أما قبل

صارفين.. ومكلفين!

داليا جمال
داليا جمال

وانت قاعد تتفرج على مسلسلات شهر رمضان المبارك على شاشة التلفزيون، فجأة تلاقى نجمتك الاستعراضية الغائبة منذ سنوات وقد عادت للشاشة فى إعلان مبهر، صحيح مالوش أى علاقة بحاجة إلا أنك انبهرت بالملابس والإكسسوار، والصرف اللى باين على الإعلان، لتفاجأ فى النهاية ان الاعلان اللى مافهمتش منه حاجة هو إعلان عن شركة من شركات الاتصالات وعن شبكتها العظيمة، وقدراتها الهايلة، اللى هى بالصدفة نفس شبكة تليفونك اللى بتقطع المكالمة بعد أول كلمتين! واللى بتجبرك تقف فى البلكونة علشان تلقط الشبكة لو حبيت تعمل مكالمة!
فلا تملك إلا أن تقول عجبت لك يا زمن!
 فتقلب القناة على محطة تانية، فتنبهر أكتر وأنت بتشوف وتسمع إعلان تانى أكثر إبهارا لمطرب كبير وهو بيروج لشركة إتصالات تانية! ويقولك يعنى انها شبكة لم الشمل والذكريات والعيلة، فيأخذك الحنين لأيام زمان وتتأثر ودموعك تنزل منك، وأنت منبهر من هذا الكم من الكذب عن قدرات الشبكة وجودة الخدمة وعظمة الشركة اللى هى بالصدفة، نفس شبكة تليفونات أولادك، واللى بتقطع الانترنت عنهم وسط امتحاناتهم اون لاين! واللى مندوب خدمة العملاء فيها دايما يقولك عند أى شكوى من سوء الخدمة.. الظاهر يافندم انك لازم تغير الراوتر اللى عندك براوتر جديد، لأنه مش عارف يعترفلك ان شبكتهم أصلا ضعيفة ومهلهلة، وان ما تشكو منه يشكو منه الجميع!!
بعد كل الانبهارات دى، تدخل على الفيس بوك لتكتشف أن شركة الإتصالات الأولى صارفة ومكلفة على اعلانها ملايين ودافعة للفنانة لوحدها ٢مليون دولار يعنى ٣٤ مليون جنيه، علشان ترجعك لأيام زمان، وان الشركة المنافسة دفعت مبلغ زيه للنجم الكبير اللى خلاك تعيط علشان تروج لشبكتها هي!
وأمام الحقيقة المرة وسوء الخدمة فى كلتا الشبكتين، وأمام هذه الملايين الكثيرة المصروفة على الإعلانات وليست على تحسين الخدمة للمشتركين، لا تجد أمامك كمشترك مغلوب على أمره إلا أنك تعيط فعلا.. ليس تأثرا بالإعلانات ولا بسبب الحنين للماضى، بل على حظك العثر اللى جبرك تكون مشترك فى خدمة سيئة لا ترضيك، وبتدفع ملايين لناس تانية مستفيدة على حسابك... ولا عزاء للمشتركين عن مكالماتهم المقطوعة، ولا شبكاتهم المهلهلة.. ولا وقفتهم فى البلكونة لإجراء مجرد مكالمة!