه، لا يبغضه إلا حاسد، وهذا ما صرَّح وشهد به علماء المسلمين وأئمتهم عبر القرون، حتى قالوا عنه: إنه في زمانه كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصحابة. وقد امتازت هذه الشهادة بالتنوع الشديد الذي يستحيل معه التواطؤ على الخطأ أو الكذب عادة؛ فقد أثنى عليه شيوخُه وأقرانُه ومعاصروه وتلامذتُه، ثم من جاء بعده، واجتماع كل هذه الطبقات على الشهادة له بالإمامة يجعل ذلك أمرًا قطعيًّا لا مرية فيه، بل إن بعض هؤلاء الأئمة الشاهدين له كانت لهم معه مواقفُ قطيعةٍ وخصومةٍ أدت إلى خروجه من بلده، فلم يمنعهم ذلك من قول الحق والشهادة له بالتفرد والأهلية، وهذا يقطع كل شبهة ويرد كل تشغيب، وبذلك يكون الطعن في الإمام البخاري خروجًا عن المسلك العلمي، وشذوذًا عن المنهج الإسلامي، وذلك من وجوه عدة: ففيه إهدارٌ لشهادة أهل التخصص على اختلاف أزمانهم وبلدانهم وطبقاتهم؛ فقد ثبتت إمامته وأهليته وإتقانه بشهادة أهل الحديث وجهابذة الرواية قاطبة، وإهدار شهادتهم مخالفٌ لِمَا اتفق عليه العقلاء مِن الرجوع في كل علمٍ وفنٍّ إلى قول أهله، وفيه طعن في أئمة الحديث وجهابذة الرواية الذين قدموا الإمام البخاري على أنفسهم في العلم والفهم والرواية والدراية، وهؤلاء الطاعنون في الإمام البخاري لا هُمْ من أهل التخصص والعلم بالحديث وفنونه وأسانيده ومتونه، ولا هُمْ أحالوا في طعنهم هذا على منهج علمي معياري بديلٍ يمكن الرجوع إليه، كما لا يخفى على أحدٍ أن الطعن في الناقل طعنٌ في المنقول، ولهذا كثف أعداء الإسلام عبر القرون محاولاتهم اليائسة للطعن في نقلة الحديث النبوي ورواة السنة النبوية الشريفة، يريدون التوصل بذلك إلى الطعن في السنة وإسقاط المصدر الثاني للشريعة.


فحسبنا الله ونعم الوكيل في كل جاهل سفيه يطعن في أئمة المسلمين وعلومهم ودينهم، وعلى المسلمين جميعهم أن يتكاتفوا للدفاع عن أئمتهم وعلمائهم ضد هؤلاء المفسدين، وأن يأخذوا على أيدي المغرضين، الذين يتكلمون فيما لا يحسنون، ويهرفون بما لا يعرفون، والله تعالى كفيل بهم، مبطلٌ لكيدهم، وسيذهبون كما ذهب غيرهم، وسيبقى الإمام البخاري رحمه الله تعالى ورضي عنه جبلًا شامخًا، ومنارَ هدى، وعلامةً فارقة في تاريخ الأمة وعلومها وتراثها؛ مصداقًا لقول الحق جل شأنه وتبارك اسمه: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد: 17].


مطالب ملحة
فى دراسة مهمة عن التراث الإسلامي بين التنقية والتحقيق للشيخ أحمد ربيع الأزهرى طالبت بإنشاء كيان مؤسسي يجمع كل الهيئات والمؤسسات العلمية العاملة في تحقيق التراث والمخطوطات من كل بقاع العالم العربي والإسلامي لكي تضع رؤية لخدمة تراثنا والذي لم ينشر إلا عشرة في المائة منه على أقصى تقدير، وتتكامل الخبرات وتقسم الأدوار حتى لا تتكرر المشروعات الخادمة للتراث مما يضيع المال والوقت مع تسهيل تبادل نسخ مصورة من المخطوطات فيما بينهم.
والسعي لعمل أكبر منصة إلكترونية للمخطوطات والتراث العربي والإسلامي على أن يجمع فيها نسخاً إلكترونية من المخطوطات الموجودة في مكتبات العالم المختلفة.


إنشاء معهد داخل الأزهر الشريف للمخطوطات والتراث الحضاري الإسلامي ليقدم المعونة العلمية للباحثين في تحقيق كتب التراث العربي والإسلامي في علوم الشريعة وعلوم العربية والعلوم النقلية والعقلية بل والعلوم العلمية التجريبية، ويضع مناهج لدراسة وتحقيق كل علم من هذه الفنون وغير ذلك ويقيم الدورات للمهتمين بالدراسات التراثية وتحقيق التراث.


وطالب الأزهرى أيضاً بأن يطلق الأزهر الشريف من خلال جامعته سلسلة لنشر كتب التراث التي حققت الألوف منها وما زالت حبيسة الأرفف في مكتبات الكليات في جامعة الأزهر منتظرة أن تخرج إلى النور في شكل مطبوع أو على الأقل تصويرها ورفعها على شبكة المعلومات «الإنترنت» كما تفعل الكثير من الجامعات في العالم. وكذلك أن ينشر الأزهر طبعة محققة تحمل اسمه للكتب في التخصصات العربية والشرعية لتكون هي النسخة المعتمدة لباحثيها ولباحثي العالم الإسلامي في الاعتماد عليها بدلاً من الاعتماد على كتب حققها أنصاف العقول والذين يعلقون عليها بتعليقات سخيفة وصلت لتكفيرهم لمؤلفيها.


ويتطرق الباحث إلى إنشاء «علم المراجعات التراثية» ويهدف إلى جمع المسائل التراثية التي تم توظيفها على غير «مقاصد الشارع» أو على غير مقاصد مؤلفيها أو لحقت بها تفسيرات وتأويلات منحرفة واعتمدت عليها عقول هشة علمياً ومتطرفة فكرياً والقيام بمراجعتها وبيان الفهم الصحيح لنصوصها ثم عمل موسوعة «لفهم مداخل علوم التراث» وكيفية فك شفرته اللغوية والعلمية؛ فالكتب الفقهية التراثية مثلاً تحتاج لفهم المصطلح الفقهي والقواعد الفقهية والأصولية لكل مذهب.