مشروعات التنمية تبنى الإنسان وتواجه الفقر وتكافح الإرهاب

«مستقبل مصر» حياة جديدة فى الصحراء الغربية

الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح مشروع الـ١٫٥ مليون فدان
الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح مشروع الـ١٫٥ مليون فدان

 كتب :أحمد جمال

يوماً تلو الآخر تمضى الدولة المصرية فى طريقها نحو تحقيق التنمية المستدامة عبر جملة من المشروعات الزراعية والصناعية والتكنولوجــية وتأخـذ فى التمــدد شــرقـاً باتجـــاه شــــبه جـــزيرة ســيناء، وفـى نفـس الوقت تصل إلى أقصى الغرب عبر استطلاع الصــحــارى الشـــاســـعـة وإقـامــة مجتمـعـات عمرانية جديدة عليها، الأمر الذى يحقق أهدافا اقتصادية وسياسية وأمنية عديدة انعكست آثارها مباشرة على انخفاض معدلات الفقر وتضييق الخناق على العناصر الإرهابية وتحقيق الاستقرار المنشود.

يمثل التطور الحاصل فى مشروع "مستقبل مصر" الذى يقع فى نطاق المشروع القومى العملاق "الدلتا الجديدة" لزراعة مليون فدان على امتداد محور روض الفرج/ الضبعة الجديد، أحد روافد التنمية غرباً، بعد أن ظلت تلك الصحارى لسنوات طويلة من دون استغلال ما كان له مردود سلبي على تآكل الدلتا القديمة التى ارتبط بها المصريون منذ عصور قديمة وتسبب ذلك فى تنامى عمليات الزحف العمرانى العشوائى على الأراضى الزراعية.

يقع المشروع، الذى تفقَّده الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤخراً حيث شهد موسم حصاد محصولى البطاطس وبنجر السكر، بالقرب من مطارى سفنكس وبرج العرب وميناءى الدخيلة والإسكندرية، مما يساعد على سهولة توصيل مستلزمات الإنتاج والمنتجات النهائية، ويجعل المشروع مقصدًا زراعيًا جاذبًا للمستثمرين.

 

الرئيس السيسى خلال زيارته لمشروع «مستقبل مصر»

ويهدف المشروع إلى تنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى من خلال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية سليمة، فضلًا عن إقامة مجمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعى المكتمل الأركان والمراحل من زراعة المحاصيل وحصادها بأحدث الآليات ثم الفرز والتعبئة والتصنيع، ويوفر مشروع "مستقبل مصر" أكثر من ٢٠٠ ألف فرصة عمل جديدة، مما يساهم فى إعادة توزيع السكان وجذب عدد كبير من المواطنين لتخفيف التكدس السكانى فى الوادى القديم والدلتا.

وبالتوازى مع هذا المشروع هناك المشروع القومى لتنمية وسط وشمال سيناء ليجسد فكرة الاستغلال الأمثل لموارد أرض سيناء من خلال تنفيذ التكليف الرئاسى باستصلاح 456 ألف فدان بوسط وشمال سيناء، وجرى بالفعل استصلاح 186 ألف فدان وجار استصلاح 270 ألف فدان لتكون جاهزة للزراعة اعتبارا من يوليو 2021 بكامل مرافقها من ترع وشبكات رى بأحدث طرق الرى وشبكات الكهرباء وشبكات الطرق المتصلة مع أنفاق وكبارى قناة السويس، وما يتبعها من إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة مكونة من قرى نموذجية على أحدث طراز وبأعلى درجات الجودة من حيث البنية الأساسية والمرافق العامة وتوفير سبل العيش من كهرباء ومياه وصحة وتعليم وملاعب رياضية وأجهزة حكومية.

قال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التخطيط والتنمية بجامعة الفيوم، إن مصر تنفذ مفهوم التنمية المستدامة منذ العام 2015 وفقاً لرؤية مصر2030، وتتضمن محاور هذه الرؤية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وأن هناك ثلاث أهداف رئيسية لهذه الرؤية وهى تحقيق الاستقرار الأمنى وبناء الإنسان المصرى والحد من الفقر.

وأوضح أن المشروعات المصرية التى تتمدد شرقاً وغرباً تسعى لتحقيق هذه الأهداف على التوازى، فعلى المستوى الأمنى مثلاً تستهدف مصر تحقيق رؤية أمنية مستقرة تراعى أبعاد حقوق الإنسان باعتباره هدفاً فى حد ذاته للدولة مع مراعاة تحقيق الاستقرار الأمنى ومواجهة العناصر الإرهابية، والدولة فى هذا المجال استطاعت أن تنجح فى إنزال خططها على الأرض بفعل حالة الاستقرار الحالية التى أخذت منحى تصاعديا من العام 2014، وحتى العام الجارى.

أما على مستوى الحد من الفقر، فإن هاشم يؤكد أن مصر وضعت فى خطتها مجابهة الفقر متعدد الأبعاد الذى يتضمن الفقر التعليمى والصحى وليس المادى فقط، واستطاعت أن تجنى ثمار ما زرعته خلال السنوات الماضية عبر توفير فرص عمل هائلة للشباب فى المشروعات التنموية المنتشرة فى جميع ربوع البلاد، وتراجعت معدلات الفقر 2.4% منذ العام 2018 وحتى 2020، وهو إنجاز لم يتحقق منذ عشرين عاماً وبالتحديد منذ عام 1999، ما سيكون له انعكاسات مستقبلية على الأوضاع المعيشية ومستوى التعليم.

أما على مستوى بناء الإنسان المصرى فإن الخبير فى مجال التنمية يشدد على أن اهتمام الدولة بالمشروعات التعليمية وإتاحة الفرصة أمام تعدد طرق التعلم التكنولوجية والتقليدية والتوسع فى إنشاء الجامعات سواء كانت حكومية أو أهلية، هذا بالإضافة إلى اهتمامها بمشروعات الأمن الغذائى سواء فى سيناء أو الدلتا، هذا بالإضافة إلى مراعاة الدولة لتعدد المجتمعات التى تقيم عليها على المشروعات فهناك مجتمعات سياحية يتماشى معها التطور الحاصل فى مجالات المتاحف الأثرية الجديدة وكذلك الأمر بالنسبة للمجتمعات البدوية والصناعية والزراعية.

لا تقتصر مشروعات التنمية على الشرق والغرب فقط، فهناك مشروع "توشكى الخير" فى الجنوب، ومشروع الريف المصرى فى الظهير الصحراوى لعدد من المحافظات، ليصل إجمالى المساحات المطلوب إضافتها إلى الرقعة الزراعية خلال العامين المقبلين إلى أكثر من مليونى فدان.

برأى صلاح هاشم الذى يشغل أيضاً منصب مستشار وزيرة التضامن للسياسات الاجتماعية، فإن التنمية الزراعية هى الأكثر جذباً للمواطنين لما تتطلبه هذه المشروعات من عمالة كثيفة بعكس كثير من المشروعات الصناعية وبالتالى فإن ذلك يساهم فى توطين أكبر عدد من المزارعين، ارتكاناً على تحقيق ما يسمى "سلاسل القيمة" عبر إقامة مصانع إلى جانب هذه المشروعات الزراعية تستوعب أكبر قدر من العمالة وتحقق الاكتفاء الذاتى من الاحتياجات فى تلك المناطق العمرانية الجديدة.

