احترام آداب الزمالة وعدم التجريح أو الخروج عن حدود التعبير القانونى المباح

حكم قضائي من ٥ سنوات يحظر التراشق والإسقاط في الخطاب الإعلامي

المستشار د. محمد عبد الوهاب خفاجى
المستشار د. محمد عبد الوهاب خفاجى

كتبت: فاطمة مبروك

 يلعب القضاء المصرى دورا بارزا فى حماية القيم المهنية الإعلامية ، ففى حكم قضائى تاريخى تناول بدقة مفاهيم الأصول المهنية واَدابها للإعلاميين فى الحقل الإعلامى ووضع أطراً للتعبير القانونى المباح سواء فيما بينهم وبين الجمهور أو فيما بينهم بعضهم البعض وأوجب الالتزام بالمظهر الإعلامى اللائق فى الأداء بالقول أو الكتابة ومنع ما يدعو إلى الانحلال أو التفكك أو السخرية المُهينة  أصدره القاضى الجليل المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى رئيس محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية منذ 5 سنوات وأصبح نهائيا وباتا.

 وقد اعتبر المهتمون بالشأن الإعلامى هذا الحكم من أدبيات القضاء المصرى يدخل فى الزمن الكلاسيكى للمستوى الرفيع للأحكام القضائية التى تصوغ بعمق أسس الأداء المهنى لكافة المشتغلين بالإعلام يجب أن يُدرس.

أكدت فيه المحكمة على أن المشتغلين بالإعلام شركاء فى مسئولية الكلمة واحترام آداب الزمالة جزء من الضمير العام وعدم التجريح أو الخروج عن حدود التعبير القانونى المباح ، وأنه ليس فى مقدور أحد من المشتغلين بالإعلام أن يدعى احتكار الحقيقة أو الاستئثار بالصواب والتعددية الإعلامية ضرورة ويجب الكف عن ملاحقة الإعلاميين من زملائهم بسبب ما يقدمونه للناس من أنباء وآراء لتغليب مصلحة الوطن ومراعاة مقتضيات الأمن القومى والحرص على مشاعر الجماهير.

قالت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة القاضى د. محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ، وضماناً لمبدأ حرية الإعلام واستقلاله حرص الدستور على أن يتولى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تنظيم شئون البث المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها وألقى على عاتقه المسئولية الكاملة عن ضمان حرية الصحافة والإعلام بمختلف صوره وأشكاله والمحافظة على تعدديته وعدم تركزه أو احتكاره، والمسئولية أيضا عن حماية مصالح الجمهور فضلًا عن مسئوليته عن وضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها مراعاة لقيم المجتمع وتقاليده البناءة.

وأضافت المحكمة أن التجربة الإعلامية كشفت عن كثير من التجاوزات فى الخطاب الإعلامى عقب ثورة الشعب مما يتعين معه رسم الأطر القانونية لاَداب التخاطب الإعلامى وحظر التراشق والإسقاط ، فعلى العاملين فى الحقل الإعلامى حماية مصالح الجمهور والالتزام بالضوابط والمعايير الكفيلة بمراعاة أصول المهنة وأخلاقياتها ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة، كما يجب الالتزام بميثاق الشرف لمهنة الإعلام لكافة المشتغلين به بإعتبار الإعلاميين شركاء فى مسئولية الكلمة بما يتماشى مع الضمير الإنسانى.

وأشارت المحكمة إلى أنه يتعين على الإعلاميين سواء فيما بينهم والجمهور أو فيما بينهم بعضهم البعض الالتزام بالمظهر اللائق فى الآداء بالقول أو بالمظهر أو الكتابة ، فضلا عن وجوب احترام آداب الزمالة فى الحقل الإعلامى وهى جزء فى الضمير العام خاصة عدم تجريح البعض للبعض الآخر وعدم الخروج عن حدود التعبير القانونى المباح ، ذلك أن ميثاق شرف مهنة الإعلام ضرورة دستورية وقانونية ومجتمعية ملحة يجب أن يلتزم الإعلاميون به بأنفسهم على مختلف المدارس الإعلامية وتنوعاتها ، والتزامهم به ينبغى أن يكون نابعا منهم دون وصاية من أحد إلا فى حالة خرق قواعده ففى تلك الحالة يجب التدخل وتحقيق المسئولية لتنفيذ حكم القانون وسيادته.

واستطردت المحكمة أنه على هدى ما كشفت عنه وسائل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة فى مجال الإعلام فإنه ليس فى مقدور أحد من وسائل الإعلام المختلفة والمشتغلين به أن يدعى احتكار الحقيقة أو الاستئثار بالصواب لذا فإنه إذا كانت التعددية السياسية ضرورة لازمة للمجتمع الديمقراطى فإن التعددية الإعلامية ضرورة أكثر لزوما للمجتمع الديمقراطى بما يستوجبه ذلك من وجوب إسقاط كافة المفردات التى تنال من استقلال الإعلام وحريته.

واختتمت المحكمة أنه لما كان الإعلام أصبح جزءًا لا يتجزأ من ضمير الناس يشكل تكوين الرأى العام الذى يترك انعكاساته على الشعب فى النواحى الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فهو يعد من أهم وسائل التواصل المجتمعى خاصة أن الإعلام الإلكترونى ، واَداب مهنة الإعلام تقتضيها مصلحة الوطن وتعطيلها هو تعطيل لضمير الأمة الذى يجب ألا يتأخر برهة من الوقت، لتكون مراَة صادقة تعكس كل حسن دون تقبح لتحتفظ مصر بمركز الريادة الذى كان لها عن استحقاق وجدارة.