أحداث في حياة «شيخ الصحفيين».. وقائع اغتيالات مكرم محمد أحمد

مكرم محمد أحمد
مكرم محمد أحمد

كتب : محمد الشماع

اليوم أسدل الستار على حياة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد. تلك الحياة المليئة بالأحداث التي تصلح لأن تكون محتوى كتاب مهم لسيرة رجل عاش كل الظروف تقريباً، نجاحات وإخفاقات، وساطات وصدامات. تلك الحياة التي كان فيها أكثر من معنى للاغتيال، أو بالأدق، محاولة اغتيال.

في يونيو 1987 كانت محاولة اغتيال حقيقية، حيث تعرض الكاتب الراحل لحادث إطلاق رصاص. وقتها تولت النيابة المصرية التحقيق، بقيدة سامي بشير، رئيس نيابة عابدين، وتابعها المستشار محمد الجندي، النائب العام. وقائع محاولة الاغتيال كانت عندما فوجئ بسيارة صغيرة داكنة اللون تقترب منه، وأحد ركابها يطلق عليه الرصاص، فتحطم زجاج سيارته، ونجا هو بحياته.

هذا الحادث جاء في أثر مقالات كتبها مكرم في مجلة "المصور" في ذات العام عن الإرهاب الذي وصل زلزل أركان الدولة المصرية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وهي الأحداث التي استهدفت شخصيات كبيرة، وعلى رأسها الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب آنذاك، وعدداً من المفكرين، وعلى رأسهم بالطبع الكاتب فرج فودة.

مكرم، لم يوجه سهام الاتهام صوب شخص بعينه، أو حتى جهة بعينها، وكأنه أراد أن تستمر المعركة الفكرية حتى النصر، وهو الذي تحقق بعد سنوات.

في أعقاب ثورة 25 يناير، كان الكل في فورة الاحتجاج. كان الكل ضد الوجوه القديمة. ضد من كانوا يظهرون إلى جوار أصحاب السلطة وقتها. 

كان الكل يعتقد أن إعطاء الفرصة لأي من كتاب النظام السابق، بمثابة عودة خطوات للخلف، فقام الصحفيون، وغيرهم من المتظاهرين الذين ملئوا الدنيا وقتها غضباً وصراخاً ضد النظام القديم، بطرد مكرم من نقابته، نقابة الصحفيين المصريين، حيث كان وقتها نقيباً.

المشهد كان رهيباً. مبكياً للكثيرين، ومفرحاً للبعض. رضخ مكرم للصوت المرتفع الذي لم يكن يخالجه أي عقل أو تروي أو نظرة للمستقبل. رضخ مكرم لفورة الشباب، ونظر إليهم وهو على سلالم النقابة، نظرة غير متوعد، ولكنها نظرة العالم بما سيحدث.
وقد كان. سقطت النقابة في يد البعض. وسقطت الدولة في يد الجماعة التي كانت أكثر تنظيماً وقتها. ولكن الله سلم، وعادت مصر، بل عاد مكرم منتصراً أيضاً هذه المرة من اغتيال معنوي أخير.
شعر الكثيرون أن مكرم اغتيل في آخر عمره مع خروجه من المجلس الأعلى للإعلام. البعض تشفى، وبدأ يسخر من شيخ المهنة الأخير، ولكنه لم يكن كذلك. فالاحتفاء به من الدولة والناس والجماعة الصحفية كانت أبلغ رد على هؤلاء المتشفين الساخرين، الذين لا يفعلون سوى الضحك والمراقبة والموت هماً.

في محاولات الاغتيال العديدة التي تعرض لها، كان مكرم يخرج منتصب الهامة مرفوع الرأس. وكأنه يقول إن الأيام ستظهر الحق من الباطل. ستظهر أنه كان على حق عندما حارب الإرهاب، وحاول تنظيم الجماعة الصحفية، والإعلام فيما بعد.

مات مكرم بعد عمر مديد على الرغم من محاولات الاغتيال العديد, مات كما واجهها، مرفوع الرأس.