«البيه البواب».. سر حرمان أحمد زكي من السينما العالمية 

الفنان الراحل أحمد زكي
الفنان الراحل أحمد زكي

الإمبراطور أحمد زكي كانت موهبته استثنائية.. عشق التمثيل إلى حد الجنون، وأداؤه الفطري كان يتيح له تقمص أي شخصية يقوم بأدائها ويصدقها المشاهد مهما كان الدور مختلف، كالملاكم في "النمر الأسود" البواب في "البيه البواب"، الطبال في "الراقصة والطبال" وغيرها الكثير من الأعمال التي تركت علامة مميزة في تاريخ السينما المصرية.

 

وأبدع في تجسيد الشخصيات التاريخية وهي "طه حسين وأنور السادات وجمال عبدالناصر وعبدالحليم"، فموهبة أحمد زكي كانت تقليد الشخصيات وأول ظهور له في مسرحية "حمادة ومها" عام 1967 أثناء دراسته في المعهد وكان يقلد الفنان محمود المليجي.

 

أحمد زكي الفنان والمغامر بدأ حياته على خشبة المسرح بمغامرة صعبة، فقد قبل أن يلعب دورا مأساويا في مسرحية جمعت كل نجوم الكوميديا "عادل إمام وسعيد صالح وحسن مصطفى ويونس شلبي" يومها قال له البعض: "لا تقبل هذا الدور لأنك ستكون بينهم كالنغمة النشاز، فالجمهور يتعاطف وينجذب أكثر نحو عناصر الإضحاك".

 

ولكن أحمد زكي قبل الدور واستطاع بإحساسه الفني الصادق وبتمكنه من الأداء أن يخلق توافقا بين دوره وبين باقي الأدوار ونجح في أن يجعل من شخصية الشاعر الفقير ركنا هاما في بناء "مدرسة المشاغبين".

 

ولم ينتبه الكثيرون إلى هذا حين شاهدوا المسرحية لأول مرة، ولكن بعد تكرار العرض انتبه الجميع إلى شخصية الشاعر، وكم كان أحمد زكي رائعا في تجسيدها فهو لم يهتز ولم يفقد السيطرة على أدائه رغم أنه كان محاطا بعشرات المواقف الضاحكة، وكان من الممكن أن ينساق وراء طوفان الضحك ولكنه كان ذكيا فنجح في صنع صبغة لنفسه رغم خطورة المغامرة، بحسب ما نشرته مجلة صباح الخير في 7 يوليو عام 1977.

 

أثبت بنجاحه على الشاشة أن "البطل" أو "فتى الأحلام" لا يهم أن يكون أشقر الشعر، أبيض اللون ودون جوان أو ألان ديلون، لقد نجح أحمد زكي في عدة بطولات أكدت عكس نظرية الشاب الجميل.

 

نجح أحمد زكي في أفلام "سعد اليتيم، وشادر السمك، والحب فوق هضبة الهرم" حتى ولدت حالة من الثقة بين المشاهد والفنان تبعها احترام وتقدير لأعمال فنية يشعر المشاهد أنها تحترم عقله وفكره وتسعى لحل قضاياه ومشاكله سواء بشكلها المباشر أو بالأسلوب الرمزي، وفقاً لما نشرته جريدة مايو في 12 يناير عام 1987.

 

اعتاد أحمد زكي أن يستعد لكل دور جديد يقدمه، ودولاب ملابسه يحتوي كل أنواع الملابس من قديم وجديد وأنماط مختلفة، فكل فترة يقوم بجولة في الأسواق الشعبية يختار منها بعض البدل والقمصان التي لا يتجاوز سعرها خمسة جنيهات، وقبل فيلم البيه البواب قام بشراء جلابية من حي الموسكي واشترى أيضا خف لقدميه وذلك استعدادا لأداء شخصية البواب.

 

وقال أحمد زكي لمحرر جريدة الأخبار في 19 يناير 1987: شخصية البواب هي من الشخصيات المثيرة بالنسبة لي لأن البواب الذي يتولى حراسة إحدى العمارات السكان أنفسهم يعطونه الأهمية عن طريق تهاونهم في حقوقهم، وإعطاء صفه ليست له وهي الوصاية عليهم وتدريجيا يتحول من مجرد بواب إلى البيه البواب الذي يقوم كل ساكن بشراء رضائه وبدلا من أن يخدم السكان يتحولون هم إلى خدمته، وبالنسبة لي الشخصية مليئة بالتناقضات والأداء المتنوع.

 

ثم قام المحرر بإجراء الحوار التالي:

 

تردد في الفترة الأخيرة أنك ترفض سيناريوهات دون قراءتها، فهل هذا صحيح؟

 

لا.. ليس صحيحا ولكنني أبحث عن أدوار من الواقع ترتبط بالناس بمشاكلهم تعبر عن نبض الحياة بكل صدقها ومتاعبها ومعاناتها، ولذلك اضطر لرفض سيناريوهات لا تحمل إلا قصصا تقليدية قدمتها للسينما.

 

كيف تقضي أوقات فراغك؟

 

الحقيقة وقت فراغي قليل أقضيه مع "هيثم" ابني أذهب معه إلى مسرح العرائس أو حديقة الحيوان أو المكان الذي يطلبه ثم أعود مرة أخرى إلى أعمالي.

 

وفي أكثر من حديث للنجم المصري العالمي عمر الشريف رشح النجم الأسمر أحمد زكي ليكون النجم الثاني من نجوم مصر في السينما العالمية وأكد عمر الشريف أن كل ما ينقص زكي ليأخذ مكانه في السينما العالمية هو إجادة اللغة الإنجليزية.

 

وقال أحمد زكي لجريدة الجمهورية عام 1988: لقد بدأت اهتم بنصيحة عمر الشريف الذي أعتز بتقديره لي كممثل وإن كان المهم عندي ألا أكون عالميا من خلال فيلم غير مصري، بل العكس هو أن أكون عالميا بفيلم مصري يعجب جماهير السينما في العالم ويصل بأفكاره وموضوعاته إلى مستويات الأفلام التي نقول إنها عالمية.

 

ويضيف: «أنا لا أعتقد أن الفيلم العالمي هو الفيلم الناطق بالإنجليزية أو الذي تنتجه هوليود فقط، هناك أفلام كثيرة عالمية ليست أمريكية».

 

قال له المحرر: لك فيلم مرشح لمهرجان "كان" الفرنسي، هل تنوي حضور عرضه هناك؟


قال: سأحضر إذا دخل الفيلم دائرة المنافسة على جوائز كان كما حدث في موسكو عندما دخل "زوجة رجل مهم" المناقسة على الجوائز الرئيسية.

 

أحمد زكي عبد الرحمن ولد في الزقازيق يوم 18 نوفمبر 1949، تخرج من معهد المسرح عام 1970 وانضم فور تخرجه إلى فرقة "الفنانين المتحدين"، وفي عام 1974 وقف أمام الكاميرا لأول مرة في فيلم "أبناء الصمت"، وفرصته الحقيقية على الشاشة هي التي حصل عليها مع المخرج على بدرخان والنجمة سعاد حسني في فيلم "شفيقة ومتولي".

 

تزوج مرة واحدة من الفنانة هالة فؤاد بعد قصة حب كبيرة ولكن زواجهما لم يستمر طويلا وأنجب منها "هيثم" الذي توفي في نوفمبر 2019، أما أحمد زكي فتوفى بسبب مضاعفات سرطان الرئة في 27 مارس 2005 عن عمر 55 عاما.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم