مساجد لها تاريخ | 20 صورة تحكي قصة جامع الخلوتي المنحوت في الجبل 

 مسجد «شاهين الخلوتي» المنحوت في الجبل 
مسجد «شاهين الخلوتي» المنحوت في الجبل 

يعد مسجد شاهين الخلوتي هو مسجد أثري يحمل رقم (212) بسجلات الآثار الإسلامية، وهو منحوت في الجبل بمنطقة الأباجية بسفح المقطم بالقاهرة، خلف المدافن، وكانت هذه المنطقة تسمى قديما وادي المستضعفين، كما يروي لنا اليوم الباحث الآثارى حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

اقرأ أيضا: 4 خدمات تقدمها مبادرة رئيس الجمهورية للعناية بصحة الأم والجنين

والمسجد الآن؛ عبارة عن أطلال ولم يتبق منه تقريباً غير المئذنة وقبة الضريح، وهو مبني على طراز معماري نادر جداً في مصر وهو عمارة الحجر المنحوت، فهو منحوت في الجبل مثل معبدي أبو سمبل وحتشبسوت.

والشيخ الصالح العابد شاهين المحمدي، ولد بمدينة تبريز بإيران في القرن التاسع الهجري إذ لا يعرف تاريخ ميلاده على وجه التحديد، وأمضى في فارس طفولته ومعظم شبابه ثم رحل إلى مصر في عهد السلطان الأشرف قايتباي، وكان ذا همة وشجاعة جميل الخلقة ممشوق القوام، فاشتراه السلطان وأصبح من مماليكه وانتظم في جنده. غير أنه كان منطويا يحب العزلة ولا يطمئنُ إلا إلى صحبة الفقهاء ورجال الدين، فحفظ القرآن والكثير من الأحاديث.

 

 فلما عرف السلطان عنه ذلك قربه منه وصار لا يبارح مجلسه ولما طلب منه شاهين أن يتركه ويخليه لعبادة ربه فعل وأعتقه فساح إلى بلاد فارس، وهناك تتلمذ على يد الشيخ العارف بالله عمر روشني الموجود بالمدينة، حتى أصبح من أقرب تلاميذه ومريديه، وأخذ عنه الطريق، ثم رجع إلى مصر وصاحب ولى الله محمد الدمرداش بالعباسية وأصبح من أعز رفقائه ومريديه، ولذلك عرف بشاهين الدمرداشي المحمدي.

 

ولما توفى الشيخ الدمرداش؛ ترك شاهين العباسية وسكن جبل المقطم، ولم يزل مقيما في خلوته هناك لا ينزل منه نحو ثلاثين سنة، واشتهر أمره فتردد عليه الأمراء والوزراء لزيارته والتبرك به، وكان كثير المكاشفة قليل الكلام جدا. كما كان كثير السهر متقشفا في الملبس معتزلا عن الناس وظل كذلك حتى توفى سنة 901 هـ.

 

وقد بٌنى مسجد شاهين الخلوتي؛ عام (945هـ/ 1538م)، وكانت مصر آنذاك ولاية عثمانية واليها داوود باشا الخصى الذي تولى الحكم خلال الفترة ما بين (956-945هـ)، قد أنشأه الشيخ جمال الدين شاهين لوالده الشيخ الصالح العارف بالله شاهين الخلوتي الذي توفى عام 953 هجرية.

 

والمسجد ضمن مجموعة تضم المسجد وضريح وثلاثة قبور أكبرهم لشاهين الخلوتي؛ ثم آخران لابنه جمال الدين شاهين وابنه محمد شاهين، فقد كان المسجد يحتوي على مكان للصلاة ومئذنة وملحقات كانت عبارة عن مساكن وخلوات للصوفية، ومقابر؛ فهو كان يشبه الضاحية المعلقة بالجبل متوفر بها جميع الخدمات من خزانات للمياه ومساكن ومرافق كاملة المنافع تضمن لقاطنها حياة متكاملة.   

 

ويصعد إلى المسجد بممر؛ يصل منه الصاعد إلى قاعة الصلاة بالمسجد نفسه، وكان الصاعد في السابق يجد في مواجهته ضريحا عليه قبة داخل المسجد لا يزال أثره منقورا على هيئة مستطيل بالجهة الغربية من المسجد بجوار فتحة الصعود، وكان بالمسجد أربعة أعمدة من الحجر، وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف.

 

 ويقال إنه كان يوجد به صهريج مياه؛ وتوجد آثاره في داخل القاعة الشرقية، ويلاحظ أيضا أن دورة المياه كانت بالطرف الجنوبي الغربي، ولها مجارير تسير نحو حافة الجبل ذات فتحات علوية، وهناك آثار مرحاض بجوار الحائط الجنوبي، وعلى مقربة منه محراب حجري صغير.

 

وباب القبة يعلوه قطعة رخام مكتوب عليها "بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا المسجد ووقفه العبد الفقير إلى الله جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله الشيخ شاهين افتتح عام 945 هجرية"، وداخل القبة أيضا مكتوب تاريخ تجديدها عام 1007 هجرية. 

 

أما المئذنة؛ فهي ثالث مئذنة عثمانية في مصر بعد مئذنتي سليمان باشا بمسجديه، فهي من نفس التصميم إذ تشتمل على قاعدة مربعة مرتفعة تتناسب مع طبيعة المكان المنشأة فيه، ثم تقل مساحة القاعدة عن طريق ميل هرمي، لتشكل قاعدة معتادة استخدمت في معظم المآذن العثمانية بمصر، وفيما بعد تتحول إلى بدن عظيم مضلع مكون من 16 ضلعا أعلاه محلى بخيزرانة كبيرة ثم جلسة محمولة على بروز على هيئة حلية كان يعلوها درابزين ـ ثم يعلو ذلك البدن الثاني المستدير المرتفع الذي تعلوه جلسة عليها بقايا درابزين حجري، ثم بدن ثالث أسطواني ينتهي بخوذة مخروطية عثمانية مغطاة بقيشاني. 

 

والمئذنة كلها مبنية بالحجر النحيت مثل المباني المملوكية،  وهي مئذنة ضخمة وقوية لم تتأثر بالزلازل التي تعرضت لها البلاد.