انهيار القصبجي.. محروم من التلحين والعلاج بسبب «المجاري» 

القصبجي برفقة أم كلثوم - أرشيفية
القصبجي برفقة أم كلثوم - أرشيفية

فضل أن يظل جالسا على مقعده الخشبي خلف "أم كلثوم" محتضنا عوده لأكثر من 40 عاما حتى آخر يوم في حياته، متمسكًا بأن يكون عضوا كباقي أعضاء فرقتها وهو الموسيقار الكبير الذي أثرى الموسيقى العربية بالعديد من الأعمال التي كانت سببا في تطورها، إنه  الموسيقار العملاق محمد القصبجي.


        
هو عالم وفيلسوف الفن وسبق زمانه في التلحين الموسيقي، وألحان القصبجي رغم مرور أكثر من 70 عاما على ولادتها إلا أنها لا تزال تحظى بحب وإعجاب الجماهير ومن هذه الألحان: "أنا قلبي دليلي وأضحك كركر ويا صباح الخير يا اللي معانا".

 

لحن لنجوم الطرب في عصره، بدءا من منيرة المهدية وصالح عبدالحي ونجاة علي، مرورا بليلى مراد وأسمهان، وانتهاء بكوكب الشرق أم كلثوم.

 

كان القصبجي أحد أضلاع المثلث الذهبي الذي ضمه مع زكريا أحمد ورياض السنباطي ليطلق صوت كوكب الشرق "أم كلثوم" وقد عشق العزف على آلة العود في فرقتها ليظل بجوارها، حتى أنه عندما مات في نهاية الستينات ظلت "أم كلثوم" محتفظة بمقعده خاليا خلفها على المسرح تقديرا لدوره ومشواره معها.

 

اقرأ أيضًا| أم كلثوم في المغرب.. «تجلس على الشلت وتأكل خروف»

 

سيد المظلومين محمد القصبجي ظلم لأنه لم يكن اجتماعيا مثل رياض السنباطي أو زكريا أحمد، بالإضافة إلى أنه لم يرض عن اللحن غير المخدوم ويرفض تقديمه لأي مطرب.

 

وظل طوال حياته يعيش في حارة الطوبجي ولم يغادرها ولم يقتن سيارة وكانت حياته عبارة عن سلسلة من الأزمات والمعاناة رغم نجاحه وشهرته، فبرغم أنه لم يكن يجيد أن يتحدث عن نفسه إلا أن أعماله هي التي كانت تشهد له بالإبداع الفني.

 

ومن المواقف الغريبة التي مر بها القصبجي كما نشر في أخبار اليوم في 5 سبتمبر 1964 أنه أصبح في هذه الفترة منقطعا عن العالم، فهو لا يستطيع أن يغادر منزله، ولا يستطيع أي فنان أو فنانة ممن يلحن لهم الأغاني أن يصل إليه، فلقد "طفحت المجاري في منزله وتحولت المنطقة إلى بحيرة".

 

واستغاث الفنان الكبير بالمسئولين ولا مجيب، وعندما أصيب بأزمة حادة بسبب قرحة في الأمعاء استدعى الطبيب لعلاجه فحضر الطبيب ولكن تعذر عليه اجتياز بحيرة الصرف الصحي فعاد إلى العيادة واعتذر له وترك القصبجي يعاني من الألم.

 

اشتهر القصبجي بالحرص والانطواء في حين أنه على النقيض في التفكير وانطلاقه في العمل، فعندما ضاقت أوتار عوده بأنغامه اخترع عودا جديدا، وعندما ضاقت أوزان الأنغام عن وجدانه اخترع أوزانا جديدة.

 

ولد محمد القصبجي عام 1892، ونشأ في عائلة فنية حيث كان والده أحمد القصبجي مدرسا لآلة العود وملحنا لعدة فنانين، ونما لدى القصبجي حب الموسيقى منذ صغره، ولكنه ألتحق بالكتاب وحفظ القرآن ثم انتقل إلى الأزهر ودرس اللغة العربية، ثم ألتحق بعد ذلك بدار المعلمين وتخرج منها معلما.

 

اشتغل بعد تخرجه في مجال التعليم ولكنه لم ينقطع عن الموسيقى فتمكن من إتقان العزف والتلحين وبدأ يعمل في مجال الفن، توفى في 26 مارس 1966 عن عمر 74 عاما.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم