فى الصميم

الخطر الإثيوبى يهدد إفريقيا كلها

جلال عارف
جلال عارف

جولة إفريقية جديدة لوزير خارجيتنا سامح شكرى لوضع الأشقاء الأفارقة أمام آخر تطورات أزمة السد الإثيوبى، فى ضوء التعنت من جانب إثيوبيا التى تصر على تفجير الموقف والبدء فى الملء الثانى للسد دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق كل الأطراف ولا يلحق الضرر الجسيم بدولتى المصب (مصر والسودان).

الساحة الإفريقية مهمة للغاية وتستلزم جهداً كبيراً لشرح قضيتنا العادلة، ولتوضيح  مدى المرونة والاعتدال فى موقف مصر والسودان فى مقابل الحرص الإثيوبى على إفشال أى تفاوض جاد، واتخاذ طريق المراوغة والتسويف فى غياب أى إرادة حقيقية للتوصل للحل العادل والممكن الذى يضمن لإثيوبيا كل إمكانيات التنمية ويضمن لمصر والسودان حق الحياة المرتبط بالحفاظ على حصتهما فى مياه النيل.

لقد انفردت إثيوبيا بالساحة الإفريقية لسنوات أشاعت فيها أكاذيبها حول قضية السد، وروجت لمغالطاتها التى تحاول فيها تبرير انتهاكها للقوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، وإضفاء شرعية مستحيلة على ما تقوم به من عدوان على حقوق شركائها فى النيل.

الصورة الآن بدأت تتضح أمام الأشقاء الأفارقة بعد أن أسفرت إثيوبيا عن حقيقة موقفها الرافض لأى اتفاق ملزم، والمتوهم أن باستطاعته فرض الأمر الواقع بمخالفة القوانين بالعدوان على حقوق مصر والسودان متصوراً أن بإمكانه حرمان ١٥٠ مليون مصرى وسودانى من حق الحياة المرتبط بالنيل. ومهمتنا الآن أن نواصل وضع الحقائق أمام الأشقاء فى إفريقيا، وأن نصل برسالتنا إلى الرأى العام هناك لكى نكشف الأكاذيب الإثيوبية ونلقى الضوء على موقفنا العادل الذى يرفض القرارات الأحادية ويتمسك بالاتفاق الملزم قبل الملء الثانى للسد الذى سيفجر الموقف لو أقدمت عليه إثيوبيا دون اتفاق.

الخطر الإثيوبى ليس على مصر والسودان فقط، وإنما يمتد لكل دول إفريقيا. إثيوبيا − بما تفعل − ترفض الالتزام بالاتفاقيات التى وقعتها منذ ١٩٠٢ لتنظيم العلاقة فيما يخص مياه النيل مع مصر والسودان. إنها تفتح الباب لفوضى من حروب المياه ومعارك الحدود لتغطى على أزماتها الداخلية، أو لتنفذ مخططات لأطراف أخرى يعرف الأشقاء الأفارقة أنها لا تكن لإفريقيا الخير ولا تريد لها التقدم.. جهدنا لتوضيح كل الحقائق فى هذه القضية لابد أن يتواصل. لا ندعو للصدام والعداء كما تفعل إثيوبيا، بل نطلب الحفاظ على حقوقنا ونعرف كيف ندافع عنها. كل الفرص متاحة أمام إثيوبيا لتصحيح موقفها، وكل الخيارات متاحة أمامنا إذا تجاوزت إثيوبيا الخطوط الحمراء!