بعد موكب المومياوات الملكية

علماء الدين: الآثار موروث ثقافي.. وتنقيب الدولة عنها ليس نبشاً للقبور

موكب المومياوات الملكية دليل على عظمة تاريخ مصر
موكب المومياوات الملكية دليل على عظمة تاريخ مصر

"موكب المومياوات الملكية حدث عالمى فريد شهدته مصر وهو دليل على عظمتها واعتزازها بماضيها وبرهان على تطلعها نحو مستقبلها وقد كان الأزهر الشريف سباقا فى بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بحماية الآثار وتصحيح المفاهيم المغلوطة حولها".

وعن هذا يقول الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إن موكب المومياوات الملكية دليل واضح على قدرة مصر الفائقة فى تنفيذ أحداث عالمية بسواعد وإرادة مصرية خالصة وقد كان الأزهر الشريف سباقا فى بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بحماية الآثار المصرية والترويج لها وتصحيح المفاهيم المغلوطة حولها، من خلال البيان الختامى لمؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامي، والذى عقد فى يناير من العام الماضي، والذى نص على أن الآثار موروث ثقافى يُعرِّف بتاريخ الأمم والحضارات، ولا تُعدُّ أصنامًا ولا أوثانًا −كما يَزعمُ أصحاب الفكر الضالّ− فلا يجوز الاعتِداء عليها ولا فعل ما يغيِّر من طبيعتها الأصلية، وهى ملك للأجيال كافة، تُدِيرها الدولةُ لصالحها، حتى لو عُثِر عليها فى أرض مملوكة للأشخاص أو الهيئات، ويجب تشديد العقوبات الرادعة عن بيعِها أو تهريبِها خارج البلاد.

ويضيف أن مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد تطرق أيضا إلى أمر السياحة وبيان موقف شريعتنا السمحاء منها، وأكد أنها أمر تقره الشرائع السماوية ويجب علينا تصحيح ثقافة الناس تجاهها، كما يجب على الدولة حمايةُ السَّائحين، ومنع الاعتداء عليهم بأيَّة صورة من صور الاعتداء أو الإيذاء، ويجب معاقبة المعتدِى عليهم بالعقوبات المقرَّرة الواردة فى هذا الشأن، وتُعدُّ تأشيرة الدخول الصادرة من الدولة عقدَ أمان يجب الوفاء به شرعًا.

ويفند د.عبد الحليم منصورأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الفتاوى الشاذة القائلة بحرمة نقل هذه المومياوات لأنها تنافى التكريم الإلهى للإنسان قال تعالى : "ولقد كرمنا بنى آدم" ولأن الإنسان بعد وفاته يجب أن يوارى التراب، قال تعالى: "ثم أماته فأقبره" ولأن فيها نبشا للقبور المنهى عنه شرعا.

ويوضح:هذه الفتاوى بما تمثله من فقه تقليدى متشدد لا يواكب العصر ولا يتماشى مع الواقع المعاصر لاسيما فى الوقت الذى تتجه فيه أنظار العالم للسير إلى مصر والتعرف على حضارتها ومحاولة سبر وكشف أسرار العقل المصرى القديم، فهذا من قبيل السير فى ملكوت السماوات والأرض، المأمور به شرعا للتعرف على عاقبة الذين من قبلنا، والتعرف على الحضارة الإنسانية القديمة لدى المصريين القدماء، وقياسا على مشروعية تشريح الجثث للتعرف على أسباب الوفاة، وكشف حال المجرمين، فيقاس عليها عرض هذه المومياوات بقصد التعرف على منجزات الحضارات القديمة، والأخذ بأسباب العلم وسبله، التى توصلوا إليها قال تعالى:"أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُواهُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فى الأرض" لاسيما وأن التعامل مع هذه المومياوات يتم بكل احترام للإنسانية، دون امتهان، أو اعتداء على الآدمية أو انتهاك لها، كما أن فى هذا الموكب الحضارى تأكيد على أن مصر الكنانة ستظل دوما واحة وارفة بظلال الأمن والأمان على النحو الذى قاله الحق سبحانه وتعالى : "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" يوسف: (99) وفيه دعوة للإنسانية لزيارة مصر من أجل التعرف على حضارتها، وزيارة آثارها، لتحقيق مزيد من التلاقح الفكرى الإنساني.