بوادر تآكل تعويل إسرائيل على المظلَّة الأمريكية لصالح الصين

 مسيرة فى الصين تدعم إسرائيل
مسيرة فى الصين تدعم إسرائيل

قد يبدو تعاون إيران اقتصاديًا وعسكريًا مع الصين تطورًا طبيعيًا، خاصة مع جمود المفاوضات بين واشنطن وطهران، ويأس الأخيرة من رفع العقوبات الأمريكية عنها. لكن انتهاج تل أبيب لذات السياسة مع بكين، وتجاهلها تحذيرات واشنطن المتكررة، يشى بتآكل التعويل الإسرائيلى على المظلة الأمريكية، أو على الأقل جنوحه إلى تعزيز الشراكة مع القوة الآسيوية العظمى، التى رسخَّت - عبر قاطرة الاقتصاد - أقدامها فى الشرق الأوسط فى ظل غياب الولايات المتحدة.
وتؤكد المؤشرات أن تحذيرات واشنطن من القفز على عربة الصين، ربما خرجت نسبيًا من الحسابات الإسرائيلية، فإذا كان لإيران ما يبرر تحالفها الاقتصادى والعسكرى مع الصين، فلا مانع من فتح الباب إسرائيليًا أمام الأخيرة، واستغلال دبلوماسيتها الاقتصادية فى إنعاش البنى التحتية، ومحطات التحلية، والموانئ البحرية، والمواصلات؛ وهى ذاتها مشروعات التعاون المشترك الحالية مع الصين، ومنها الميناء البحرى الصينى فى حيفا، ومنشأة تحلية المياه فى «بلمحيم»، والبنى التحتية للقطار الخفيف فى تل أبيب.
رغم ذلك، تصر واشنطن على موقفها الرافض، ووصل الأمر إلى تهديد إسرائيل بتراجع سفن الأسطول الأمريكى السادس عن الرسو فى ميناء حيفا، تحسبًا لعمليات تجسس قد تتعرض لها من جانب الشركات الصينية العاملة فى الميناء.
فى المقابل، لم تتراجع إسرائيل عن التعاون مع الصين، لكنها أبدت مرونة ظاهرية مع الموقف الأمريكي، حين تعهدت أمام دوائر أمريكية بفحص ملفات الشركات الصينية العاملة فى إسرائيل أمنيًا، إلا أنه تبين قبل أيام توقيع مجموعة الطيران الصينية Comac، التى تمتلكها حكومة بكين مذكرة تفاهمات مع نظيرتها الإسرائيلية «إير بارك» دون علم وزارة الدفاع الإسرائيلية!
وفى إطار التفاهمات اتضح، بحسب صحيفة «هاآرتس»، أن الشركة الصينية تعتزم التعاون فى مجال الطيران مع إسرائيل مقابل مخصصات مالية هائلة، فضلًا عن تبادل المعلومات وتعزيز الأنشطة فى مجال ريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار. وتضمنت التفاهمات أيضًا تعاونًا بين الشركة الصينية وسلاح الجو الإسرائيلى من خلال «إير بارك»، فيما يتعلق بالبنى التحتية، والعمليات الجوية، ونظيرتها الأرضية، بالإضافة إلى التدريب فى حالات الطوارئ.
رغم ذلك أفادت القرائن بأن شركة Comac لم تخضع لفحوصات إسرائيل الأمنية، خاصة أن واشنطن أدرجت فى يناير الماضى ذات الشركة على «قائمة سوداء»، تضم شركات صينية، يُحظر على الأمريكيين الاستثمار معها، نظرًا لعلاقتها بالجيش الصيني. ما حدا بإسرائيل إلى امتصاص الأزمة، وتأكيد اقتصارها على تفاهمات غير ملزمة.