من بعيد

مسئولية يوسف

محمد رمضان
محمد رمضان

«يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ».. ربما لم يرزقنى الله نبيًا كالقمر الثانى للأرض «نبى الله يوسف» لكن وهبنى من الرزق الأبوة ما أدعو به أن يصبح رحيمًا بأمه وبي، وأن يكون له من اسمه نصيب ويحمل من العلم ما ينير طريقه.
المسئولية.. إحساس مرعب.. فوق الثلاثين أو تحتها بقليل.. فكل مجهول مخيف.. وشعور قطعة اللحم «الحمراء» التى لا تكف عن الصراخ أشد رعبًا وأكثر إزعاجًا.
أسابيع كاملة من البكاء بلا سبب.. مخلوق ينطق صوتًا غير مفهوم ولا يسمع لأحد.. جوعه بكاء ونومه يأتى بعد بكاء واستيقاظه من النوم ببكاء.
سنة أولى مرت من الاختبارات فى كل شيء.. «كيف تحمل الصغير؟.. الطبيب الأفضل.. كيف تختار التكشيرة؟.. شهور متتالية من «وطى صوتك».. سنة كاملة من محاولات استيعاب الضيف الجديد.. أو قل بشكل أدق: «صاحب البيت الجديد».
شتاء 2021.. أتم يوسف عامه الثالث.. وقُل عنه إن شئت: ثلاث سنوات من مُتعة المسئولية.. 72 شهرًا متتالية من البحث عن طرق السعادة لمصدرك فى السعادة، 2160 يومًا طرقًا لأبواب الرزق من أجل يوسف.
يوسف يعني..
أن تربى نفسك من جديد قبل أن تربى ابنك.. أن تبحث عن التفسير النفسى لكل فعل قبل أن تبوح برد فعلك.. أن ترى نفسك من جديد ويعيدك لسيرتك الأولى.. أن تتخلى عن حقوق الغضب.. أن تحب ما يحبه ابنك.. وأن تجرى فى الشارع إن لزم الأمر.. أن تبحث عن إجابة لأسئلة غير منطقية وغير وجودية.
فى جنة يوسف.. روح طيب أوله رحمة وريحان أوسطه أجمل ابتسامة.. ونعيم فى استيقاظه بابتسامة وقبل نومه بقبلة.. وفى بركان صحيانه فى جوف الليل «ضحكة».. فى تقليده لى متعة وفى نطقه للحروف تحرر من كل قواعد اللغة.
الزواج.. رحمات وأزمات ومسئوليات.. أحلاها يوسف وأسوأها غياب الرحمة.. أشدها عذاب فى «دور برد» وأحنها فى «حضن».. المسئولية دروس تتجرع بعضها وتعشق البعض الآخر.
الأبوة.. أن تصبح مسئولا بلا مسئوليات.. أن تتعلم الصمت كثيرًا.. وأن تتحول إجاباتك لابتسامة.. وأن أفضل النعم هى الستر، وأن يومًا فى صحة وعافية وسط أهلك بالدنيا وما فيها، وأن كثرة الشكوى تثقل القلب، وأن الصبر أحد كنوز الحياة.