نحن والعالم

الحبال «الدايبة» !

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

مهمة مجلس الأمن، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة هى حفظ الأمن والسلم الدوليين.وهو يملك من الآليات ما يمكنّه من تحقيق ذلك من خلال الفصل السابع من الميثاق والذى يحدد الأفعال والأحداث التى تهدد السلم أو تخل به، ويقدم التوصيات أو القرارات اللازمة والتى تتضمن تدابير تتدرج من قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، وحتى استخدام القوة العسكرية. ورغم اتفاق المحللين منذ سنوات على ان نزاعات المياه ستكون من أبرز مصادر تهديد السلم والأمن الدوليين، بسبب وجود عشرات الأنهار الدولية المشتركة وتزايد أعداد السكان فى مقابل شح المياه، ما يجعلها فتيل الحروب القادمة، مع ذلك لم يحتكم المجلس للفصل السابع فى أى نزاع مائى، رغم لجوئه لهذا فى عشرات القضايا الأخرى.
حتى الاختراق الدبلوماسى الذى حققته مصر العام الماضى بإدارج قضية سد النهضة على جدول اعمال المجلس لم ينجح فى كسر الحصار المفروض حول النزاعات المائية. وبدلاً من احالة النزاع لمحكمة العدل الدولية أو تكليف الأمين العام بالوساطة أو تشكيل لجنة تقصى حقائق أو حتى تسجيل توصية لأطراف النزاع تحفظ فى سجله الرسمى، أحال المجلس القضية للاتحاد الإفريقى، وكأنه يزيح عبئاً عن كاهله. ولا يخفى على أحد ان الاعتبارات السياسية التى يفرضها الكبار بالداخل لاتريد ان يكون هناك «سابقة» لحل النزاعات المائية داخل المجلس كى لا تعود عليهم بالضرر فى المستقبل. ومن هنا كان التشبث باللجوء لمجلس الأمن كحل لقضية سد النهضة اشبه بالتمسك بـ «الحبال الدايبة». وحتى الدراسات تقول لنا ذلك، فقد فشل المجلس فى حل 166 نزاعا مسلحا بسبب المياه حول العالم، مكتفيا بقرارات لم تسفر عن شىء. وحتى الالتزامات التى فرضها على بعض الدول تعارضت مع قانون المياه الدولى ما أدى لعودة الأمور للمربع الأول ونشوب التوتر مجددا بين المتنازعين. لذلك حتى لو سعت مصر لإعادة القضية لاهتمام المجلس الأممى فسيكون فقط من باب «ابراء الذمة» لأنها كفيلة بحل قضيتها المصيرية، تماما كما فعلت عندما وقفت أمام العالم كله فى 30 يونيو.