الأعلى للإعلام يستطيع السيطرة على الزيادة السكانية بالتوجيه

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تجاهل نسب المشاهدة العالية فى رمضان أصاب الدراما الإنجابية بـ«العقم»
إنتاج مسلسل رمضانى يخدم القضية ويوفر ملايين الجنيهات من حملات التوعية
3 أفلام غيرت الخريطة الإنجابية فى مصر.. وساعدت فى خفض المواليد بنسبة 40%
الإذاعة أسهمت فى حل القضية بـ «كفر نعمت» فى السبعينيات 
الأعلى للإعلام يستطيع السيطرة على الأزمة بتوجيه الإنتاج الخاص 

السينما قدمت حلولًا ايجابية وتفوقت على الحملات الرسمية
عودة قطاع الإنتاج بميزانية جيدة يفرض التوازن المفقود فى الدراما السكانية 
عادل إمام ورشدى أباظة وفاتن حمامة أنقذوا البلاد من كارثة سكانية كبيرة 

كتب|محمد إسماعيل 

عندما تعجز الدول فى تنفيذ بعض الخطط الاقتصادية وتفشل جميع الحملات الرسمية فى توصيل المعلومات الصحيحة للمواطن فتلجأ الحكومات عادة إلى الدراما والسينما لتصدير المفاهيم الصحيحة لتساعد على تحقيق أهدافها الاقتصادية.
ويستطيع الفن بكل أنواعه وأشكاله فى التأثير المباشر على المشاهدين والعمل على تغيير بعض الثوابت التي تكون عائقًا أمام خطط التنمية ومن أهم القضايا التي تصدت لها الدراما المصرية كانت القضية السكانية التي شكلت خطرًا كبيرًا على مصر فى نهاية الستينيات من القرن الماضي وكادت هذه القضية أن تتسبب فى كوارث اقتصادية تعيق البلاد عن تحقيق أهدافها فى هذه المرحلة.

وبعد فشل الحملات الإعلانية التي قدمت من قبل ومنها «حسانين ومحمدين» لفاطمة عيد أو «الراجل بكلمته» بصوت أحمد ماهر، أو ما قدم بوسائل إذاعية أخرى لم يكن مؤثرا بالشكل الذي توقعه صناع هذه الأفكار، لأنها قدمت كحملات إعلانية مباشرة.
وحتى البرامج لم تقدم شيئاً يفيد القضية لذا كان الحل الأخير هو الاتجاه إلى السينما والمسرح والتليفزيون فى تغيير بعض المعتقدات التي سيطرت على 90% من الشعب المصري وخاصة فى ريف وصعيد مصر الذي شكل أكثر من 96% من حجم المشكلة السكانية فتم وضع خطة فنية للتصدي للمشكلة.
رمضان
ويأتي الفشل الإنتاجي في التصدي لأخطر المشاكل التي تواجه مصر بعدم القدرة على استغلال نسب المشاهدة العالية فى رمضان بإنتاج وعرض مسلسل يخدم القضية السكانية ويستطيع التأثير أكثر من حملات التوعية التي يٌنفق عليها ملايين الجنيهات ولا تؤثر فى المعتقدات الاجتماعية.


سينما


وقد أنتجت 3 أفلام خصيصاً للقضاء على هذه المشكلة ونجحت بالفعل فى تحقيق نجاحات كبيرة فى ذلك الوقت وإن لم تستطع المساهمة في الحد من الزيادة السكانية بالشكل المتوقع! 
ومن أبرز الأفلام التي ناقشت هذه المشكلة فيلم «عالم عيال عيال» للنجم الراحل رشدي أباظة وسميرة أحمد، فهو فيلم أنتج عام 1976، مأخوذة قصته من الفيلم الأمريكي «أولادك وأولادي وأولادنا». وتدور أحداثه حول «سامية» وتجسده الفنانة سميرة أحمد التي لديها ستة أطفال، تتعرف على «حلمي» مهندس البترول ويجسده الفنان رشدي أباظة الذي هو أب لثمانية أطفال، وينتقل الزوجان مع الأولاد الأربعة عشر للعيش في بيت واحد وقد نجح الفيلم فى خفض عدد المواليد فى تلك الفترة.
ويأتى1974 بفيلم «الحفيد» للمخرج عاطف سالم والذي يعتبر أحد أهم الأفلام التي ناقشت هذه المشكلة ولكن بشكل كوميدي، الفيلم بطولة عبد المنعم مدبولي وكريمة مختار ونور الشريف وميرفت أمين ومحمود عبد العزيز ومنى جبر ويستعرض الفيلم الصعوبات التي يلاقيها الأهل في تحمل أعباء أولادهم، وكان من أهم أفلام الموجهة للقضاء على مشكلة الزيادة السكانية فيلم «أفواه وأرانب» إخراج بركات والذي أنتج عام 1977 بطولة فاتن حمامة وفريد شوقي ومحمود ياسين معالجة قضية الفقر والغنى وعدم التخطيط الأسري، «نعمة» والتي تجسدها فاتن حمامة والتي تعيش مع شقيقتها الكبرى وأسرتها المكونة من زوجها عبد المجيد وأولادهما التسعة، والتي تعاني من إهمال الأبوين وعدم تحملهما المسؤولية بصورة صحيحة.
وأدركت فاتن حمامة أهمية وخطورة ما يحدث فى مصر من زيادة سكانية فناقشت فكرة الفيلم مع زوجها الدكتور محمد عبد الوهاب الذي شجعها بشدة وطالبها بأن يتم تغيير اسم الفيلم من «الحب الصغير» إلى «أفواه وأرانب».
كفر نعمت
وكانت فاتن مدركة تمامًا لحجم خطورة الزيادة السكانية وأهمية دور الفن فى ذلك لذا سعت إلى تقديم نفس القصة إذاعياً بعنوان (كفر نعمت) على إذاعة البرنامج العام، وأعاد كتابته للإذاعة وأخرجه سمير عبد العظيم وكلمات عبد الوهاب محمد وألحان محمد الموجي وغناء وردة.
اقتحام
ولم تكتف السينما بهذه الأفلام فقررت اقتحام القضية بمزيد من الإنتاج السينمائي والذي نجح بالفعل فى القضاء على الظاهرة المزعجة فى هذه الفترة الزمنية فتم إنتاج أفلام أخرى متنوعة عالجت مشاكل كثرة الإنجاب مثل إمبراطورية ميم وغيره.
مسرح
وكان من المهم توجيه رسائل مباشرة إلى الطبقة المتوسطة فكان المسرح هو من أفضل الأدوات التى ساعدت كثيراً فى تغيير بعض المفاهيم الإنجابية. 
حيث قدم سمير غانم وصفاء أبو السعود مسرحية «موسيقى فى الحي الشرقي عام 1971 التي جسدت حياة أب أسرة يعانى من تربية أبنائه السبعة.


