عاجل جدا

الخلع، وقلب الحقائق

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

لا أعرف لماذا يصر البعض فى هذا التوقيت - ونحن نناقش قانون الأحوال الشخصية - على قلب الحقائق، والربط بين زيادة حالات الطلاق، وبين قانون الخلع الذى أعاد للمرأة حقا إنسانيا شرعه الله، بعدم إجبارها على العيش تحت سقف واحد مع زوج تبغضه.
 وكان أغرب ما سمعته منذ أيام، هو رأى أحد المحامين أصحاب الصوت العالى، وهو يصرخ متشنجا ومؤكدا «بالفم المليان» فى أحد البرامج التليفزيونية، أن قانون الخلع هو المسئول عن إصابة الأسرة المصرية بالتفكك والانهيار.
 وسؤالى للمحامى ممثل العدالة، ما هو البديل العادل الذى تطرحه سيادتك للحفاظ على استقرار الأسرة، هل هو إجبار الزوجة على العيش مع زوجها فى بيت واحد كرها وذلا؟! وهل يمكن أن تنعم الأسرة بالاستقرار، إذا كانت الزوجة - وهى أحد أطراف الأسرة - تعيش مع زوجها مجبرة كارهة، وهل حياة الأبناء فى مناخ تسوده الكراهية بين الأبوين هى حياة صحية، وكيف تستطيع هذه الزوجة المجبرة أن تسعد أبناءها، أو زوجها، أم أنها ستجبر أيضا على إسعاد زوجها رغما عنها؟!
 الزوجة بلا شك لا تلجأ للخلع والتنازل عن حقوقها المالية والشرعية، إلا إذا كانت كارهة لزوجها ولحياتها معه، ولا حل أمامها إلا أن تفتدى نفسها كما حدث فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 وبالمناسبة، الزوجة فى حالة الخلع تتنازل بالفعل عن كل حقوقها، ولا يحق لها إلا المطالبة بقائمة منقولاتها الزوجية، وهى دين فى ذمة الرجل، ونفقة الأطفال ومسكن الحضانة، وهما حق للأطفال لا يسقط سواء بالطلاق أو الخلع.
 وحتى لو كانت معدلات الطلاق قد زادت بعد قانون الخلع، فهذا لا يعنى أن الخلع هو السبب، لكن الطلاق يحدث نتيجة أسباب أخرى تؤدى لسوء العشرة وتجعل الحياة مستحيلة لدى أحد الطرفين أو كليهما.
 ورغم أن الخلع حق مشروع للمرأة، ولا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وأقره الرسول لمجرد كره المرأة لزوجها، إلا أن أصحاب النظرة الذكورية المتسلطة يعتبرونه صداعا فى رأس الرجل يحد من سلطته فى الطلاق، والتى يريدها سلطة مطلقة حتى لو على حساب كرامة الزوجة وإرادتها.
 كلمة أخيرة، قانون الخلع الإجبار على الاستمرار فى حياة بالضغط والإكراه.