التليجرام وتطبيقات الألعاب الإلكترونية وأخيرا «كلوب هاوس» أهم وسائل التواصل بين الجهاديين والتكفيريين

الإرهاب «أون لاين»

الأرهاب أون لاين
الأرهاب أون لاين

- «الأخبار» تحصل على نسخة من مجلة «المجاهد التقنى» لتعريف الإرهابيين طرق تشفير رسائلهم

- كتيبة «أبو هاجر المصرى» تتولى نشر فيديوهات تفتخر بتدريب الأطفال على سفك الدماء وخطف النساء على يد التنظيم فى الدول العربية

- مقاتلو داعش يصرخون من نقص وتأخر رواتبهم على «تليجرام»
- «كلوب هاوس» تطبيق لا يمكن لمستخدمى أندرويد الدخول إليه ومخصص لحاملى «آيفون» وبدعوة مخصصة لغرف الدردشة

- «أسرار المجاهد».. أداة تقنية تخفى محتوى بعض الصور ومقاطع الفيديو والرسائل

 

تحطمت أوهامهم البغيضة  فى إقامة دولة إرهابية على أرض مصرية، وانهارت جحورهم فوق رؤوسهم ففروا كفئران مشتتة فى الصحراء يبحثون عن مأوى بعدما تخلى عنهم داعموهم بالأموال والعتاد، عانوا التيه والضياع بعدما أغلقت فى وجوههم أبواب الإمدادات التى كانت ترسل إليهم من أجل قتل أهالى المحروسة وزعزعة الأمن والاستقرار خاصة فى سيناء التى حاولوا السيطرة عليها وباءت محاولاتهم بالفشل الذريع بفضل الجنود البواسل وحكمة القيادة السياسية التى لم تتوان فى حق أرضها وحماية أبنائها، ولكن طيور الظلام تحاول بأى وسيلة وثمن استقطاب المزيد من الشباب إليها وكذلك بث الأكاذيب والفتن، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال المشفرة من أجل ارتكاب أعمالهم الإجرامية وهو ما تقف  له الدولة أيضًا بالمرصاد.. حرصت «الأخبار» على متابعة أبرز التطبيقات الإلكترونية – على مدار شهر- التى تستخدمها الجماعات الإرهابية لنشر الأكاذيب، والتواصل بين أفرادها للاتفاق على مزيد من العمليات الخسيسة التى تستهدف المواطنين وتحاول بث الرعب وكذلك يناقشون عليها مشاكل الأفراد المنضمين لتلك الجماعات والتى يقف على رأسها مشكلة نقص التمويل وتأخر رواتب المقاتلين فى صفوفها.

 

يقع على رأس التطبيقات والأشهر تطبيق «تليجرام» والذى ذاع صيته فى الآونة الأخيرة خاصة بعد حذف «تويتر» بعض التغريدات لمستخدميه بحجة أنها تتعارض مع سياساته، فشهد هجرة من نشطاء مواقع التواصل إليه، وتصفح بعض المجموعات التى تتواجد عليه وجد ما يسمى بـ مجموعة «ولاية سيناء» والتى ينضم إليها عدد من المستخدمين معظمهم كما يزعمون يعتنقون الفكر التكفيرى بحسب منشورات لهم مسيئة للدولة المصرية، بل ويشيدون بما تصدره المؤسسة الإعلامية التى تتولى نشر أخبار داعش ويتزعم فرعها فى مصر كتيبة «أبو هاجر المصري» ويستشهدون بأحاديث مفسرة حسب كبار زعماء الإرهاب الذين يقودونهم لنشر الخراب فى البلاد العربية.


هذا جانب مما يتم مناقشته على مجموعات التليجرام، فهناك مجموعات أخرى لمقاتلي داعش فى كل البلدان التى يتواجدون فيها خاصة سوريا والعراق وبعض من يريدون التواجد على أرض سيناء بأى شكل وبأى ثمن، والأدهى أنهم يهددون قياداتهم بالانسحاب من القتال بسبب تأخر صرف رواتبهم – وهذا بحسب ما رصدته الأخبار- بعد متابعتها على مدار شهر تلك المجموعات وما يدور بداخلها، وبسبب تشديد الإجراءات الأمنية فى الكثير من المناطق العربية وكذلك تجفيف منابع ضخ الأموال بعد القبض عليها أصبحوا يصرخون من عدم وجود أموال تكفى عيشهم فى المدن التى انتقلوا إليها وهم أغراب عنها لأنهم «مرتزقة» لا يبتغون دين أو شرف ولا يوجد لديهم قضية للدفاع عنها.


