من «زواج ماريتا» لـ«الطالبة يسرا».. هروب الفتيات «لغز» يتحول لفضيحة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ما بين خوف وقلق وتردد، تبدأ أسرة الفتاة أو السيدة التي تتغيب عن منزلها في الصعيد، البحث عنها على استحياء شديد، خشية الفضيحة و "القيل والقال"، والتعرض للسمعة بشكل أساسي مع كل واقعة، مما يزيد هموم الأسرة التي تكون مكلومة على أمرها، هل تبدأ في الإعلان عن " الفضيحة" على حد قولهم، أم تصمت طويلا وتتحرك ببطء للبحث عن المتغيبة.

اقرأ أيضًا| قرار النيابة العامة في واقعة مصرع طفلين حرقًا داخل عشة بقنا | صور 

كل هذه التساؤلات، لم تخرج من الغرف المغلقة، التي يتداول فيها أقرب المقربين للحالات المتغيبة، الاقتراحات فيما بينهم، كيف سيبدأون خطة البحث عن ذويهم ؟ التفكير في البداية لا يكون عن عودة المتغيبة، وطريقة البحث عنها بقدر كيفية النجاة من الفضيحة، حتى يقودهك تفكيرهم في النهاية، إلى اللجوء إلى الشرطة لتحرير محضر بالواقعة، ثم يبدأون البحث عنها في كل مكان، عن طريق الأصدقاء في مكالمات اشبه بالسرية، وبعد أيام من البحث يلجأون إلى نشر صور المتغيبة على صفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعد أن فاض بهم الكيل، ولكن ما بين مؤيد وأكثرهم معارض للأمر.

خوف المتغيبة من العودة، بعد اتخاذ قرار الهروب، يلجأ إلى خوفها من القتل أو بطش أسرتها بها، خاصة بعد تردد الشائعات حول غيابها، التي غالبا ما تدور حول سمعتها، و"دفنت رأس ناسها في الطين "

عدة وقائع شهدتها محافظة قنا، خلال الآونة الأخيرة، كانت تمثل حالات من الرعب والقلق للجميع، خاصة في ظل ما يتردد فور معرفة خبر تغيب فتاة أو سيدة، فدائما أول ما يدور في الأذهان، الخطف ، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى حالة لا وصف لها، من الجميع، إلا أن الأجهزة الأمنية يكون لها رأي آخر غالبا ما يطمئن الجميع، وهو أن السبب تغيب وليس خطف، وأن هناك خلافات عائلية السبب في تغيب أو هروب الفتيات من مشاكل تلاحقهم أو ربما يهربون تحت شعار " الحب المزيف" الناتج عن علاقات عبر فيسبوك.

حكاية لمياء
لمياء، إحدى السيدات التي تغيبت في الفترة الأخيرة، وذاع صيتها، خاصة بعد أن تدخلت قيادات شعبية وأمنية لحل اللغز، وبعد أن طرقت أسرتها كافة الطرق في البحث عنها، ظهرت في فيديو مع أسرة صديقتها في المنصورة، تروي الأسرة ما حدث.

ووفقا للرواية، فإن لمياء، تزوجت من شاب، كان دائما ما يتعدى عليها بالضرب، وفي كل مرة تعود إلى منزل والدها، يحاول والدها إعادتها لمنزل زوجها، وتكررت هذه المواقف كثيرا، إلا أنه في المرة الأخيرة ، لم تستحمل، وهربت من القرية، واستقلت القطار، وذهبت إلى صديقتها في المنصورة، وخشية تعرض ربة المنزل للأقاويل ، لجات أسرة صديقتها لإعلان ما حدث عبر فيديو على فيسبوك، وعادت مرة أخرى للمنزل، بعد أيام من تغيبها عقب تعهدات بحسن معاملتها.

الشابة مارتينا
لم تكن قصة لمياء هي الوحيدة، بل هناك قصص أخرى، منها تغيب مارتينا ، 33 عاما، وابنتها البالغة من العمر عامين، بعد خروجها لتوقيع الكشف الطبي، ولم تعد هي أو رضيعتها.

التحريات أثبتت أن ربة المنزل قبل خروجها هي وطفلتها جمعت مصوغاتها و ملابس،  وتركت المنزل بسبب خلافات عائلية، وأن هذه ليست المرة الأولى، بل سبق أن تركت المنزل منذ 3 سنوات،  وبعد البحث عنها تبين سفرها للقاهرة، بسبب خلافات عائلية.

الطالبة يسرا
وفي واقعة أخرى، حمل الأب المقيم بأسيوط صورة ابنته الطالبة يسرا ، وبدأ في رحلة بحث عن ابنته في جميع الأماكن، حتى التقينا به في نجع حمادي، مردفًا: وأخبرنا أن ابنته ربما تكون تعاني من مرض نفسي، يضطرها للهروب من المنزل، ولكن كل أمله الوحيد هي عودتها.

