حريات

قوة الحاجة فاطمة

رفعت رشاد
رفعت رشاد

لم يكن العساكر البسطاء يدركون عندما أخطأوا فى التعامل مع المدفع الرابض على أسوار قلعة صلاح الدين بالقاهرة أن هذا الخطأ سيتحول إلى مظهر ثقافى ودينى مرتبط بشهر رمضان الكريم. قصة مدفع الإفطار فى رمضان ليست معروفة على وجه الدقة لكنها تدور حول عساكر «عمروا» المدفع لسبب أو آخر وربما عبثوا أو قدحوا زناد ضرب النار فانطلق المدفع أثناء ارتفاع أذان المغرب تماما. اعتقد الناس أن a المدفع إنما هو وسيلة جديدة للإعلان عن موعد الإفطار ومنذ ذلك الحين الذى يصل إلى مائتى عام أو يزيد حسب حقيقة الرواية صار المدفع رمزا لوقت الإفطار فى رمضان. كان ينطلق من فوق أسوار قلعة صلاح الدين فيدوى فى سماء القاهرة محدودة المساحة وقتها ويسمعه جميع السكان فيفطروا.
تعامل الحكام مع المدفع بطريقة تدل على فهمهم الأمور بشكل صحيح، غيروا آلية المدفع لكى تكون طلقاته مجرد طلقات صوتية لا تؤذى أحدا ولا تدمر شيئا. أطلقوا على المدفع اسم الحاجة فاطمة. صار سكان القاهرة ينتظرون سماع صوت الحاجة فاطمة يؤكد أنه حان موعد الإفطار.
مع حلول شهر رمضان أتابع بعض القنوات التلفزيونية العربية. توقفت لأشاهد وقت الإفطار فى قناة دبى. وجدت العساكر يقفون بجوار مدفع الإفطار ينتظرون فى مراسم مهيبة ضرب طلقة من المدفع إيذانا بالإفطار. من أين جاء مدفع إفطار دبى؟ أليس من مدفع إفطار القاهرة الرابض على أسوار قلعة صلاح الدين! أليس من الحاجة فاطمة التى صارت علامة ثقافية تجمع شمل الأمة العربية وقت الإفطار! إذن وجود الحاجة فاطمة وغيرها من ملامح شهر رمضان وحتى الإعلامى والفنى منها هو عناصر للقوة الناعمة. القوة الناعمة لا يشترط أن تكون لمصر وتنتقل للوطن العربى، بل إن تبادل هذه القوى الناعمة لأفضل كثيرا، فيمكن أن يكون مدفع الإفطار فى دبى ويكون حسين الجسمى فى القاهرة ويكون لطفى بوشناق فى مصر وتكون المسلسلات المصرية فى كل دول الوطن العربى.
صدفة العساكر مع الحاجة فاطمة صارت تقليدا رمضانيا.. نأمل أن نلتفت إلى أمور وأشياء عديدة حولنا يمكن أن تقوى الروابط بين الأمة العربية كلها.