حتى لا تتحول الحرية إلى فوضى أخلاقيات المهنة والتعبير عن الرأى

منى الحديدى
منى الحديدى

منى الحديدى

تفعيلا للدعوة التى أطلقها السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسى بإعادة بناء الإنسان كمدخل أساسى لتحقيق التنمية المستدامة العادلة وتفعيل مفهوم حقوق الانسان وتحقيق جودة الحياة والمجتمع المتجانس المتفاهم فى إطار الوحدة الوطنية و» رؤية مصر ٢٠٣٠ «, يبرز أهمية الجانب القيمى والأخلاقى فى التعامل والتواصل والتعبير عن الرأى بالتأييد أو المعارضة باتباع أخلاقيات وقيم التعامل مع الغير والتعبير عن الرأى والنقد البناء فى إطار من المسئولية على كافة الأصعدة الحياتية والمهنية بما يتفق مع مفاهيم وسلوكيات وقيم الحرية المسئولة والاحترام المتبادل وعدم الإضرار بالآخرين أو المساس بأمورهم الشخصية وينطبق على ذلك الانشطة والمهن التى تعتمد على الاتصال والتواصل الانسانى كالطب والتمريض والمحاماة والتدريس والعلاقات العامة والضيافة والتجارة والبيع والشراء والسياحة والتى تلزم ممارسيها بميثاق وقسم المهنة. ويأتى الاعلام عبر وسائله التقليدية المختلفة ( صحافة وراديو وتليفزيون ) والتى تمثل وسائل التثقيف والتعلم المستمر والترفيه للكثيرين على مدى عقود متتالية عبر كافة مخرجاتها, مما جعل لها مواثيق شرف ومدونات مهنية خاصة, يلتزم بها القائمون عليها ادارة وتشغيلا وقائمين بالاتصال.
وجاءت وسائل التواصل الاجتماعى وانتشرت وسائل الاعلام الرقمى التفاعلى بما فى ذلك التليفونات الذكية كوسائل أساسية للحياة للأجيال الجديدة منذ بداية القرن الحادى والعشرين إلى جانب الاعتماد عليها للحصول على المعلومات ومتابعة الاحداث ومراقبة البيئة والمشاركة بالرأى والتعليق واستحدثت ما عرف «بصحافة وإعلام المواطن», بما أفرز بعض الممارسات السلبية والتى تحتاج إلى تضافر الجهود لتحقيق الاستخدام الآمن لتلك الوسائط على الأفراد والمجتمع.
ويبقى الاتصال الشخصى المباشر وبشكل خاص عبر المؤسسات الدينية وفى مناطق التجمعات كالمقاهى أو الأندية أو مراكز الشباب عبر قيادات الرأى الطبيعيين وبين الافراد بعضهم البعض داخل الأسرة وبين الأصدقاء والمعارف وزملاء الدراسة أو العمل وبين الرئيس والمرؤوس والعكس وبين المعلم والتلميذ فى المدرسة والاستاذ والطالب فى الجامعة من الاهمية فى حياة المجتمعات الانسانية لتسيير أمور الحياة مما يتطلب نشر المفاهيم الصحيحة للتعبير عن الرأى وأساليب الحوار والنقاش والاتصال الاقناعى من خلال وعلى سبيل المثال : الثقافة الحياتية, وثقافة الحوار البناء, والذكاء الاجتماعى, والنقد والتفكير الموضوعى, وقبول الآخر, والحرية المسئولة, وإعلاء الصالح العام عن المصالح الشخصية, والدعوة لكسب التأييد advocacy والتوجيه بعيدا عن التنمر أو الاحتقار أو التعالى أو العنف المعنوى أو المادى.
وهو ما يدعو إلى مراجعة وتدارس :
- تدريس مقررات دراسية فى كل مراحل التعليم تختص بسلوكيات التعامل وهو المتبع فى كثير من الدول بمسميات مختلفة ( morale conduite Ethics protocol ) بمكون وتوصيف مختلف يخدم الهدف والجمهور المستهدف, وبالتالى ينشأ الفرد على سلوكيات وقيم التعامل الراقى والبعد عن التطرف بكل مظاهره.
- رصد الممارسات الاعلامية بأسلوب علمى منهجى من خلال المراصد الاعلامية المتخصصة فى المؤسسات المعنية كالمجلس الاعلى لتنظيم الاعلام فيما يخص القواعد المهنية والاخلاقية, والذى وفقاً لاختصاصاته يصدر تقاريره الدورية بشفافية ( تقارير المتابعة الاعلامية, الشكاوى ) والمجلس القومى للمرأة فيما يخص المرأة, والمجلس القومى للأمومة والطفولة فيما يخص الطفل والأسرة لتفعيل مواثيق الشرف الإعلامى والإعلانى والمدونات والأكواد الأخلاقية للمؤسسات, وكذلك رصد الخروج عن القواعد المهنية والاخلاقية ومحاسبة الخارجين عنها مقابل تشجيع ومكأفاة الملتزمين.
- الاهتمام بتدريس التشريعات الاعلامية ومواثيق الشرف الاعلامى والاعلانى بكليات ومعاهد وأقسام الإعلام وبمراكز التأهيل والتدريب الإعلامى.
- إدخال مقررات وأنشطة تعليمية تدعم التربية والثقافة الاعلامية بين النشء media education بما يحقق الاستخدام المرشد للوسائل الاعلامية التى تزدحم بها الساحة فى عصر يمكن وصفه بالانفجار الاعلامى يجمع بين المفيد والمسيء, المقنن وغير المقنن.
- توسيع نطاق اهتمام جمعيات حماية المستهلك لتشمل الحماية من الغش والتزييف الفكرى والثقافى والعنف المعنوى والنفسى ونشر الاكاذيب والشائعات إلى جانب الغش التجارى والمادى.
- اهتمام النقد الاعلامى صحفيا وبرامجيا بتقييم موضوعى علمى للمضمون والشكل الذى تقدم به الرسائل الاعلامية والفنية بما فى ذلك الدراما والاغانى والاعلانات.
- تفعيل دور النقابات الصحفية والاعلامية والفنية واتحادات الكتاب لتشكيل ثقافة التعامل والاستخدام الآمن لتكنولوجيا العصر بما يعلى من فوائدها ويقلص من أضرارها.
آملين أن يستشعر كل منا المسئولية فالكلمة والتصرف ولغة الجسد body language خاصة فى عصر ثقافة الصورة تحمل رسائل وتكون صورا إعلامية وانطباعات, ومؤكدين أن حرية الرأى والتعبير فى الإعلام المقنن والإعلام الشخصى هى حق دستورى وقانونى أصيل من حقوق المواطن فى إطار من الأخلاقيات المهنية والمجتمعية وإلا تحولت إلى فوضى وعنف وإرهاب.