الفن يبني ولا يهدم.. تراجع مشاهد التدخين في الدراما والمصريون ينتظرون المزيد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

تتمتع الشركات المصنعة لمنتجات التبغ، بدعاية مجانية لمنتجاتها، عبر الكثير من الأعمال الدرامية التي قد تسقط في فخ إظهار مشاهد التدخين وبطريقة يمكن أن تكون أكثر تأثيرا على المتلقي من الإعلانات المدفوعة، وخاصة الأطفال والشباب.

ونجحت الدولة المصرية في فرض حظر كلي على الإعلان عن التبغ بالقانون، وتم توسيع مجال هذا الحظر ليشمل الدعاية في السينما، والراديو، والتلفزيون، ولكن رغم هذا الحظر الكامل على الدعاية المباشرة، إلا أن الدعاية غير المباشرة لازالت تنتشر، وبصورة رئيسية عبر تصوير استخدام التبغ في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.

ومع قرب حلول شهر رمضان الكريم، الذي يتميز بتقديم وجبة درامية دسمة من المسلسلات الغنية بأهم وأشهر نجوم الفن، يأمل الجميع أن تختفي من هذه المسلسلات مشاهد التدخين بكافة أنواعه، لما تمثله هذه المشاهد من تأثير سلبي خطير على الأطفال والشباب، لكونها تأتي من نجوم محببين إلى قلوبهم، وهو ما يزيد من خطورة هذا التأثير الذي يتمثل في قدرته على تحريك فكرة اتخاذ أول خطوة في طريق التدخين من قبل التجربة؛ لتتوالى هذه التجارب بعد ذلك وصولا إلى السقوط في بئر الإدمان.  

اقرأأيضا| «الصحة» توضح فوائد شرب الماء للأطفال

ووفقا لدراسة أعدها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بشأن مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات بين طلبة المدارس الثانوي، تبين أن 72% من الطلبة يستقون معلوماتهم عن التدخين والمخدرات من وسائل الإعلام، لاسيما عبر الدراما التليفزيونية، وهو ما يؤكد قيمتها وتأثيرها على الأجيال القادمة.

وكان المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي اختارته منظمة الصحة العالمية كأحد أهم الأدوات الفعالة لرصد وتحليل التناول الإعلامي لقضية المخدرات، قد أعد تقريرا تضمن رصدا وتحليلا لمشاهد التدخين والمخدرات في دراما رمضان لعام 2020، حيث كشف أن الدراما حققت خلال هذا العام نتائج إيجابية في تناولها لقضية المخدرات مقارنة بالسنوات الماضية.

ورصد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، 24 مسلسل درامي مصري تم عرضهم في رمضان الماضي، وبلغت المساحة الزمنية لمشاهد التدخين في هذا العام 4% من إجمالي المساحة الزمنية للدراما، فيما كان متوسط مشاهد التدخين خلال الثلاث سنوات السابقة 7,6%، من إجمالي المساحة الزمنية للأعمال الدرامية خلال الفترة من 2017 حتى 2019، ولم تتضمن مثل هذه المشاهد خلال شهر رمضان الماضي أية مشاهد لتدخين وتعاطي المخدرات للأطفال، كما خلت جميع المشاهد من أي ترويج مباشر أو غير مباشر لمنتجات التبغ، في خطوة جيدة حرص عليها صناع الدراما هذا العام.

وكشف المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، أن شهر رمضان الماضي شهد وجود 7 أعمال درامية خالية تماماً من أي مشاهد لتعاطي المخدرات والكحوليات، وعملين خاليين من مشاهد التدخين بكافة أنماطه وصوره، كما شهد هذا العام أيضا وجود خطوط درامية مُتكاملة مُساندة لقضية مكافحة تعاطي وإدمان المخدرات.

ومع الإيجابيات المُتعددة التي رصدها التقرير عن دراما شهر رمضان الماضي إلا أنه يتعين الإشارة إلى بعض السلبيات في تناول الدراما للمُشكلة ومن أهم هذه السلبيات نسبة تدخين النساء في الأعمال الدرامية والتي وصلت إلى 20% من إجمالي الشخصيات المُدخنة، ومع التسليم بأن الدراما هي مرآة الواقع، فإن الواقع يشير إلى أن نسبة النساء المدخنات في المجتمع تقدر بـ 1,5% من إجمالي نسبة المدخنين.

وتضمنت نتائج المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تحليل التناول الدرامي لمشكلة التدخين وتعاطي المواد المخدرة رمضان 2020، مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تم تحليل المضمون لـ 24 عمل، منوها إلى أن المساحة الزمنية لمشاهد التدخين كانت 4% من إجمالي المساحات الزمنية للأعمال الدرامية بعدما كانت 13% عام 2017 وبمتوسط 7.6% في الثلاثة سنوات السابقة وهي الفترة من 2017 حتى 2019.

وأفاد التقرير أن من أبرز أنواع التدخين التي ظهرت في الدراما كانت السجائر بنسبة 60% والشيشة 38% وسيجار 18% وتدخين اليكتروني 1% وبايب 1% حيث قد يتضمن المشهد الواحد على أكثر من منتج.

واستعرض التقرير قضية التدخين في مسلسلات "خيانة عهد - لما كنّا صغيرين -البرنس" مشيدا بأن هذه الأعمال لم تعرض مشاهد تعليمية أو ترويجية للثقافة المغلوطة الخاصة بالتعاطي، لافتا إلى وجود أعمال ظهرت خالية من مشاهد التدخين والتعاطي وهي "الاختيار - حب عمري".

وفي النهاية، يحتاج الشعب المصري إلى دعم أكبر من قبل صناع الفن والدراما، كشركاء في بناء المجتمع أدبيا وأخلاقيا، بالتركيز على تنظيف أعمالهم من أي مشاهد تحتوي على التدخين بكافة طرقه وأشكاله، للمساهمة في خروج أجيال أكثر وعيا، بمخاطر التبغ على الصحة والبيئة.