فرقة إنشادية تقوم بمهمة المسحراتي في نيجيريا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أحمد بهجت

تختلف التقديرات حول دخول الإسلام نيجيريا، لكن ما هو راجح أنه دخل في القرن التاسع الميلادى على يد التجار واتسع انتشاره على يد علماء الصوفية وأسهم الإسلام في تحرير الناس من العبودية والظلم حتى وصل الأمر بعد ذلك أن أقاموا ممالك إسلامية على يد ملوك قبائل الهوسا والفولاني، ومن نيجيريا انتشر الإسلام في الدول المجاورة، ويشكل المسلمون ما يزيد على نصف سكان نيجيريا ويتمركزون في ولايات الجزء الشمالي من البلاد ويمثلون حوالي 90% منه أما في الجنوب فيمثلون حوالي 50%.

اقرأ أيضا| استئناف تسجيل الناخبين في نيجيريا أواخر يونيو المقبل

وتتشابه العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية فى نيجيريا مع كثير من الدول العربية والإسلامية، وبمجرد ثبوت الهلال تتجمع أعداد كبيرة من المسلمين في احتفالات كبيرة تطوف شوارع المدن الرئيسة يحملون الطبول ويقومون بترديد الأغاني ابتهاجًا بقدوم شهر الصيام.

وتعتمد نيجيريا في ثبوت رؤية هلال رمضان على الرؤية الخاصة فلابد من رؤيته بالعين المجردة من الجهات الموثوق بها، ويعتمد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية «نسبيا» على المواطنين في رؤية الهلال، حيث يطلب منهم مراقبته وإبلاغهم على أرقام تليفوناته، وهذه الطريقة كانت السبب في أن المسلمين هناك يبدأون الصيام في أيام مختلفة.


وفور الإعلان عن قدوم الشهر، تستعد الأسر لشراء مستلزمات الشهر من مأكل ومشرب، فضلاً عن تكوين تجمعات من المواطنين القائمين على أفعال الخير، حيث يحثون على التبرع ومساعدة الفقراء بجانب تقديم دروس توعوية بأهمية العمل الخيري وثوابه المضاعف في شهر الصيام.


كما أن علماء المسلمين يستغلون رمضان في تكثيف دروسهم وخطبهم الدينية، حيث إن معظم الدروس الملقاة خلال أيام الصيام تحض على التعايش بين المسلمين وغيرهم بجانب التركيز على نبذ الفرقة والخصام والتسامح.


وتحتل دروس تعليم القرآن قائمة الدروس الدينية في هذا الشهر، حيث تكتظ المساجد في مختلف أرجاء البلاد بحلقات التحفيظ والتلاوة، وتختلف مسمياتها حسب طبيعتها، فهناك جلسات القراءة إن كانت تخصص لقراءة القرآن فقط، وجلسات التفسير إن تطرق الأمر إلى شرح معاني القرآن وتفسير آياته، أما أكثر المسميات تداولاً وانتشارًا «جلسة المواعظ».


أما عن موعد عقد تلك الجلسات، فتكون في أوقات الصباح والظهر وبعد العصر، إضافة إلى أخرى تعقد بعد صلاة التراويح، تلك الموائد الرمضانية القرآنية التي تشهد حضورًا مكثفًا من المسلمين من الأطياف كافة، لا سيما العمال والموظفون وطلاب الجامعات والمدارس.


المسحراتى فى نيجيريا مختلف، فهو عبارة عن فرقة إنشادية بأكملها تسمى «فرقة الإيقاظ» تتولى إيقاظ الناس للسحور وتضم شبانا يتجولون في الشوارع وهم يضربون الطبول والمعازف، وتعزف تلك الفرق أعذب الألحان التي تدعو الناس للصيام وتناول طعام السحور والعبادة وعدم النوم، وتلقى قبولاً واستحسانًا من المسلمين، وهناك ممن يشاطرون المنشدين الفرحة بالوقوف في شرفات المنازل وأمام البيوت للاستماع إلى تلك الألحان.


أما وجبة الإفطار فهي وجبة خفيفة، حيث يكتفي النيجيريون بتناول التمر والفاكهة، ولا يوجد على المائدة غير الفاكهة.