وفى مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» قدم عادل إمام لوحة من أروع لوحاتها، فرغم أنها لم تكن تقصد التركيز على الزيادة السكانية، إلا أن مشهداً واحداً منها عبر بصدق عن أزمة السكان والحياة فى غرفة واحدة من خلال ما حدث بين سرحان عبد البصير عادل إمام والفنان سامي جوهر الذي قدم شخصية (برعي) والذي قال بطريقة كوميدية إنه هو وأولاده السبعة وزوجته وحماته فى غرفة واحدة.
برامج.
وقد قام التليفزيون فى فترة السبعينيات بإنتاج أكثر من 15 برنامجًا موجهة خصيصا للتصدي لمشكلة الزيادة السكانية ومن هذه البرامج «اتنين وبس» والبرنامج القصصي «كلنا معاك» والذين تناولا بعض المشاكل نتيجة قيام الأسرة بإنجاب أكثر من طفلين كما تم إنتاج برنامج تحت اسم «عيلة صغيرة» والذي نجح فى تعديل السلوك الإنجابي فى صعيد مصر.
الأعلى للإعلام
ولأن أصبحت هناك حاجة ملحة في التصدي لهذه الظاهرة التي تلتهم كل الموارد وتُعيق تنفيذ الخطط الاقتصادية.
فإنه يستطيع المجلس عقد اجتماعات مع شركات الإنتاج الكبيرة للعمل على إنتاج سلسلة من الأعمال السينمائية والمسلسلات الدرامية التي تعالج هذه المشكلة بطريقة سهلة مع ضرورة وجود بعض القنوات الكبرى حتى يضمن المنتجين تسويق هذه الأعمال ولا يتعرضون لخسائر مادية.
ويمكن للمجلس الأعلى أن يقوم بالاتفاق مع هذه الشركات بتقديم بعض التسهيلات مقابل إنتاج هذه النوعية من الأعمال وكذلك إعطاء مزايا تنافسية للقنوات التي ستقوم بشراء وعرض هذه الأعمال حتى يكون هناك حافز مادي أو معنوي يدفع المنتجين وأصحاب القنوات على تنفيذ خطة الدولة فى التصدي لهذه الظاهرة.
قطاع الإنتاج
كما أن الدراما لا بد أن تعيد النظر فى الموضوعات التي تتناولها وعلى رأسها، الزيادة السكانية، إذ إن هناك خطراً من هذه الزيادة التي تلتهم كل ما يحدث من تنمية وهنا يأتي دور الدولة متمثلًا فى قطاع الإنتاج بقيادة ميرفت العشري التي تستطيع عمل توازن درامي بإنتاج 4 أو 5 مسلسلات تكون قادرة على تغيير المفاهيم الإنجابية وتحقيق الحلم الرئاسي فى حل هذه المشكلة وتوجيه رسائل مباشرة وغير مباشرة لجميع المشاهدين على مستوى مصر والحل الوحيد لعمل هذا التوازن الدرامي هو ضخ بعض ملايين فى خزائن القطاع لإنتاج لتنفيذ الحلم الرئاسي.
التمويل
وتستطيع الهيئة الوطنية للإعلام بتوجيه فائض ميزانية الأجور (الفرق بين ما يتم صرفه من المالية 220 مليون شهريا وبين ما يصرف فعليا على الأجور بعد خروج البعض على المعاش ووفاة البعض الآخر وثبات المنصرف من المالية) ويستطيع القطاع الاقتصادي توفير على أقل تقدير 8 ملايين جنيه شهرياً لقطاع الإنتاج للبدء في التصدي للمشكلة السكانية والتي يعتبرها السيسي هدفًا قوميًا فى المرحلة القادمة.

اقرأ أيضا| الدراما.. سلاح الوعي| الورد اللي فتـــح في جناين الدراما