الست أوسة | «إلهى تنسترى يا حكومة»

أحمد عباس
أحمد عباس

فتحت الست سنية شخلع الرقاصة ضلفتى دولابها على مصراعيهما، ووقفت تتأمل بدلات رقصها «الشفتشى»، بينما كانت تهمهم فى سرها بأدعية مبهمة، لم تفهمها حتى صديقتها الست أوسة، التى قررت زيارتها بعد أكثر من عام على البعاد.
سحبت البدلة الحمراء، وتأملت الدانتيل الذى بالكاد كان يغطى صدرها والأرداف، ونفثت زفرة ساخنة جدا خرجت من سقف حلقها، وقالت: «يكفيكوا شر الركنة يا حبايبى»، وتأملت تفاصيل جسدها فى المرآة الداخلية الملصقة ببطن ضلفة الدولاب وحاولت ارتداء بدلتها المفضلة، بعدما أكدت للست أوسة أنها متفاءلة: «ده حتى رمضان على الأبواب، ودى أيام مفترجة يا بت».
المهم.. عند أول منحنى فى منطقة ما بعد السمانة سمعت الست سنية صوت تمزيع أتى من بين يديها، تحسست خياطة بدلتها بأسى، وقالت: «مش بقولك الركنة وحشة»، رغرغت عيناها فجأة وتحسست فخذيها اللذين تضخما جدا، فلم تعد أفخاذها هذه «الكيرفى» التى كانت تباهى الراقصات فى «النايت كلوب» المحيطة بالمنطقة كلها.
أما بدلتها «الشفتشى» فقد أتى عليها التراب، وأكلت العتة أطراف دانتيلها، ونظرت للست أوسة بأسف وقالت: «أصل يا بت يا أوسة مفيش أوحش م الركنة، الحاجة طول ماهى شغالة كده، بتبقى ملعلطة وبتبرق».
سحبت بدلتها البتنجانى واحتضنتها بقوة وراحت تندب «ميلة بختها»، بعد عام كامل أغلقت فيه الحانات والكابريهات والبارات أبوابها، بسبب الوباء الملعون الذى ضرب «كاريير العوالم» فى كل العالم، ولم يعد لها هى والست أوسة أمل فى أن ترقص ثانية فى الداخل أو فى الخارج ولا حتى فى أن يأتيها عقد عمل فى المنطقة.
صمتت الست شخلع ثوانِ، ثم سألت أوسة فجأة: «إلا قوليلى يا بت، ماسمعتيش من هنا ولا من هناك اذا كانت الحكومة ناوية تمنع الخيام بتاعة رمضان واللا هاتسمح بيها؟».
فردت أوسة بثقة: «والله يا أبلتى وحياة من جمعنا من غير ميعاد، أنا لاسمعتهم قالوا هايفتحوها ولا هايقفلوها، بس والله أعلم كده أنا قلبى بيقول لى مادام ماقلوش هايقفلوا يبقوا مش ناويين، وبعدين هو ايه اللى هايحصل يعنى، قال يعنى الرقاصة هى اللى هاتنقل العدوى.. سيبك سيبك، والنبى أنا حاسة اننا هانلف رمضان ده على كل السحورات فى الخيام والمراكب، دى أيام مفترجة يا سيتى وهاتشوفى».
مسحت الست سنية شخلع دموعها بلهفة، واحتضنت بدلتها البتنجانى، وراحت ترقص فى أرجاء الغرفة كلها 10 بلدى، بينما كانت تصرخ بفرحة: «إلهى يسترك يا حكومة».