بعدها يتوجهون لأداء صلاة المغرب ثم العشاء وصلاة التراويح، ويوفر المسلمون في نيجيريا الأطعمة المطبوخة في السحور لذلك فهي أثقل وجبة.


ويشتهر النيجيريون بالأطباق المحتوية على البقول والنشويات واللحم بكل أنواعه وخاصة الأسماك ، ولديهم أكلات مفضلة أهمها «إيكومومو» وهى مصنوعة من الذرة المطحونة وكذلك وجبة «أولي لي» والطريف أنهم يفطرون أمام البيت حتى يستضيفوا عابر الطريق وابن السبيل أو المسافرين كنوع من التأكيد على هويتهم الإسلامية، أما أشهر المشروبات الرمضانية فهو شراب (كوكو) وهو مصنوع من الذرة ويضاف إليه السكر، كما أن هناك عصائر الفواكه بكل أنواعها.


كما أن لديهم أكلات عديدة أشهرها ما يشبه «العصيدة» التي يتناولها العرب وتحمل نفس الاسم وتصنع من اللحم، وكذلك «الدويا» وهي تحضر من اللحم والأرز والقمح وإلى جانبها السلطة وتسمي «أذنجي» ومن الأكلات المشهورة في وجبة السحور «التو» وهي عبارة عن صلصة الأرز والخضار وكذلك وجبة «ساري» وبعدها يتم تناول اللبن والشاي.


ويحرص المسيحيون خاصة عن طريق اتحاد الأساقفة بعمل موائد وتتم دعوة المسلمين إليها فيما يشبه ما يطلق عليه «موائد الوحدة الوطنية» وتستخدم كوسيلة لإخماد أي فتنة طائفية نظراً لكثرة المواجهات التي قد تنشب بين المتعصبين من المسلمين والمسيحيين في بعض الولايات، حيث يستغل علماء المسلمين ذلك بإلقاء الدروس التي تدعو على التعايش بين المسلمين وغيرهم في كل المساجد.


ويعرف النيجيريون ما يُطلق عليه «موز الجنة» ، حيث إن هذا الموز من أجود أنواع الموز وله مذاق أكثر من رائع حتى ظنت الأجيال القديمة انه موز من الجنة بالفعل، فأطلقوا عليه هذه التسمية منذ القدم، وهو الفاكهة المفضلة لدى غالبية الشعب ويكون ضيفا عزيزا على مائدة الإفطار الرمضانية.


وبعد تناول وجبة الإفطار يذهب الرجال والنساء إلى المساجد لتأدية صلاة العشاء والتراويح، والاستماع لدروس الوعظ ثم يعودون إلى بيوتهم في وقت متأخر من الليل بعد الاجتهاد الكبير في العبادة.


لكن بعد صلاة التراويح يتم تخصيص كل ليلة رمضانية بأذكار معينة ثم الاجتماع لقراءة الأذكار بشكل جماعي والتعرف على فضائل كل ليلة من الليالي على حده وخاصة الليالي الشهيرة بأحداث تاريخية أو لها مكانة دينية معينة مثل ليلة السابع والعشرين من رمضان التي يكثر فيها الاعتكاف وتكون المساجد الكبرى عامرة الجميع يتسابق في فعل الخير في أيام وليالي رمضان لنيل الثواب العظيم من الله.


وكسائر الدول المسلمة، ترتفع أسعار السلع بشكل ملحوظ قبل وخلال شهر رمضان، حيث يقبل المسلمون على شراء الأغذية لتخزينها لاستخدامها في وجبتي الفطار والسحور، حيث يقوموا بشراء الخضروات والفاكهة لتخزينها أيضا.


وتحرص الأسر المسلمة في نيجيريا على دعوة فقير على الأقل للإفطار معها يوميًا، ومن ثم يعد هذا الشهر موسمًا للخير، إذ لا يوجد فقير في كل بلدة إلا وناله نصيب من تلك الأعمال الخيرية.


وتعكس خريطة الطقوس والعادات والتقاليد خلال أيام الشهر ولياليه منزلته الكبيرة ومكانته المقدسة لدى مسلمي نيجيريا.