رحاب هاني
أما واقعة رحاب هاني، فلقد ذهبت إلى منزل خالتها، وهربت منه ، بسبب خلافات عائلية، قادتها في النهاية إلى ترك المنزل، وهي قصة مشابهة إلى قصة الطالبة شهد، التي هربت إلى القاهرة، وعادت أيضا.

خروج هالة
وفي واقعة غريية، خرجت هالة برفقة نجلتها البالغة من العمر 3 سنوات، للذهاب إلى أحد الأطباء، لتلقي العلاج، انتظرها الأهل ولم تعد، بدأ الجميع يبحث عنها في كل مكان، واستخدموا كافة الوسائل والطرق للعثور عليها وعلى طفلتها ولكن دون جدوى.

وأثناء الانتظار والبحث، تلقى شقيقها اتصالًا من مجهول، بأنه خطف شقيقته ونجلتها ، ولن يتركهن  إلا بعد دفع 200 ألف جنيه، فدية لإطلاق سراحهن، الأمر الذي بث الرعب في قلوب الأهل والأقارب، خشية أن يلحق ضرر أو أذى بالمخطوفين.

بحث الجميع وقتها عن طريقة سريعة للخروج من هذه المصيبة، وأبلغوا الأمن بما حدث ، حيث توجه شقيقها محمد.م.ا، عامل، إلى مركز أبوتشت، وأبلغ بما حدث، موضحًا أن شقيقته هالة ، خُطفت، من مجهولين وطلبوا فدية لإطلاق سراحها.

جهود الأمن
وبدأت الأجهزة الأمنية بتكثيف جهودها، لكشف ملابسات الواقعة، وتوصلت التحريات، أن المبلغ باختطافها، خرجت برغبتها واستقلت القطار المتجه للقاهرة للقاء أصدقاء لها تعرفت عليهم عبر فيسبوك.

التحريات أوضحت أن ربة المنزل المبلغ باختطافها، زوجها يعمل في الخارج، لكسب قوت يومه حتى يستطيع أن ينفق على زوجته وأسرته، وأنها تشعر بالوحدة لغياب زوجها، واعتادت على لقاء اصدقائها على الفيس بوك للسمر و الفسحة معهم. 

وبتتبع خط سيرها، حيث بدأت بلقاء صديقيها "عصام.م.س"، و"رضا.ش.م" في بنى سويف، وفي اليوم التالي استقلت القطار حيث تعرفت على "السيد.ع.س"، وظلت معه فى مدينة العاشر من رمضان، وفي طريق العودة التقت مع "إمام.س.ح" سائق من سوهاج، وكانت أموالها قد نفدت فاقترح عليها ادعاء اختطافها، وطلب فدية من أهلها وبالفعل اتصل المتهم بأسرتها من تليفونها المحمول وطلب مبلغ 200 ألف جنيه فدية. 

وتمكنت أجهزة الامن من تحديد مكانها وضبطها في منزل السائق بسوهاج، وتم التحفظ على المتهمين وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.

سر الهروب
 سيد عوض، أستاذ علم الاجتماع، ، أوضح أن هروب الفتاة أو السيدة، من منزل أسرتها، جريمة كبرى خاصة في حق المجتمع الصعيدي، المعروف بالعادات والتقاليد.

ويتابع : معظم الجرائم التي حدثت، كانت بسبب خلافات عائلية، منها انفصال الأبوين، الظروف المعيشية، منها عدم الاهتمام سواء بالفتاة أو ربة المنزل من الأسرة، التعدي بالضرب، وصعوبة الزواج بسبب الغلاء في المهور، مما يجعل الفتاة تلجأ لتكوين علاقة مع شاب للهروب معه، وهي أسوأ الحالات وأخطرها والتي ترتبط بالفضيحة والعار وأحيانا للقتل.

احتواء الفتيات
ويطالب أستاذ علم الاجتماع، الأسرة باحتواء الفتيات وربات المنازل، فليس من العيب أن تزامل الأم ابنتها، وتراقبها وتحكي معها عن أسرارها، فالاحتواء في لحظات معينة تمنع الجريمة قبل ارتكابها، فالاحتواء يمنع من يفكر في الانتحار في تنفيذ فكرته، وايضا يمنع الفتاة أو السيدة من الهروب.

محاضر الشرطة
وقال مصدر أمني، إنه نادرا ما تسجل محاضر الشرطة، وقائع اختطاف، وأن كل ما يثار فور اختفاء الفتاة أو السيدة بأنها تعرضت للخطف ليس صحيحا، وتتحرك الأجهزة الأمنية بسرعة في مثل هذه الوقائع، لأنها ربما تنتهي بجريمة، لما تمثله من عار على الأسرة، وسرعان ما يتم العثور على المتغيبة، وتعود للمنزل بعد أيام من البحث والحيرة والقلق.

ورجح المصدر، أن الخلافات الأسرية ووسائل التواصل الاجتماعي، ساعدت في انتشار مثل هذه الوقائع، وتتكاتف جميع الأجهزة المعنية في الحد من هذه الوقائع، التي مهما كان تمس عادات وتقاليد المجتمع الصعيدي.