مقاطع فيديو تظهر أفرادا من داعش يفجرون منشأة تتبع ثكنة عسكرية فى سوريا أو ليبيا أو العراق، ترى من المنضمين على تلك المجموعات من يهلل ويكبر فرحًا بهذا المشهد الدموى الذى يظهر مدى الإجرام والتوحش بل ويستشهدون بآيات من القرآن يفسرونها على هواهم ويحللون الحرام ويحرمون الحلال، ومقطع آخر يظهر بعض المجاهدين وهم يسلبون النساء غير المسلمين ويأخذونهم بجبال سوريا ليتم استعبادهن بشكل وحشى وأحيانًا قتلهن، ومقاطع أخرى تظهر الأطفال أثناء تدريبهم على حمل السلاح حتى أصبحوا قنابل موقوتة ينشأوا على سفك الدماء وبأفكار متطرفة، يزرعون فيهم روح الانتقام، وهذا بالفعل ما يتم تداوله أيضًا من خلال تلك المجموعات الذين يشجعون الأطفال ويضعون تعليقات مثل «تبارك الله» أحسنتم على صور لأطفال يقتلون.


كلوب هاوس
ظهر تطبيق «كلوب هاوس» بعد انتشار جائحة كورونا وتضييق نطاق المقابلات بين الأفراد وحظر التحركات بشكل كبير فى العالم، وقد حظى بانتشار كبير فى فترة وجيزة، وهو تطبيق يمكن الأشخاص من إجراء مقابلات ونقاشات جماعية من خلال غرف مخصص لها دعوات، «ومخصص للدردشة الصوتية للمدعوين، تم إطلاقه فى عام 2020 ولا يحتوى «Clubhouse» على الرسائل النصية المعتادة، وتتم جميع الاتصالات باستخدام الصوت فى الوقت نفسه، حاول المطورون التأكد من عدم إمكانية تسجيل المحادثات، لكن هذه ليست السمة المميزة الوحيدة للشبكة الاجتماعية الجديدة.


فكرة التطبيق قائمة على النقاشات وغرف الدردشة والتى تسمح لأى أفكار مهما كان مصدرها من التواجد بين المجموعات، وفى حالة الشباب صغير السن والمراهق، يمكن لمثل الأفكار الناشزة والغريبة من هدم الأفكار التى يزرعها المجتمع والأسرة من قيم وأخلاق وعقيدة، وهو ما يمثل خطورة على مستخدمى التطبيق، فقد تجد غرف يتم نقاش الدين فيها بأفكار شاذة قد تسبب التشتيت والتشكيك لضعاف النفوس، وكذلك هناك من يناقش مشاكل عرقية وكذلك بعضها أحاديث قد تكون غير أخلاقية، ومن هنا قد يستقطب الإرهابيون الشباب من خلال جذبهم باسم الدين والعقيدة وهو القناع الذى يتخفون ورائه دائمًأ، الطريقة الوحيدة لتسجل فى التطبيق هى أن تتلقى دعوة من شخص لديه حساب فى «كلوب هاوس».


فى حالة وصلتك الدعوة وقمت بالتسجيل فيه، فسيمنحك التطبيق عددا معين من الدعوات لتوزيعها على من تريد، ويمكنه أن يمنحك دعوات أخرى إضافية من وقت لآخر، ولو كنت من مستخدمى (الأندرويد) فلن تجد التطبيق فى متجر التطبيقات، وذلك لأن تطبيق كلوب هاوس متاح فقط لمستخدمى نظام (IOS)، أى الآيفون والآيباد فقط. وكان الرئيس التنفيذى للتطبيق باول ديفيدسون قد صرّح بأن التطبيق سيكون متاحاً لمستخدمى الأندرويد فى وقت قريب.


المجاهد التقنى
لا يتوقف الأمر عند التطبيقات المطروحة فقط على متجر الألعاب الخاص بالأجهزة الإلكترونية لاستقطاب الشباب وبث الفكر المتوحش المتخفى وراء ستار الدين والإسلام، لكن يجتهد يوميًا أفراد تلك الجماعات الإرهابية فى إيجاد وسائل وأدوات خاصة بهم تمكنهم من تحقيق أغراضهم الإرهابية بعيدًا عن الرقابة الأمنية المشددة والتخفي، ولعل بعض تلك الطرق مجتمعة فى مجلة دورية تصدر باسم «المجاهد التقني» من خلال مركز الفجر للإعلام الذى يؤكد فى منشوراته الإلكترونية أنه –يبايع أى جماعة جهادية – بحسب وصفه- لتجنيد الأفراد المقاتلين فى التنظيمات التى تحمل عقيدة أهل السنة والجماعة- ويعد من أبرز الكتاب فيه أيمن الظواهري.


بدأنا فى تصفح المجلة لمعرفة المحتوى الذى يدور فيها، وبالفعل وجدنا بعض الأدوات الإلكترونية التى يشرحها كتاب مختلفون متخصصون فى التقنيات الحديثة لتعريف أفراد الجماعات الإرهابية بطرق مختلفة لتشفير المحتويات الخاصة بهم سواء بإرسالهم بعض الصور المموهة أو المشفرة ولا يظهر محتواها إلا للمرسل إليه وحتى مع وجود مراقبة لا تظهر، وكذلك تشفير مقاطع الفيديو والرسائل الصوتية واستخدام كلمات معينة بمدلول خاص بين الطرفين.


الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تحتوى المجلة أيضًا على طريقة إنشاء موقع جهادى من الألف إلى الياء، وكاتب المقال يدعى «أبو دجانة المكي»، وبعد سرد طرق إنشاء المواقع مع مراعاة تأمينها حتى لا يتم إغلاقها أو تشفيرها، تسرد المجلة أيضًأ أنواع الأسلحة التى يستخدمها الإرهابيون فى تلك التنظيمات التى أعلنت المجلة أنها تبايعها، كما أنها فى كل عدد تتناول نوع معين من الصواريخ وتسرد كيفية استخدامه ومدى تأثيره وقوته وكيفية توجيهه إلكترونيًا باستخدام البرامج الحديثة من بعد، وأيضًا أنواع المقذوفات.


المركز الإعلامى الإرهابى يقدم طرق ترجمة مقاطع الفيديو التى يصورها مقاتلو الإرهاب وكتابتها أسفل تلك المقاطع لتعريف العالم وإخافته من مدى الوحشية التى وصلوا إليها، ولم يغفلوا أيضًا الأطفال من هذا الإجرام بل هناك فصل من المجلة يدعى المقاتل الصغير لتعريف الأطفال كيف يستخدم تلك الأدوات بشكل مبسط.


يشير وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، إلى الخطورة الكبيرة التى تشكلها هذه التطبيقات، فهى خارجة تماماً عن السيطرة، مما يعطى الفرصة لاستخدامها فى أعمال إجرامية منا الاتفاقات والاجتماعات الخاصة بالجماعات الإرهابية وغيرها.


ويؤكد حجاج، أن مثل هذه البرامج بعيدة عن الرقابة، حيث تعتمد على الغرف المغلقة التى لا يمكن دخولها إلا بدعوة خاصة من مستخدم التطبيق، مشيراً إلى أن تطبيق مثل «كلوب هاوس» تضم الغرفة الواحدة منه أعدادا تصل إلى 5 آلاف حساب، ولكن لكل حساب إمكانية دعوة شخصين فقط للدخول إلى الغرفة، وبالتالى يتم استخدامها بنظام «شبكي».


ويضيف خبير أمن المعلومات، أن هناك أعدادا كبيرة من هذه البرامج منها ما يعمل فقط على هواتف «أيفون» مثل تطبيق «كلوب هاوس»، ومنها الأكثر انتشارًا مثل «تليجرام»، وعند تصنيف أكثرهم خطورة يحتل الأكثر انتشاراً المرتبة الأولى نظراً لسهولة استخدامه وتواجده ببساطة على جميع أنظمة الهواتف.


ويشدد حجاج، على أن الجماعات الإرهابية والإجرامية يمكن أيضاً أن تستخدم برامج أخرى غير معروفة وبعيدة عن الأضواء كوسيلة للتواصل تكون غير متوقعة ويصعب تتبعها أو اختراقها.. ولكن يظل «تليجرام» فى مقدمة هذه التطبيقات ويتم الاعتماد عليه بشكل كبير.
«مجاهد سيكريت» أو أسرار المجاهد، تعتبر أبرز أداة يتم استخدامها من قبل تلك الجماعات فهى الأسهل والأبرز فى قاموسهم الإلكترونى الخاص، فهى الأضمن على حد وصفهم وتعتبر الأكثر استخداما، فى تشفير محتوى رسائلهم والصور المتداولة بينهم وكذلك مقاطع الفيديو وحتى الرسائل المكتوبة.


استغلال إجرامى
وتقول د. سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع الجنائي، إن هناك حالة من الاستغلال الإجرامى لتطبيقات التواصل الاجتماعي، بدلاً من استغلالها بالشكل الأمثل الذى يعود بالنفع على المجتمع، فأصبحت الآن تطبيقات مثل «تليجرام» وغيرها، تشكل وسيلة للمجرمين والإرهابيين للتواصل فيما بينهم، وبث الأفكار الشاذة التى يمكن أن تستقطب ضحايا من الشباب يقعون فريسة لهذه المخططات، مما يمثل مشكلة اجتماعية خطيرة.


وتابعت بأن المجتمع فى حاجة إلى ما يسمى بثقافة الانتقاء، فهناك نوع من العشوائية والفوضى على هذه التطبيقات، وإهدار للوقت، ومخاطر كبيرة تتمثل فى استخدام جماعات خارجة عن القانون لهذه التطبيقات كوسيلة لنشر الفوضى والخراب، لذلك هناك دور كبير يقع على تنمية الوعى والعمل على استغلال هذه الوسائل بالشكل الإيجابي، وتضييق الخناق على من يستخدمها فى التواصل لأغراض تخريبية وإرهابية.


وتشدد «فايد» على ضرورة وجود مشروع ثقافى شامل يقع الدور الأكبر فيه على وزارة الثقافة، من أجل معالجة المشكلة من منابعها، وتشكيل وعى كيفية التعامل الأمثل مع تطبيقات التواصل الاجتماعي، كذا ثقافة انتقاء الإيجابى والابتعاد عن السلبي، ومن جانب آخر مواجهة الدولة للجانب المظلم من هذه البرامج ومحاربة استخدامها كوسيلة للتواصل بين الإرهابيين والمتطرفين والعناصر الإجرامية.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي