فى اليوم العالمى للتراث..

خبير آثار يرصد معالم التراث المسيحي والإسلامي في القرآن الكريم

معالم التراث المسيحى والإسلامى 
معالم التراث المسيحى والإسلامى 

يوم التراث العالمي الذي يوافق 18 أبريل هو يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية الإيكوموس  للاحتفاء به كل عام برعاية منظمة اليونسكو ومنظمة التراث العالمي من أجل اليوم العالمي لحماية التراث الإنساني، حسب الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في باريس في عام 1972.

وفى هذا الصدد يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار معالم التراث المسيحي والإسلامي فى القرآن الكريم وذكر محراب السيدة مريم العذراء فى الآية 37 من سورة آل عمران «كلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا» وهو المحراب التى كانت تتعبد فيه مريم العذراء وكان الله يرزقها بأفضل الطعام ومنه نشأت فكرة القلاّية المسيحية الذى يتعبد فيها الراهب والتى تطورت إلى مكان يتجمع فيه الرهبان للعبادة والطعام أيام الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة ثم إلى شكل الدير المسيحى المتكامل المكون من كنيسة أو عدة كنائس وقلايا الرهبان ومطعمة لتناول وجبة المحبة وحصن يحتمى به الرهبان وقت الخطر ومنطقة خدمات.

ويشير الدكتور ريحان إلى بشارة السيدة مريم العذراء بالسيد المسيح الذى رسمت فى أشهر أيقونات مسيحية فى مصر وكافة أنحاء العالم وقد جاءت البشارة فى الآية 45 بسورة آل عمران «إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ».

ويتابع الدكتور ريحان ريحان أن اتجاه الكنائس فى العالم أجمع ناحية الشرق حيث يطلق على العنصر المعماري المبنى باتجاه الشرق بالكنائس «شرقية الكنيسة» وهو العنصر الأساسي في العمارة الكنسية وقد ذكر في إنجيل متى 24: 27 «لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب» هكذا يكون ‏أيضًا مجيء ابن الإنسان، وذكر في القرآن الكريم في سورة مريم آية 16، 17 اتجاه السيدة مريم العذراء إلى الشرق حين جاءتها البشارة بنبى الله عيسى عليه السلام «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا».

ويوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أن المقصود بالربوة التي أوت إليها العائلة المقدسة والمذكورة في سورة المؤمنون آية 50 «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ»، هي أرض مصر التي لجأت إليها العائلة المقدسة وهى أرض بها نبات.

وجاء فى القرآن الكريم تفصيل لطرز المبانى المسيحية وتطورها  فى الآية 40 من سورة الحج «وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرًا» والمقصود بالصوامع في الآية هي قلايا الرهبان المتعبدين في الصحراء، والبيع جمع «بيعة» وهى الكنائس بكل أشكالها سواء كانت داخل أديرة أو منفصلة، وكلمة صلوات جمع «صلوتا» وهى معابد اليهود، مشيرًا إلى أن الآية تؤكد التحريم الواضح لمنع هدم الأماكن المقدسة للأديان السابقة على الإسلام وحمايتها وهي سابقة على الإسلام، مما تعد من آثار الحضارات السابقة.

ويشير الدكتور ريحان إلى المائدة الربانية التى جسّدها دافنشى فى أشهر لوحة عالمية «العشاء الأخير» وقد ذكرت المائدة المقدسة فى سورة المائدة آية 114 «قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِّنكَ، المائدة» ورسمت لوحة العشاء الأخير من عام 1495م وانتهى منها دافنشى عام 1498م وقد رسمها على أحد جدران قاعة الطعام في «دير سانتا ماريا» في ميلان بإيطاليا ويبلغ طول اللوحة 8.8م وعرضها 4.6م والعشاء الأخير طبقًا للعهد الجديد، هو عشاء عيد الفصح اليهودي التقليدي، وكان آخر ما احتفل به يسوع مع تلاميذه، قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته.

وبخصوص الآثار الإسلامية فأهمها الكعبة المشرّفة الذى رفع قواعدها نبى الله إبراهيم ونبى الله إسماعيل كما جاء فى الآية 127 من سورة البقرة «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» أمّا أصل البناء فهو من عند الله عز وجل  كما ذكر مقام نبى الله إبراهيم فى الآية 97 من سورة آل عمران «فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ» كما ذكر جبلى الصفا والمروة فى الآية 158 من سورة البقرة «إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ».

ولفت الدكتور ريحان إلى القبلة الأولى للمسلمين التى ذكرت فى الآية 143 من سورة البقرة وكانت تجاه الشرق ويوجد مسجد حتى الآن بالسعودية يطلق عليه «المسجد ذو القبلتين» والذي تحولت فيه القبلة إلى مكة المكرمة «وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ» وكذلك ذكر المسجد الحرام والمسجد الأقصى كموقع فى الآية 1 من سورة الإسراء «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» حيث سيبنى المسجد الأقصى بعد ذلك فى نفس الموقع فى العصر الأموى ثم ذكر المسجد الأقصى صراحة كبناء بعد ذلك فى الآية 7 من سورة الإسراء «وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ».