العسل المصري| البكتيريا ومبيدات «بير السلم» تضرب خلايا المناحل

منحل
منحل

كتبت: هاجر زين العابدين

«يرتدي أحمد علي قناع زجاجي وبدلة بيضاء (ملثماً) ليتفادى لدغات النحل، يحمل علبة مربعة الشكل تحتوي علي قطعة قماشة من الكتان وروث البهائم ، ليتم إشعالها فتصدر دخاناً ، يتطاير النحل مبتعداً عن الخليه، ليبدأ بتفحصها جيداً، حاملاً بيده آلة حادة "المقشطة" لفتح إحدى عيون الشمع».

كان أحمد يتردد علي منحل أبيه ، ليراقبه  في صمت كيف يتعامل مع النحل، ليتخذها هواية بعد ذلك رغم أنه يدرس الهندسة، يبدأ فى تجهيز المعدات اللازمة من الثامنة صباحاً حين توشك زهرة البرسيم على الإحمرار لتتخذ طريقها للجفاف، فيعلم أنه قد حان موعد تفقد خلايا النحل حيث أصبحت مكتملة الآن.

ينصب خيمة ويبدأ فى فرز الخلية عن طريق وضعها على برميل وأسفلها مصفاة لتنقي العسل من الشوائب، وبعد أن يقطع عيون الخلية المكونة من الشمع تنهال منها شلالات العسل الذهبى.

اقرأ أيضا| فوائد تناول عسل النحل على السحور

خسارة فادحة

«فتحت الخلية ولقيت نص النحل ميت».. لم يكن الأمر هيناً على الحاج رمضان عندما وجد ألف نحلة نافقة من واقع 2000 ، ورغم محاولته البائسة إنقاذ ما تبقى من النحل داخل الخلية، لكنه علم من المختصين أن النحل أصيب ببكتريا «النوزيمة» وهى إحدى البكتريات التي تصيب النحل وتسبب له ضعف في المناعة وينتهى بالموت، ورغم وجود عقاقير «مضاد حيوي» لمواجهة المرض إلا أن البكتيريا سريعة التطور في مواجهة أي عقار طبي.

وتابع أنه لايوجد أي اهتمام بالأمراض التى تواجه النحل ولا يوجد أى أبحاث تسعى لوجود روشتة صحية للتعامل مع الأمراض التي تقضي على النحل، ومنذ 19 عاماً  يقوم رمضان إبراهيم   بتربية النحل ويلقب بـ «عمدة النحالين بالفيوم» والذي يرث المهنة أباً عن جد، فيعد صاحب أكبر منحل في محافظة الفيوم بامتلاكه 600 خلية، منوهاً أن  موسم عسل الموالح يبدأ من منتصف مارس حتى منتصف إبريل، موضحا أنه تعد مصر من أكبر الدول المصدرة لعسل النحل والتي تشتهر بأنواع، إلا أن هناك أزمة كبرى تواجه النحل فى مصر أولها استخدام المبيدات الحشرية والتى تعرف بين رجال المناحل بـ «مبيدات بير السلم».

أنواع العسل

وأوضح أن أشهر أنواع العسل ويصل عددهم لعشرة أصناف، يبدأ أول موسم لعسل اليانسون فى بداية مارس من كل عام وهو أفضل الأنواع التي تشتهر به محافظة المنيا، ويليه عسل الموالح فى بداية شهر إبريل وتحتل القليوبية المركز الأول في إنتاجها منه، ويحتل الترتيب الثالث عسل « الشمر» في مايو من كل عام وتنتجه محافظتي قنا وسوهاج، ورابعاً عسل البرسيم وينتج من مختلف محافظات مصر وهناك نوعان «البلدي» والحجازي في شهري يونيو ويوليو على التوالي، خامساً عسل القطن من نصف يوليو حتى منتصف أغسطس، سادساً عسل السمسم والذي تشتهر به محافظتي الفيوم والإسماعيلية، وعسل عباد الشمس، وعسل «السنت» بمحافظتي الوادي الجديد وقنا وأسوان فهو بحاجة لمناطق حارة، وعسل «السدر» من شجرة النبأ وتشتهر به قنا والأقصر وأسوان والوادي الجديد ، وعسل الكافور الذي ينتج في بداية شهر نوفمبر وهناك أعسال من نباتات طبية وعطرية ولكن إنتاجها قليل بسبب قلة تلك النباتات.