ويذهب العديد من خبراء الزراعة للتأكيد أن تركز المشروعات الزراعية على الوادى الجديد غرباً، يرجع إلى أنها تشكل ثلث مساحة مصر تقريباً كما أن الأراضى فى تلك

المناطق خصبة، وبها مياه جوفية صالحة للاستثمار الزراعي، وهو الأمر ذاته الذى يتحقق فى شبه جزيرة سيناء شرقاً.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن الحكومة تنفذ برنامجاً طموحاً لتنمية شبه جزيرة سيناء، وأن الوزارة تعمل مع شركاء التنمية من الصناديق العربية على توفير التمويلات التنموية اللازمة لدعم تنفيذ برنامج الحكومة التنموي، وأن التمويل الخارجى يستهدف إتاحة الخدمات الأساسية لـ 558 ألف نسمة فى سيناء، وتوفير 2600 مسكن واستصلاح وزراعة 18 ألف فدان، فضلا عن المشروعات الأخرى فى قطاعات التعليم ومياه الشرب والصرف الصحي.

وأوضحت الدكتورة حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، أن التمدد شرقا وغرباً يساعد على إعادة التوزيع السكانى داخل البلاد والذى تركز حول نهر النيل، وهو ما يساعد على فتح آفاق جديدة للشباب، كما أنه يقدم رسائل سياسية ذات دلالات مهمة على رأسها أن الدولة تعمل بكل جد لتحسين أوضاع المواطنين وأنها حريصة على توفير المحاصيل والسلع الغذائية وتوطين الصناعات المحلية المختلفة، وهو ما سيعود بالنفع أيضاً على الأجيال القادمة ويساهم فى التعامل مع الصعوبات الاقتصادية التى فرضها انتشار فيروس كورونا.

وأشارت إلى أن هذه المشروعات تحقق جوانب سياسية أخرى، إذ إنها تزيد من ثقة المواطنين فى الدولة وتبرهن على أن مصر استطاعت أن تتخطى مرحلة عنق الزجاجة التى مرت بها فى سنوات الاضطرابات فى أعقاب العام 2011، وأنها استطاعت أن تصل إلى مرحلة الاستقرار فى وقت قياسي، عكس كثير من الدول التى تعرضت لنفس ما جرى إلا أنها مازالت تعاني.

وشددت أن العامل المهم فى هذه المشروعات أنه قد ثبت للمواطنين أن الحكومة لا تذهب باتجاه تدشين المشروعات من دون أن تدرس نتائجها، وهو ما كان سبباً فى السابق نحو عرقلة العديد من المشروعات التى لم تكتمل، لكن نجاح هذه المشروعات على الأرض يبرهن على أن هناك تخطيطا استراتيجيا وبرامج مدروسة، تحديداً فيما يتعلق بتوفير المياه وخطط معالجتها ثلاثياً للتعامل مع أزمات الفقر المائي، هذا بالإضافة إلى دعم القيادة السياسية الذى يجعل الأضواء مسلطة باستمرار عليها من أجل ضمان نجاحها والاستفادة منها بالشكل المطلوب.

 

 

 

المشروعات الزراعية تسهم فى خلق مجتمعات جديدة متكاملة شرقاً وغرباً

فيما قال اللواء محمد الغباشي، نائب رئيس حزب حماة وطن، إن التنمية الاقتصادية تعد إحدى الركائز الرئيسية لحماية الأمن القومي، وأن زيادة معدلات المشروعات التى تتبناها الدولة يساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو يؤدى بشكل مباشر لتحقيق الأمن والاستقرار، وأن الدولة كلما ذهبت باتجاه شغل مناطق غير مأهولة وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وكلما خلقت فرص عمل جديدة كان ذلك مساهماً فى قوة الدولة وتقوية أعمدة استقرارها.

وأوضح أن عملية التوسع شرقاً وغرباً، تعد إحدى الخطوات الناجحة والمهمة من الناحية الأمنية وأن ترك مساحات شاسعة غير مأهولة بالسكان يتيح الفرصة للعناصر الإرهابية من أجل استغلالها للاختباء أو التدريب أو تخزين الأسلحة، واتخاذها نقطة انطلاق لتنفيذ عملياتها الإرهابية، كما الحال فى السنوات الماضية التى سبقت مرحلة الاستقرار الحالية، مشيراً إلى أن حضور الدولة عبر المشروعات التنموية فى كافة أرجاء البلاد يقلل من فرص تواجد العناصر الإرهابية.