«حكايات»| هل الله يغوي خلقه لفعل الشر؟ «1»

د. محمد داود
د. محمد داود

كثيرا ما يقف الشباب المعاصر أمام بعض آيات القرآن حيارى بسبب ضعف حسهم اللغوى وقلة الزاد من قواعد اللغة العربية التى نزل بها القرآن الكريم... ودائما نؤكد أنه من حق الشباب أن يسأل ومن الواجب على أهل العلم أن يبينوا بالحجة والبرهان؟
من هذه الأسئلة قول بعضهم:س:عندما قرأت هذه الآية :(قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِى لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِى الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)) [الحجر: 36-40].
قفز سؤال إلى عقلى يحيرنى: يقول الشيطان لله عز وجل (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي) هل الله هو من أغوى الشيطان كى لا يسجد ويقوم الخلاف بينه وبين الإنسان؟ ولماذا يحدث هذا؟ او ما تفسير هذا؟! وللأجابة على هذا السؤال نقول:
ج : عزيزتى... هذا باب فى قواعد البلاغة العربية اسمه: فن المشاكلة.
ومعناه ذكر الشىء أو المعنى بلفظ غيره لوقوعه فى صحبته؛ لإيقاظ العقل ولفت الانتباه وبيان أن الجزاء من جنس العمل.
لقد شاءت حكمة الحكيم أن خلق الإنسان حرًّا مختارًا، فالإنسان حيث يضع نفسه، فإن اختار الطاعة والذكر نال الجزاء المناسب
لذلك فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ ومعنى أَذْكُرْكُمْ هنا ليست بمعنى فَاذْكُرُونِى
فَاذْكُرُونِى أى بالذكر القولى سبحان.. الحمد لله... القرآن... إلخ.
وبالذكر العملى... وهو فعل الطاعات والصالحات.
أما معنى، أذكركم: أى أذكركم بالتوفيق والقبول والتأييد والحفظ والمنازل العالية والدرجات الرفيعة يوم القيامة وهكذا.
وهذا الأسلوب مألوف لدى العرب، كما فى قول الشاعر:
من بلغ أفناء يعرب كلها إنى بنيت الجار قبل الدار
فالذى سوَّغ بناء الجار هو بناء الدار
بعد هذا التمهيد، نصل إلى الآية موضوع السؤال... قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِى لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِى الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(40) [الحجر: 39-40].
..والحديث موصول.