إنتاج الخلية

وتنتج الخلية سبعة عناصر تعد من الكنوز التي يمتلكها صاحب المنحل، أولهم  العسل، حبوب اللقاح ، «الطرود» وهى الخلية التى تحتوى على نحل وتحتل مصر المركز الأول على مستوى العالم في إنتاج الطرود وتصدره للسعودية والبحرين والكويت وكل الدول العربية .

والشمع الذي يعد علاج طبيعي لعلاج التهابات جيوب الأنفية ، ومطهر للفم وعلاج  لألم الأسنان ويستخلص منه مادة تستخدم في العقاقير الطبية. إضافة إلى  «سم النحل» ، أصبح ينتج بكميات كبيرة  وتم تخصيص تدريبات للنحالين على كيفية استخلاصه ويستخدم كعلاج فعال في رفع المناعة وأمراض الانزلاق الغضروفي والروماتيزم ويدخل في عقاقير السرطان، وسادساً «غذاء الملكات» وهى مادة بيضاء تنتج من يرقات البيض وتستخدم كعلاج لضعف المناعة ، كما يتم استخدام هواء الخلية في علاج أمراض الصدر.

وعلى جانب آخر يوضح  حمدي أحمد متولي، رئيس المجلس المصري الأفريقي لتربية النحل وعضو اتحاد النحالين العرب، أن مصر تنتج أكثر من 25 ألف طن عسل سنويا متوسط إنتاج الطائفة فى العام 7 كجم عسل ومعدل استهلاك العسل لكل فرد في مصر لا يزيد على 50 جراما «ونأمل رفع معدل الاستهلاك إلى 500 جرام «مع العلم أن هناك دولا يتخطى معدل استهلاك الفرد أكثر من 1 كجم عسل سنويا. وتحتل  مصر  المركز الأول فى إنتاج نحل العسل فى الوطن العربي وأفريقيا وتعد أساس قوى لمن يريد أن يتعلم تربية مهنة نحل العسل وذلك لأن النحالين المصرين لديهم أكثر من 2 مليون طائفة نحل لذا  تعد مصر من أوائل دول العالم في تصدير طرود نحل العسل بنوعيه (طرد الأقراص - طرد المرزوم)، حيث تقوم مصر بتصدير أكثر من مليون طرد إلى بعض الدول العربية والأفريقية، وأهم الدول المستوردة للنحل السعودية، الإمارات قطر الكويت وسلطنة عمان و السودان ولبنان وبعض دول المغرب العربي ولمصر أهمية كبيرة فى تصدير عسل النحل وحبوب اللقاح وغذاء الملكات والبربوليس والشمع وسم النحل والمستلزمات النحلية الأخرى مثل خلايا نحل العسل والأقنعة والفرازات وشمع الأساس وتعتبر مصر أساسا قويا فى تقدم ونجاح الصناعات المرتبطة بنحل العسل مثل تعبئة سم النحل وصناعة غذاء الملكات وتعبئة العسل وإذا تعثرت مصر فى الحفاظ على إنتاج المنتجات السابقه ستتأثر صناعتها على المستوى العربى .

وتابع: يتعرض النحل إلى بعض المشاكل فى مصر، ومن أهمها، عدم تقنين استخدام الأدوية التي تستخدم فى علاج أمراض النحل والمبيدات التى تستخدم فى مكافحة الآفات والتي تعمل على قتل شغالات النحل الساحرة ويجب على الدولة بالتعاون مع شركات تربية الملكات فى استيراد بعض السلالات النقية وتربيتها وتوزيعها على كبار النحالين والاهتمام بتقنين إنشاء المناحل وعمل خريطة بأماكن توزيع المناحل في الأراضي الجديدة والقديمة، وقيام  الدولة بعمل معامل خاصة يفرز من خلالها العسل ويحدد قيمته الغذائية. كما يجب  دعم النحالين بمستلزمات المناحل من سكر وشمع أساس بأسعار مخفضة والاهتمام باستخدام النحل فى زيادة تلقيح النباتات والمزروعات المختلفة علماً بأن أكتر ما يعانى منه النحل والنحالين حاليا أمراض النحل مثل عفن الحضنة والنوزيما والأمراض الفيروسية والأمراض البكتيرية.